"فاماغوستا" على منصة نتفليكس: دراما تلفزيونية تثير جدلًا تاريخيًا

02 سبتمبر 2024
مسلسل "فاماغوستا" (يوتيوب)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **عرض سلسلة "فاماغوستا" على نتفليكس:**
من المقرر عرضها في 20 سبتمبر/أيلول، وتتناول قصة مستوحاة من الغزو التركي لفاماغوستا عام 1974 ومعاناة عائلة شابة فقدت طفلها الرضيع.

- **ردود الفعل التركية:**
زعماء القبارصة الأتراك انتقدوا المسلسل بشدة، معتبرين أنه يشوه الحقائق التاريخية، وأكدوا أن العملية العسكرية التركية كانت لإنقاذ القبارصة الأتراك من الإبادة الجماعية.

- **ردود الفعل القبرصية:**
الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليديس أشار إلى أن السلسلة توصل رسائل مهمة حول حل مشكلة قبرص، مشيرًا إلى أن الانتقادات تأتي من أشخاص لم يشاهدوها.

أثارت سلسلة "فاماغوستا" (Famagusta) التلفزيونية، المقرر عرضها على منصة نتفليكس في 20 سبتمبر/أيلول المقبل، جدلًا واسعًا وانتقادات حادة من الجانب التركي، إذ اعتبرت تركيا أنه يشوه الحقائق التاريخية. الانتقادات جاءت بعدما أعلن المخرج والممثل الرئيسي في المسلسل اليوناني أندرياس جورجيو عن موعد عرضه عبر حسابه على "إنستغرام"، موضحًا أن السلسلة تسرد قصة مستوحاة من أحداث الغزو التركي لمدينة فاماغوستا القبرصية.

 يروي المسلسل قصة عائلة مكونة من زوجين شابين وطفلهما البالغ من العمر ثلاثة أشهر مزقهم الغزو التركي الذي تعرضت له قبرص عام 1974. حيث فقد الزوجان ابنهما الرضيع وسط الفوضى واضطرا إلى الفرار من منزلهما، ليظلا مسكونين إلى الأبد بغموض مصير طفلهما. وبعد عقود من الزمن، يجد رجل يعيش في لندن ويبلغ من العمر 50 عامًا نفسه في رحلة العودة إلى قبرص، من دون أن يدرك ارتباطه بماضي الجزيرة المضطرب. تفتح عودته، التي حفزها مشروع وثائقي، فصولًا جديدة من الأحداث التي ستغير حياة الجميع. هذه الدراما التاريخية ليست مجرد قصة عاطفية، بل هي أيضًا سردية تشهد على تعقيدات الصراع القبرصي في تلك الفترة، حيث تتشابك الحقائق التاريخية مع مشاعر الفقد والحنين.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

A post shared by Mega TV (@megatvcom)

عُرض المسلسل لأول مرة على قناة "ميجا" في يناير/كانون الثاني الماضي، وحقق نجاحًا كبيرًا أدى إلى عرض الموسم الثاني منه في منتصف العام، ومن المتوقع أن يتم عرض الموسم الثالث قريبًا.

ويُعد قرار نقل "فاماغوستا" إلى المنصة العالمية، خطوة مهمة في مسيرة صانعيه نحو جمهور عالمي. ويعتبر مسلسل "فايند مي فولينغ" (Find Me Falling)، أول مشروع قبرصي يُعرض على نتفليكس وقد حقق نجاحاً كبيراً على المنصة.

وبينما لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت "نتفليكس" ستصدر الموسم الأول بالكامل أو مجموعة مختارة من الحلقات، إلا أن الإعلان عن المسلسل لم يمر بدون ردات فعل قوية من الجانب التركي.

"فاماغوستا" من وجهة نظر تركية

أعرب زعيم القبارصة الأتراك، إرسين تاتار، عن غضبه من مسلسل "فاماغوست"، معتبرًا أنه يشوه الحقائق التاريخية ويقدم رؤية مغلوطة للأحداث. وذكر تاتار أن "العملية العسكرية التركية في عام 1974 كانت عملية سلام أنقذت القبارصة الأتراك من الإبادة الجماعية". وأضاف: "السلام الذي تحقق بعد العملية معروف لدى الأتراك واليونانيين حول العالم، حيث توقف سفك الدماء في قبرص منذ ذلك الحين".

وعبر نائب الرئيس جودت يلماز عن استيائه عبر منصة إكس (تويتر سابقًا)، قائلًا: "يجب ألا تُستخدم المنصات الرقمية أدواتٍ للدعاية القبرصية اليونانية". وتطرق يلماز إلى منظمة "إيوكا"، قائلًا إن الجماعة "حاولت الانقلاب بتحقيق حلم الاتحاد مع اليونان (إينوسيس)، وارتكبت مجازر بحق القبارصة الأتراك، شملت الأطفال وكبار السن من دون تمييز. وأضاف: "هذا لم يكن فيلمًا، بل كان حقيقة. آثار هذه الوحشية لا تزال ظاهرة حتى اليوم".

لاحقًا، أعرب نائب وزير الثقافة التركي باتوهان مامجو عن "قلقه العميق" بشأن مسلسل "فاماغوستا"، مشيرًا إلى أن السلسلة "تحكي قصة مشوهة" لعام 1974، و"تتجاهل الحقائق التاريخية"، و"تشهّر بالجنود الأتراك الذين جلبوا السلام إلى الجزيرة". وأضاف: "من غير المقبول لمنصة مثل نتفليكس، التي تستهدف جمهورًا واسعًا، أن تقدم الأحداث التاريخية بهذه الطريقة المشوهة. مثل هذا المحتوى المضلل وغير الحقيقي يشكل خطرًا على تكوين تصورات خاطئة، خاصةً في أذهان الأجيال الشابة".

من جهته، أعرب المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، عمر تشيليك، عن قلقه من بث المسلسل على "نتفليكس"، معتبرًا أنه "يشوه عملية السلام في قبرص ويقدم دعاية للجانب اليوناني". أكد تشيليك أهمية الدفاع عن الصورة الحقيقية للجيش التركي وعملية السلام، مع رفضه لما وصفه بالدعاية اليونانية التي تسعى إلى تغيير الرواية التاريخية المعروفة لدى الأتراك.

وزارة الخارجية التركية بدورها لم تقف مكتوفة الأيدي، حيث أصدرت بيانًا استنكرت فيه تشويه الحقائق التاريخية في المسلسل، واصفة إياه بأنه "دعاية سوداء" لصالح إدارة قبرص الرومية. الوزارة أكدت أن المسلسل يمثل إهانة للضحايا من القبارصة الأتراك الذين قُتلوا على يد عصابات قبرص الرومية بين عامي 1963 و1974. كما شددت على أن "مثل هذه المحاولات العقيمة لقلب الحقائق تزيد تصميمنا على النضال من أجل قضية قبرص، قضيتنا الوطنية"، مضيفة "نستذكر المناضلين القبارصة باحترام وشهداءنا بالرحمة". يُذكر أن بين عامي 1963 و1973، ارتكب مسلحو منظمة "إيوكا" (EOKA) الإرهابية، التي تأسست بهدف ضم جزيرة قبرص إلى اليونان، العديد من المجازر بحق الأتراك المسلمين في قبرص، وهجروهم من قراهم.

من جانبه، علق الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليديس على الجدل المثار حول السلسلة، وقال إن "من يعبرون عن ردات فعل سلبية تجاهها لم يشاهدوها بالطبع". وتابع: "بصرف النظر عن تسجيل الحقيقة، لا يمكن لأحد أن يشكك في الغزو التركي عام 1974. (السلسلة) توصل رسائل مهمة جدًا لأولئك الذين سنحت لهم فرصة مشاهدتها. لقد شاهدتها. إنها توضح ضرورة حل مشكلة قبرص، وعن العلاقات بين القبارصة اليونانيين والقبارصة الأتراك".

سينما ودراما
التحديثات الحية

الأحداث من منظور مسلسل تركي

في السياق ذاته، تم إنتاج سلسلة مشابهة عام 2021، عندما عرضت على قناة تي آر تي التركية بعنوان "بير زمانلار كيبريس" (Bir Zamanlar Kibris) (ذات مرة في قبرص) ثم تم تغيير اسمه إلى "كيبريس: زافير دوجرو" Kibris: Zafere Dogru (قبرص: نحو النصر).

لكن المسلسل لم يلقَ استحسانًا من شخصيات وجهات قبرصية عديدة. فقد وصفت صحيفة هالكن سيسي، التي تأسست على يد نائب الرئيس القبرصي الأول فاضل كوتشوك، السلسلة بأنها "غير محترمة تجاه زعيمنا والحقائق التاريخية"، فيما رأى ابنه، محمد كوتشوك، أن المسلسل  "تجاهل والدي". وأضاف: "تم تقديم (كوتشوك) شخصيةً ثانية أو ثالثة، شخصيةً غامضة".

وفي الوقت ذاته، انتقدت ابنة الزعيم القبرصي التركي الراحل رؤوف دنكطاش، إندر دنكطاش فانغول، السلسلة. وأشارت إلى أن زعيم "إيوكا" جورج غريفاس لم يكن في قبرص خلال معظم الفترة التي تدور فيها أحداث المسلسل، كما انتقدت أجزاء أخرى منه رأت أنها غير متوافقة مع الواقع، وبأنها صورت القبارصة الأتراك كـ"مجتمع ينتظر فقط أن تنقذه تركيا".

 

المساهمون