معرض الآن تروننا: 400 عام من الفنانات المنسيات

27 سبتمبر 2024
من معرض "الآن تروننا" (يوتيوب)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- ماري بيل ومعرض "الآن تروننا": ماري بيل (1633-1699) كانت رسامة بورتريه إنكليزية معروفة، تعرضت للتهميش في تاريخ الفن. يسعى معرض "الآن تروننا" في تيت غاليري بلندن إلى رد الاعتبار للفنانات الموهوبات، ويستمر حتى 13 أكتوبر 2024.

- تاريخ الإبداع النسوي: يغطي المعرض 400 عام من الإبداع النسوي، ويعرض أكثر من 150 عملاً لفنانات مثل ماري بيل وأنجليكا كوفمان، مسلطاً الضوء على كفاحهن من أجل المساواة.

- أهمية الأعمال النسوية: يضم المعرض لوحات مجهولة لعقود، ويبرز أهمية الأعمال الفنية النسوية في مجالات مثل رسم الطبيعة الصامتة والبورتريه، مشيداً ببراعة فنانات مثل أرتميسيا جنتيلسكي وسارة بيفين.

كانت ماري بيل (1633 ــ 1699) رسّامة بورتريه إنكليزية ماهرة ومعروفة في عصرها بين عددٍ محدود من الفنانات المحترفات في لندن، غير أن بيل تميّزت عن غيرها من الفنانات الأخريات بحبها للكتابة. من بين مؤلفاتها كتاب "خطاب عن الصداقة"، ويضم مجموعة من النصوص تحمل وجهة نظرها الفريدة حول هذا الموضوع. للفنانة أيضاً كتاب بعنوان "ملاحظات" حول المواد والتقنيات المستخدمة في الرسم، وهو يُعد أقدم نص تعليمي معروف باللغة الإنكليزية كتبته رسامة.

على الرغم من الجدارة التي تمتعت بها ماري بيل وتجربتها الإبداعية المهمة إلا أنها تعرضت للتهميش في السرديات المتعلقة بتاريخ الفن الإنكليزي، حتى إنّ العديد من مواطنيها اليوم قد لا يعرفون شيئاً عن سيرتها. في الحقيقة لم تكن ماري بيل وحدها التي تعرضت للتهميش، إذ طاول التهميش والنسيان فنانات أخريات وتم تجاهل جهودهن كأنهن غير مرئيات.

"الآن تروننا"، هو عنوان المعرض الذي يستضيفه تيت غاليري في لندن حتى 13 أكتوبر/ تشرين الأول ويسعى منظموه إلى رد الاعتبار إلى هؤلاء الفنانات الموهوبات اللاتي تم تهميش مساهماتهن في تاريخ الفن والثقافة الإنكليزية.

يغطي المعرض نحو 400 عام من الإبداع النسوي، من القرن السابع عشر وحتى مطلع القرن العشرين، ويتتبع النساء في رحلاتهن إلى أن أصبحن فنانات محترفات. مهّدت فنانات مثل ماري بيل وأنجليكا كوفمان وإليزابيث بتلر ولورا نايت مساراً فنياً جديداً لأجيال من النساء، خالفن توقعات المجتمع وتحدين الصورة النمطية المرسومة لدور المرأة في ذلك الوقت.

يضم المعرض أكثر من 150 عملاً، ويفكك الصور التقليدية المحيطة بالفنانات في التاريخ، واللاتي غالباً ما كان يتم التعامل معهن كهاويات ولسن محترفات. توضح الأعمال كيف رفضت هؤلاء الفنانات الخضوع للقيود، فرسمن بجرأة ما كان يُعتقد عادةً أنها مواضيع للفنانين الذكور، كالمواضيع التاريخية ومشاهد المعارك والأعمال العارية.

يسلط المعرض الضوء أيضاً على مسيرة طويلة من الكفاح من أجل المساواة في الوصول إلى التدريب الفني وعضوية الأكاديمية الملكية للفنون، وكسر الحدود والتغلب على العديد من العقبات التي كانت تواجه النساء في عالم الفن.

يضم المعرض لوحات صُنّفت أعمالاً مجهولة لعقود طويلة، قبل أن يُتعرّف على من رسمها أخيراً، مثل لوحة "سوزانا والشيوخ"  للفنانة أرتميسيا جنتيلسكي، وهي إيطالية عاشت في بريطانيا في مطلع القرن السابع عشر. لم يُتعرّف على هذه اللوحة المميزة للفنانة إلا العام الماضي فقط وكانت مسجلة كعمل مجهول ضمن المجموعة الملكية.

ما حدث للوحة "سوزانا والشيوخ" يوضح مدى التهميش الذي تعرضت له أعمال النساء وكيف كان يُحتفظ بها دون اكتراث بسجلها مثل أعمال الفنانين الرجال، ومن هنا تأتي أهمية هذا المعرض.

نجوم وفن
التحديثات الحية

رسم الطبيعة الصامتة النباتية كان أحد الموضوعات التي تطرقت إليها أعمال هؤلاء الفنانات، وهو موضوع كان ينظر إليه بتقدير أقل باعتباره موضوعاً نسائياً.

ما قد لا يعرفه البعض أن الكثير من هذه الأعمال التي لم تلق اهتماماً في الأوساط الفنية كانت ذات فائدة علمية عظيمة، فهي أحد المكونات الرئيسية اليوم ضمن مقتنيات متحف التاريخ الطبيعي، ففي عصر لم يكن يعرف التصوير الفوتوغرافي كان يتم التعامل مع هذه الأعمال المرسومة بدقة للنباتات والزهور كوثائق بصرية.

لم تكتف الفنانات برسم الزهور كما كان يُراد لهن، بل تطرقن إلى موضوعات كثيرة ومختلفة، من بينها مثلاً البورتريه، والذي برعت فيه العديد من النساء. تُظهر الأعمال مدى البراعة التي بلغتها النساء في رسم البورتريه والمشهد الطبيعي، وهما الموضوعان الأثيران عند الفنانين البريطانيين خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر.

من اللافت هنا أن الدراسات المتعلقة بهذه الفترة تؤرّخ للفنانين الرجال جيداً بينما لم تحظ العديد من الفنانات اللاتي تُمثل أعمالهن في هذا المعرض باهتمام مماثل رغم موهبتهن وبراعتهن التي لا تقل عن الفنانين الرجال. بين هؤلاء الفنانات مثلاً تبرز جوان كارليل وآن كيليجرو وسارة بيفين.

من الجدير بالذكر هنا أن الفنانة سارة بيفين (1784 - 1850) تمثل حالة إبداعية خاصة ونادرة، إذ ولدت بدون ذراعين وكانت تمسك الفرشاة بفمها. اللافت هنا أيضاً أن العديد من هؤلاء الفنانات قد تألقن في زمانهن وحققن مكانة اجتماعية مرموقة، لكنهن لم يحظين بتقدير مماثل في السردية التاريخية للفن البريطاني. يفسر البعض هذا الأمر بأنه يتعلق بطبيعة العصر وثقافة المجتمع الرافضة لعمل النساء أو انخراطهن في أعمال الرجال.

هذه الأجواء الرافضة لامتهان النساء الفنّ تعبر عنها الفنانة هارييت جولدسميث في كتابها "صوت من صورة"  المنشور عام 1839. في هذا الكتاب تسجل جولدسميث بعض المواقف التي حدثت لها في حياتها العملية، كوضع لوحاتها بشكل سيئ في المعارض، واضطرارها لبيع أعمالها بثمن بخس لدفع إيجار منزلها.

تحكي جولدسميث في كتابها أيضاً عن أحد المواقف الدالة التي تعرضت لها أثناء مُشاركتها في معرض جماعي، فحين سمعت البعض يثني على عملها بادرت بتقديم نفسها، غير أن حماس هؤلاء قد خفت إلى حد كبير كما تقول فور علمهم أنها صاحبة اللوحة.

المساهمون