الذكاء الاصطناعي في الحرب... كأنّ الواقع غير كافٍ

12 نوفمبر 2024
في مخيم الشاطئ، 7 نوفمبر 2024 (الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- انتشرت صور مولّدة بالذكاء الاصطناعي على وسائل التواصل الاجتماعي خلال العدوان الإسرائيلي على غزة في أكتوبر 2023، مما أثار تساؤلات حول دور الذكاء الاصطناعي في الإعلام وتأثيره على مصداقية الأخبار.
- تحذر الصحافية مهى زراقط من مخاطر استخدام الذكاء الاصطناعي في توليد صور زائفة، مشيرة إلى أن هذه الممارسات قد تضر بجهود الصحافيين في توثيق الجرائم الإسرائيلية.
- يشير الخبير كريستوف الزغبي إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون سلاحًا ذا حدين في الحروب، مشددًا على أهمية التوازن بين الابتكار والمسؤولية.

منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية صور مولّدة بالذكاء الاصطناعي، مرفقة بادعاءات مضللة حول أحداث غزة، ولاحقاً لبنان. ويستغل بعض الناشطين والإعلاميين هذه التكنولوجيا الحديثة لإنتاج محتوى زائف بهدف إثارة المشاعر والتلاعب بعواطف المتابعين، ما يساهم في كسب المزيد من التفاعل والمتابعين.

مثالان عن الذكاء الاصطناعي وغزة

سبق أن نشر موقع مسبار، سلسلة مقالات عن التضليل الذي رافق العدوان، باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي. وعدّد أكثر من مثال، بينها الصورة التي استعادت مهاجمة  كلب بوليسي تابع لجيش الاحتلال الإسرائيلي، مسنّة فلسطينية في مخيم جباليا شمالي قطاع غزة، في يونيو/ حزيران الماضي. كما استعاد مسبار في مقال بعنوان "ماكنة كسر التعاطف.. استخدام صور مولدة بالذكاء الاصطناعي لوصف الأحداث الحقيقية" الصورة التي انتشرت بداية العدوان على غزة، لطفلين يبكيان وينظران إلى السماء وأمامهما جثة قيل إنها لوالدتهما، لكن سرعان ما تبيّن أن الصورة غير حقيقية.
في هذا السياق، تتساءل الصحافية والدكتورة الجامعية مهى زراقط، في حديثها لـ"العربي الجديد"، عن دور الذكاء الاصطناعي في هذا الإطار، وتقول: "إذا أردنا الذكاء الاصطناعي لتكرار محتوى موجود بالفعل، فهذه ليست وظيفته. الذكاء الاصطناعي يهدد عملنا كصحافيين، وعلينا أن نتعامل معه كتقنية مساعدة وليس كبديل".
وتشير زراقط إلى توليد صور الحرب، مؤكدة: "لا أتصور أن أي ذكاء اصطناعي أو بشري يمكن أن يكون أبشع من الجرائم التي ترتكبها إسرائيل. كصحافيين، نبحث عن الصورة، وحالياً نملك عدداً كبيراً من الصور التي توثق جرائم الاحتلال، ولا حاجة لتدخل الذكاء الاصطناعي". وتحذر من أن هذه الممارسات قد تنسف جهود الصحافيين الذين يقدمون تغطية استثنائية في غزة وجنوب لبنان، مشددة على أهمية وجودهم لنقل الحقيقة، مؤكدة: "من دون هؤلاء الصحافيين، لما رأينا الواقع كما هو".

الصور الواقعية كافية

عن مخاطر التلاعب بصور الذكاء الاصطناعي، تحذر زراقط من استخدام هذه التقنية لإنتاج صور قد تضر بالحقيقة التي يسعى الصحافيون لكشفها. وتضيف: "استعمال الذكاء الاصطناعي لتوليد صور زائفة قد يعرقل جهود متابعة إسرائيل في المحاكم الدولية، حيث يمكن الطعن في مصداقية الصور باعتبارها غير حقيقية". وترى أن هذه التقنية سلاح ذو حدين، موضحة: "توليد الصور قد يضر بالقضية الحقيقية، فالصور التي لدينا واضحة بما يكفي لفضح جرائم إسرائيل".
أما عن الحالات المقبولة لاستخدام الذكاء الاصطناعي، فتوضح زراقط أنه من المقبول استخدامه لرواية قصص المجازر أو إحياء ذكرى الشهداء، كما تفعل بعض القنوات التلفزيونية بإعادة شخصية الشهيد من خلال "آفاتار" يروي قصته. وتشير إلى أن هذا النوع من الاستخدام لا يضر بعمل الصحافيين، ما دام أنه يحافظ على المصداقية.
من جهته، يشير الخبير في الذكاء الاصطناعي كريستوف الزغبي إلى أن استخدام هذه التقنية خلال الحروب له جوانب إيجابية وسلبية، ويعتمد على كيفية استغلالها. يوضح: "يمكن للصور المولدة بالذكاء الاصطناعي تسليط الضوء على الجوانب الإنسانية التي قد لا تغطيها وسائل الإعلام التقليدية بشكل كافٍ. كما أنها قادرة على بناء قصص بصرية مؤثرة، خصوصاً عندما تكون الموارد الإعلامية محدودة".

إعلام وحريات
التحديثات الحية

ويضيف الزغبي أن صور الذكاء الاصطناعي قد تكون أحياناً أكثر انتشاراً من الصور الحقيقية، نظراً إلى قدرتها على إثارة المشاعر بشكل أكثر وضوحاً وجاذبية. لكنه يحذر من أن هذا الانتشار قد يكون ضاراً إذا لم يكن هناك شفافية حول مصدر الصور، ما قد يسهم في تضليل الرأي العام وتزييف الحقائق.
ويحذر الزغبي من أن "المخاطر المرتبطة باستخدام هذه الصور في الحروب كبيرة، أبرزها تشويه الحقيقة، حيث يمكن التلاعب بالصور لخلق مشاهد غير واقعية. هذا التلاعب قد يؤدي إلى تضليل الجمهور وإثارة مشاعر سلبية غير مبررة". ويضيف: "الذكاء الاصطناعي قد يغير مسار الرأي العام، سواء لجذب الدعم لطرف معين أو لتشويه سمعة آخر، ما يجعله سلاحاً ذا حدين".

الشفافية أولاً

يشدد على أهمية الشفافية في التعامل مع الصور المولدة بالذكاء الاصطناعي، موضحاً أن من ينشر هذه الصور يجب أن يوضح للجمهور أنها غير حقيقية، تجنباً لأي لبس. ويشير إلى أن التحقق من المصادر والوعي بالمخاطر القانونية والأخلاقية لاستخدام هذه التقنية في الحروب هو أمر ضروري.
في الختام، يؤكد الزغبي أن الذكاء الاصطناعي أداة قوية قد تكون مفيدة إذا استُخدمت بشكل صحيح، لكنها تحمل مخاطر كبيرة إذا استُغلت لنشر التضليل. التوازن بين الابتكار والمسؤولية هو المفتاح في استخدام هذه التكنولوجيا.

المساهمون