على ساحل البحر الأبيض المتوسط، تحاول مدينة لبدة الأثرية في ليبيا أن تظل شامخة كإمبراطورية قائمة شاهدة على زمن مر قبل الميلاد، رغم الحروب والصراعات على مر العصور.
فالعوامل الجوية والمناخية القاسية التي مرت بها المدينة لم تؤثر عليها بشكل كبير، بل حافظت لبدة على نفسها، على بعد ثلاثة كيلومترات شرقي مدينة الخمس.
المدينة التاريخية التي تبعد 120 كيلومتراً شرقي العاصمة طرابلس، كادت أن تصبح الآثار الحجرية والرخامية فيها خلية نشاط ومقصداً سياحياً، لكن الصراع السياسي والعسكري في البلاد، جعل واحدة من أعظم المدن الرومانية القديمة على البحر المتوسط، معزولة تقريباً عن العالم الخارجي، بعدما أسسها بحارة فينيقيون في القرن السابع قبل الميلاد، ثم أصبحت من أبرز مدن الشمال الأفريقي في عصر الإمبراطورية الرومانية.
تعاني لبدة من غياب سياج يحميها، فهي مفتوحة من جهاتها الأربع، ما جعلها عرضة للسرقة والتشويه.
يقول المواطن الليبي حسين مكادة، لـ"العربي الجديد"، إنه يزور مدينة لبدة الكبرى أول مرة، وإنه اندهش من روعتها، مشيراً إلى أنّه التقط صوراً عدة برفقة زوجته في المسرح الروماني، آملاً من الحكومة الاعتناء بالآثار المهمة في بلاده.
من جانبه، يعرب المسؤول عن حماية مدينة لبدة الأثرية نجيب بن عامر، في حديث لـ"العربي الجديد"، عن خشيته من أن تطاول "أيدي العابثين من المتطرِفين موروثنا الثقافي، كما حدث في آثار بلدان عربية أخرى".
ويضيف بن عامر أنّ مسؤولي المدينة يعملون حالياً على ترميم بعض الآثار، في محاولة للحفاظ على هذا الموروث، بالتعاون مع مختلف الفاعلين الليبيين والشركاء الدوليين.
ويحذر بن عامر، من أنّ لبدة "تعاني وتواجه مشاكل طبيعية، تتمثل في زحف البحر والرمال والتعرية، مما يؤدي إلى سقوط أجزاء منها، في حال عدم إجراء ترميم سريع من قبل الجهات المعنية كافة".
يذكر أنّ "منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة" (يونسكو) صنفت هذه المدينة الزاخرة بالمباني الأثرية، عام 1982، ضمن قائمة مواقع التراث العالمي.