فيلم "قيد مكتوم": الصندوق الأسود لأطفال "داعش"

13 نوفمبر 2022
يحاول الفيلم إظهار مأساة ما تزال مستمرة من دون حلول (العربي الجديد)
+ الخط -

عرفت مدينة الرقة الواقعة شمال شرقي سورية، بأنها عاصمة خلافة تنظيم "داعش" الإرهابي بين عامي 2014 و2017، وتحوّلت إلى الصندوق الأسود لحكايا وخبايا ما جرى، إذ مازالت الذاكرة والمعاناة تستفيض شيئاً فشيئاً لتروي بعض ما جرى خلال تلك الحقبة الشديدة، التي عايشها سكان تلك البقعة من الجغرافية السورية.

السوداوية الأدبية كانت تطفو بشكل دائم على ثقافة ورؤى الشارع الرقاوي، متأثرة بشكل وثيق بأحداث ومجريات حقبة سيطرة التنظيم على المحافظة، فكانت رواية "قماش أسود" (2020) للكاتب والشاعر المغيرة الهويدي، وقصة "سارة" التي سردت، من خلال بوح الكاتب، شيئاً مما عاصرته الذاكرة في مسقط رأسه الرقة. اليوم تعود "سارة" الطفلة ذات العامين من أب تونسي وأم سورية من الرقة من خلال الفيلم الوثائقي "قيد مكتوم"، وتلقي بظلالها على حكايا العديد من أطفال عناصر التنظيم من جنسيات عربية وأجنبية، والتي ضاق بها المجتمع العشائري بالرقة ذرعاً، لينتهي الحال بأمها، وهي تترك طفلتها ذات العامين في مقطورة قطار مهجورة، أو بحسب الاسم الشعبي "الفرگونة الخربانة" لتواجه مصيرها كما أطفال السفاح والخطيئة.

يقول حسن إبراهيم وهو مخرج فيلم "قيد مكتوم" لـ"العربي الجديد": "دخلت مجال الإعلام في عام 2018 من خلال تغطية أعمال منظمات المجتمع المدني، وتركتها بعد أن افتتحت شركة إعلامية خاصة برفقة مجموعة من الإعلاميين، في المدينة عام 2021. بدأت وزملائي بطرح عدة أفكار حول ما نستطيعه كأول شركة متخصصة، فكانت الفكرة بتصوير وثائقيات عن حكايا وقصص من خضم الواقع. كان الطرح الأول نساء الرقة المتزوجات من عناصر التنظيم ومصير أطفالهن. كتبنا السيناريو والمشاهد، وكان الخوف من خلايا التنظيم في المنطقة، لكننا مضينا واستطعنا تصوير الفيلم بمعدات بسيطة وتحضيرات لا تذكر، والتجربة كانت حديثة عهد للممثلين والممثلات والكادر الفني". يضيف إبراهيم: "لم يكن الهدف ربحياً أو مشروعاً ماديًا، بل إن المسألة تتعلق بإظهار مأساة ما تزال مستمرة دون حلول، فتمّ إخراج الفكرة برؤية سينمائية، وسنقوم بترجمة الفيلم لعدّة لغات أخرى للمشاركة بمهرجانات للأفلام الوثائقية".

بدوره يقول الناشط الحقوقي والإعلامي فارس الذخيرة لـ"العربي الجديد": "(قيد مكتوم) يتحدث عن قضية مهمة معاصرة حتى الآن، ومعاناة عن زوجات تخلين عن أطفالهن كونهم من أزواج تنظيم داعش من جنسيات أجنبية، وهي مسألة معقدة لم يتعامل معها المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية لحلول دائمة، ما أنتج أطفالاً بـ (قيد مكتوم)". ويضيف: "كانت تجربة طرح أفكار لصناعة أول فيلم مرئي قصير من الرقة بحد ذاتها تحدياً كبيراً، كوني شاركت بعدة ورشات حوارية وبرامج دمج لنساء داعش العائدات من مخيم الهول، فكان التعبير الصوري بفيلم سينمائي من مدعاة الفخر للتسليط المرئي عن القضية".

أما الإعلامي أحمد الحسين وهو أحد كادر تصوير الفيلم، فيقول: "كانت تجربتي الأولى في التصوير السينمائي، وهو طرح مهم ومفصلي في حياتي، وتجربة جديدة، كون الإعلام بالرقة يقتصر على مشاهد اعتيادية ولقاءات عن مواضيع خدمية عادية، لكن الإحساس الكبير الذي غمرني واللحظات التي كونت لدي عند ترجمة الواقع بعمل سينمائي كانت عظيمة".
يتحدث فيلم "قيد مكتوم" عن قضيتين في واقع مجتمع الرقة، الأولى عن نساء وزوجات مقاتلي تنظيم "داعش "وعدم تقبل الأهل والمجتمع لهن من جديد، والمسألة الثانية هي أطفال عناصر التنظيم الذين ولدوا بآباء قتلوا بظروف مختلفة في المعارك ضد التنظيم، ما خلف مسألة قيود مجهولة ودون نسب وجنسية لأولئك الأطفال.

المساهمون