مع اقتراب بطولة كأس العالم 2022 في قطر، يستعد العالم بكل ما لديه لمواكبة هذه الحدث، و"نتفليكس" التي لا تتوانى عن استغلال اللحظات المناسبة، ستقدم لمشاهديها، قريباً، أنمي كرة القدم الخالد: "كابتن تسوباسا" (Captain Tsubasa)، المعروف عربياً بـ "كابتن ماجد".
هناك خيارات كثيرة أخرى للأنمي لهذا العام، فبعد مواسم كان وجود كرة القدم فيها باهتاً، عُرض في 2022 ثلاثة أعمال كرة قدم، هي Ao Ashi، وShoot! Goal to the Future، وأخيراً Blue Lock الذي يُعرض الآن على منصات "ديزني" و"كرانشي رول" و"نتفليكس"، ويحقق نجاحاً كبيراً.
"كابتن تسوباسا" ليس أنمي كرة القدم الأقدم، فأول عمل من هذا النوع كان Akakichi no irebun عام 1970، المعروف عربياً باسم "أبطال الملاعب". في ذلك الوقت، لم تكن كرة القدم رياضة مهمة في اليابان على عكس البيسبول. ولم يتمكن "أبطال الملاعب" من إلهام الجيل للعب كرة قدم، حتى جاء "كابتن تسوباسا" كسلسلة مانغا في البداية عام 1981، ومسلسل أنمي عام 1983، في وقت كانت اليابان فيه من دون أي إنجازات سوى ميدالية أولمبية برونزية في عام 1968، حتى إنها لم تمتلك دوري كرة قدم للمحترفين قبل عام 1992.
بيعت أكثر من 70 مليون نسخة من مانغا "كابتن تسوباسا" في اليابان وحدها حتى عام 2008، ويبلغ تداول المانغا حوالى 80 مليون في العالم اعتباراً من عام 2018. وفي عام 2001، احتل "كابتن تسوباسا" المرتبة التاسعة والأربعين في قائمة أفضل 100 أنمي. كما عُرض في أغلب بلدان العالم بمختلف اللغات، منها العربية والكردية.
كابتن تسوباسا طفل حلم بأن تحصل اليابان على كأس العالم. وحلمه هذا جعل المانغا الخاصة به تتحول لما يقارب 15 سلسلة مانغا تتابع مسيرته عبر السنوات، تحولت إلى خمسة مواسم أنمي آخرها بين عامي 2018-2019، إضافة إلى عدّة أفلام.
الطفل الشغوف بكرة القدم، ينضم إلى فريق صغار بمساعدة محترف سابق في البرازيل، فتح عيون مشاهديه على هذه الرياضة عندما حلم أن تكون اليابان مثل البرازيل. حلم الجمهور معه، وشاهدوه يكبر ويتطور على مدى المواسم الطويلة، حتى يصبح لاعباً محترفاً. جيل بأكمله كبر معه، وأراد تحقيق حلمه بإيصال اليابان إلى كأس العالم.
ألهم "كابتن تسوباسا" اليابان التي لم تمتلك في ذلك الوقت دوري محترفين لكرة القدم، لكن أحلام الأطفال صنعت الدوري عام 1992، وبعد 10 سنوات شاركت اليابان في استضافة كأس العالم.
اللاعب الياباني هيديتوشي ناكاتا، لاعب نادي روما السابق، والمصنف كواحد من أفضل اللاعبين في قارة آسيا، لعب في كأس العالم مع المنتخب الياباني في مونديال 1998، ومونديال 2002، ومونديال 2006. وكان قد صرح بأن "كابتن تسوباسا" هو السبب في لعبه لكرة القدم بدلاً من البيسبول عندما كان طفلاً، كما أوضح في مقابلة عام 2005 مع Asia Talks على CNN، بعد التوقيع مع Bolton Wanderers. قال: "عندما بدأت لعب كرة القدم لأول مرة، كانت لعبة البيسبول أكثر شعبية... ولكن كان هناك أيضاً مانغا أو رسوم متحركة لكرة القدم مشهورة جدًا في ذلك الوقت. قرأت تلك المانغا واستلهمت من لعب كرة القدم".
ليس ناكاتا وحده من ألهمته الحكاية، فقد أثر الكابتن تسوباسا على جيل ناكاتا بأكمله، جعلهم يرغبون بلعب كرة القدم. وبالعكس، تأثر الأنمي بناكاتا، ففي أنمي كرة القدم Inazuma Eleven المعروف عربياً بـ "أبطال الكرة"، تحمل إحدى الشخصيات اسم هيديتوشي ناكاتا.
لكن من حقق حلم كأس العالم لليابان كان المنتخب النسائي لكرة القدم عام 2011، وتكريماً لهن صنع مؤلف "كاتبن تسوباسا"، يويتشي تاكاهاشي، سلسلة مانغا لكرة قدم النساء باسم Soccer Shōjo Kaede.
كان "كابتن تسوباسا" مشهوراً أيضاً خارج اليابان، واعتبره لاعبون مثل إنييستا وفيرناندو توريس، ورونالدينيو، وأليساندرو بييرو، وزين الدين زيدان، مؤثراً في قرارهم لعب كرة القدم بشكل احترافي. كما أعرب عدد لا يحصى من اللاعبين الآخرين عن إعجابهم بالعرض، بما في ذلك جوليان دراكسلر، وجيمس رودريغيز، وأليكسيس سانشيز. أيضاً، رسم لاعب مانشستر يوناتيد، أليخاندرو جارناتشو وشماً للكابتن تسوباسا ورفاقه على ساقه.
ومثل ناكاتا، كان لزين الدين زيدان وجود في الأنمي، إذ ظهرت شخصيته في "كابتن تسوباسا"، موسم Captain Tsubasa: Road to 2002.
يعزو المانغاكا يويتشي تاكاهاشي شعبية عمله إلى عرضه في أنحاء العالم، خصوصاً أن اللاعبين العالميين الذين تأثروا به كانوا أطفالاً في ذلك الوقت. في إسبانيا وحدها، بلغت نسبة المشاهدة 26.3% عام 1990. كان الأطفال يشاهدون الأنمي ويحاولون تقليد الكابتن تسوباسا في اليوم التالي في المدرسة، بحسب مقابلة مع ديدييه مونتيس مع موقع الجزيرة باللغة الإنكليزية.
بين أنمي كرة القدم الأقدم Akakichi no Eleven (أبطال الملاعب) والأحدث Blue Lock قدمت اليابان عديداً من أعمال كرة القدم الخالدة التي اشتهرت حول العالم، فبالإضافة إلى "كابتن تسوباسا" شهدنا بعض أنميات كرة القدم الشعبية مثل Shoot في التسعينيات، الذي صدرت نسخة جديدة منه هذا العام، والعديد من الأعمال الأخرى التي شاهدناها باللغة العربية غير "شوت"، مثل "أبطال الكرة"، و"أوف سايد"، و"الكابتن رابح".
"الكابتن رابح" اختلف عن "كابتن تسوباسا"، وعن بقية أنميات كرة القدم في كونه لا يتبع حلم اليابان في كرة القدم، فالبطل رابح هو عربي يحاول احتراف كرة القدم في إيطاليا.
وأبعد من ذلك، لا يدخل الكابتن رابح كأس العالم مع منتخبه الوطني، بل مع منتخب متعدد الجنسيات يجمعه حب كرة القدم ويتجاوز فكرة الجنسية والوطنية. حصل الكابتن رابح على شعبية كبيرة في العالم العربي عندما عرض على قناة Arteens. وحصد شعبية مماثلة في فرنسا.
مع كل هذه الأعمال ما تزال اليابان تحلم بمنتخب كرة قدم يستطيع منافسة الفرق الكبرى من خلال الأنمي. أنمي Blue Lock الجديد يعرض طريقة مختلفة لهذا الحلم، بعيداً عمّا اعتدنا عليه في الأنميات السابقة التي تهتم بعرض روح الفريق. Blue Lock يعرض منافسة قاسية وأنانية بين المراهقين للحصول على المهاجم الأناني المثالي لمستقبل كرة القدم في اليابان.