درس فريق بحثي في الجامعة النرويجية للعلوم والتكنولوجيا سلوكيات الأفراد في المقاهي وسبب استخدام الهواتف الذكية، وكيف يؤثر ذلك على هذه الجلسات. وحددت الدراسة ثلاثة أسباب رئيسية هي: الرغبة في تعليق التفاعل مع المحيطين من خلال تأخير محادثة أو إيقافها مؤقتاً، أو للخروج من محادثة، أو لمشاركة شيء مع الآخرين.
وطبقاً للدراسة، فرغم كون المقاهي المكان الذي يمكن فيه للمرء أن يكون اجتماعياً مع الآخرين، لكن بعض الناس يستخدمونه بدلاً من ذلك كمكان للاختباء والحفاظ على مسافة مناسبة من الناس أو كمكان عمل.
أصبحت الهواتف الذكية هي الأداة التقنية الشخصية الأوسع انتشاراً حول العالم، بحيث لم تعد تقتصر فقط على البالغين، بل حتى المراهقون والأطفال أصبحوا يملكون هواتف ذكية.
تقول إيدا ماري هنريكسن، زميلة ما بعد الدكتوراه في قسم الدراسات الثقافية في "الجامعة النرويجية للعلوم والتكنولوجيا"، والباحثة الرئيسية في الدراسة إن هذا الانتشار الواسع يجعل الهاتف الذكي مهماً. ويرتبط استخدام الهواتف الذكية بالعديد من أنشطتنا اليومية، سواء التي نقوم بها بمفردنا أو تلك التي نقوم بها مع الآخرين مثل الاستماع إلى الموسيقى، وتحديد المواقع، والدفع الإلكتروني، واستخدام الإنترنت، وخدمات أخرى كثيرة يوفرها الهاتف الذكي.
لذلك، يمكن للهواتف الذكية أن تمنحنا فرصاً أفضل لنكون اجتماعيين، لكنها في الوقت نفسه تمكننا أيضاً من إبعاد أنفسنا عن الآخرين.
زار الباحثون 52 شخصا في مقاه في مدينة تروندهايم النرويجية، وأجروا مقابلات متعمقة معهم حول استخدامهم للهواتف الذكية وكيفية تفاعلهم مع الآخرين. تقول الباحثة إن الدراسة ركزت على الأشخاص الذين بدا أنهم يعرفون بعضهم البعض من قبل والذين التقوا للتواصل الاجتماعي.
بالإضافة إلى ذلك، لاحظ الفريق البحثي 108 اجتماعات أخرى على مقربة. توضح الدراسة أن تأخير التفاعل يحدث عندما نقطع محادثة مع شريكنا في المقهى للتحقق من بريد إلكتروني أو محادثة هاتفية أو صورة على "سناب شات" أو لمجرد التأكد من أننا لم نفوت شيئًا على وسائل التواصل الاجتماعي في الدقائق القليلة الماضية، بمعنى أن نلتفت إلى الهاتف عوضاً عن الشخص الذي نجلس معه.
"تلعب كيفية تعليقك للتفاعل دورًا. إذا أوضحت للشخص الذي تتعامل معه سبب اضطرارك لتأجيل تفاعلك معه، فسيتم اعتبار هذا أكثر تهذيباً مما لو كنت تختفي وتبدأ باستخدام الهاتف، ما يعني الاتصال بشخص آخر وتجاهل الشخص الموجود جسدياً معك. في الوقت نفسه، قد يتفهّم بعض الأشخاص أنك تأخذ استراحة قصيرة من محادثة أطول، ويمكن أن يكون استخدام الهاتف أيضاً جزءاً طبيعياً متشابكاً من التفاعل الاجتماعي الذي يحدث في المقهى"، طبقاً للباحثة الرئيسية في الدراسة.
تشرح هنريكسن أن استخدام الهاتف الذكي في جلسات المقاهي الجماعية قد يكون رد فعل كذلك على اتجاه الآخرين إلى استخدام هواتفهم، حينها يمكن للشخص أنْ يلتقط هاتفه الذكي لإثبات أنه مشغول أيضاً، أو حتى لتجنب موضوع المحادثة الذي قد لا يروق لك بداعي أنك مشغول.
"يأخذ البعض هذه خطوة من خلال إبقاء الهاتف النقال في الوضع الصامت، ثم يمكن التظاهر بتلقي رسالة أو محادثة مهمة، وأنه يتعين الإسراع في الرد عليها، وربما حتى مغادرة الجلسة كلها" وفق هنريكسن، بمعنى أنه يمكنك الهروب من الكثير من الاجتماعات المملة بهذه الطريقة.
قد لا يكون استخدام الهاتف الذكي سيئاً في كل الحالات، وإنّما يمكن أن يكون له دور في الجلسة نفسها من خلال تقاسم المحتوى أو مشاهدة شيء ما معاً على الهاتف سواء كان بريدا إلكترونيا، أو رسالة نصية، أو مادة مصورة. وهو ما تعتبره الدراسة الأمر الأكثر إمتاعاً في استخدام الهاتف الذكي في جلسات المقاهي.