لماذا يسعى ماسك لاستنساخ "وي تشات"؟

06 اغسطس 2023
غيّر إيلون ماسك اسم "تويتر" إلى "إكس" (بافلو غونشار/Getty)
+ الخط -

 

يكاد يكون من المستحيل التنقل كل يوم في المدن الصينية من دون "وي تشات"، وهو تطبيق يسعى الملياردير الأميركي إيلون ماسك جاهداً لنسخه في منصة إكس (تويتر سابقاً).

"وي تشات" تطبيق شامل يُستَخدم للمراسلة والتواصل الاجتماعي وإجراء المدفوعات والاشتراكات وفواتير الخدمات، وتوصيل الطعام، والحصول على تذاكر الطائرة والقطارات وركوب الخيل، وغير ذلك. وهو مملوك لشركة التكنولوجيا الصينية العملاقة تينسنت.

ويود إيلون ماسك أن تكون "تويتر"، بعد تغيير اسمها إلى "إكس"، منصة مشابهة لـ"وي تشات"، بحيث يكون لا غنى عنه في أسواق الغرب. وأعلن ماسك، خلال الأيام الأخيرة، أن منصة التواصل الاجتماعي التي اشتراها مقابل 44 مليار دولار العام الماضي سيطلق عليها اسم "إكس". ولأثرى أثرياء العالم تاريخ طويل مع العلامة التجارية X، إذ أطلق على شركته المصرفية عبر الإنترنت اسم x.com قبل أن تصبح "بايبال" عام 2000. وقبل مدة وجيزة من إنهاء صفقة "تويتر"، كتب ماسك أن "شراء تويتر هو عامل تسريع لإنشاء إكس؛ تطبيق كل شيء".

وفي تغريدة الثلاثاء الماضي، قال ماسك: "في الأشهر المقبلة، سنضيف اتصالات شاملة والقدرة على إدارة عالمك المالي بالكامل. لا معنى لاسم تويتر في هذا السياق".

في يونيو/حزيران من العام الماضي، أخبر ماسك موظفي "تويتر" أن الشركة يمكنها محاكاة "وي تشات". وقال حينها: "هناك اعتماد كبير على وي تشات في الصين لأنه سهل الاستخدام ومفيد جداً للحياة اليومية، وأعتقد أنه إذا تمكنا من تحقيق ذلك، أو حتى الاقتراب منه، في تويتر، فسيكون ذلك نجاحاً هائلاً".

تشغل بعض التطبيقات المصغرة داخل "وي تشات" بواسطة "تينسنت" مباشرةً، بينما دخلت شركات صغيرة أخرى في شراكة مع "تينسنت"، وتصل مباشرة إلى مستخدمي "وي تشات" البالغ عددهم 1.2 مليار مستخدم شهرياً.

ولا تطبيق مشابهاً لـ"وي تشات" في الغرب. وفي هذا السياق، قال المحلل التقني بينيدكت إيفانز لصحيفة ذا غارديان البريطانية: "تخيل استخدام أوبن تيبل وأوبر وديلفرو بالكامل داخل فيسبوك، باستخدام هويتك على فيسبوك، وحساب دفع على فيسبوك بدلاً من بطاقة الائتمان". وتتيح خدمة الدفع في "وي تشات" للمستخدمين دفع ثمن البضائع من داخل التطبيق. ويتعين على المستخدمين ببساطة مسح رمز الاستجابة السريعة الخاص بالتاجر للدفع مقابل سلعة باستخدام محفظة "وي تشات" الخاصة بهم المتصلة بحساب مصرفي. ويمكن للمستخدمين أيضاً إرسال الأموال بسهولة بعضهم إلى بعض عبر رسائل "وي تشات".

وقالت الرئيسة التنفيذية لـ"تويتر" ليندا ياكارينو إن المدفوعات والخدمات المصرفية ستكون محور تركيز المنصة التي أعيدت تسميتها.

تكنولوجيا
التحديثات الحية

والانبهار بفكرة التطبيق الشامل ليس جديداً، فقد ظل في أذهان التنفيذيين الغربيين في قطاع التكنولوجيا لسنوات. أفيد العام الماضي بأن "مايكروسوفت" قد فكرت في إنشاء "تطبيق خارق". وقال الرئيس السابق لعمليات "تويتر" الأوروبية بروس دايزلي إنه ذهب في إجازة إلى الصين عام 2018 وكان مفتوناً بـ"وي تشات". لكن دايزلي يرى أن افتراض أن ظهور كل التطبيقات ونجاحها في الصين يعني حدوث الشيء نفسه في مكان آخر "فرضية معيبة بعض الشيء". لكنه لفت إلى أن أن جعل المدفوعات جزءاً أساسياً من "إكس"، وهو طموح واضح لماسك، يمكن أن ينجح في الولايات المتحدة، حيث إعداد الخدمات المصرفية والمدفوعات عبر الإنترنت أقل تطوراً مما هو عليه في أوروبا.

لكن السؤال هو ما إذا كان المستخدمون سيثقون في ماسك في أي عملية دفع، وفقاً لدايزلي. وجادل دايزلي أيضاً بأن "تويتر" أصبحت علامة تجارية أكثر سُميّة في ظل ماسك، ما يقلل من جاذبيتها كمزود خدمة مالية، وقال: "فكرة أنني سأستخدم أحد التطبيقات التي أجدها أكثر تناقضاً في ظل ملكية إيلون ماسك، والتي أود أن أثق بها بما يكفي لوضع أموالي فيها، هي فكرة خيالية".

أشار المحللون أيضاً إلى الحواجز الهيكلية لتطبيق شامل في العالم الغربي. تمكنت "تينسنت" من بناء "وي تشات" في الصين منذ أكثر من عقد من الزمان عندما كان السوق لا يزال في حالة تغير مستمر، بينما يوجد في الغرب لاعبون راسخون، مثل "غوغل" في مجال البحث، و"فيسبوك" في وسائل التواصل الاجتماعي، و"أمازون" في التجارة الإلكترونية.

وعلى عكس "وي تشات"، فإن قاعدة "تويتر" من المستخدمين صغيرة جداً، وماسك "شريك غير موثوق به للغاية" منذ أن اشترى "تويتر". ووفقاً لعالمة البيانات البارزة السابقة في "تويتر" ميليسا إنجل، فإن طموحات ماسك قد يكون من الصعب تنفيذها بعد أن استبعد 80 في المائة من القوى العاملة في المنصة. وأوضحت أن "إنشاء هيكل دفع كامل يتطلب عمالة مكثفة وقد طرد القوة العاملة إلى أقصى حد. يبدو أن إعداد تطبيق المدفوعات أمر خيالي في هذه المرحلة".

مع ذلك، يصر ماسك على أن المنصة التي اشتراها مقابل مبلغ ضخم من المال ستواجه موتها الرقمي إذا لم تتغير. وأوقف كبار المعلنين في المنصة إنفاقهم أو خفّضوه بشكل حاد، وعلى الشركة ديون بـ13 مليار دولار، وقد تخلّص ماسك من العلامة التجارية التي جعلت "تويتر" قوة في وسائل التواصل الاجتماعي. والآن يأمل أن يقبل المستخدمون التحول الذي يلوح في الأفق ويعطي المنصة حياة أخرى.

المساهمون