عام على استشهاد عصام العبد الله: إسرائيل فوق المحاسبة

13 أكتوبر 2024
قتلت إسرائيل عصام العبد الله في 13 أكتوبر 2023 (رويترز)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- في 13 أكتوبر 2023، استهدف الجيش الإسرائيلي صحافيين في جنوب لبنان، مما أدى إلى استشهاد المصور عصام العبد الله وإصابة آخرين، وأثار الهجوم استنكاراً دولياً باعتباره انتهاكاً للقانون الدولي.
- لم تواجه إسرائيل أي محاسبة رغم مرور عام على الحادثة، مما يعكس نمطاً متكرراً من الاعتداءات على الإعلاميين دون عواقب، حيث تم توثيق أكثر من 175 حالة استشهاد لصحافيين في غزة.
- لعب الصحافيون الناجون دوراً مهماً في توثيق الهجوم، مما يبرز الخطر المتزايد الذي يواجهه الصحافيون في مناطق النزاع والحاجة لحمايتهم دولياً.

قبل عامٍ، في 13 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، عند الساعة السادسة ودقيقتين من مساء ذلك اليوم، استهدف جيش الاحتلال الإسرائيلي بقذيفتين متزامنتين تقريباً، فريقاً من الصحافيين الموجودين في جنوب لبنان لتغطية العدوان الإسرائيلي على الحدود اللبنانية ــ الفلسطينية. يومها استشهد مصوّر وكالة رويترز، اللبناني عصام العبد الله وأصيبت المصورة الصحافية في وكالة فرانس برس، اللبنانية كريستينا عاصي، ما أدى إلى بتر ساقها اليمنى. كذلك أصيب الصحافيون: الأميركي ديلان كولينز من وكالة فرانس برس، ومراسلة قناة الجزيرة، اللبنانية كارمن جوخدار، ومصوّر القناة اللبناني إيلي برخيا، والعراقيان ثائر السوداني وماهر نزيه من وكالة رويترز.
مرّ عام على هذه الجريمة، وحتى الساعة لا تزال إسرائيل خارج إطار أي محاسبة، كما جرت العادة عند قتلها أي صحافي، قبل حرب الإبادة في قطاع غزة أو بعدها.
في مارس/ آذار الماضي، خلص تحقيق أجرته قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) إلى أن دبابة إسرائيلية استهدفت صحافيين "يمكن التعرف عليهم بوضوح"، في انتهاك واضح للقانون الدولي. كذلك توصلت أربعة تحقيقات إضافية أجرتها وكالة فرانس برس، ومنظمة العفو الدولية، وهيومن رايتس ووتش، ووكالة رويترز، إلى النتيجة نفسها: الاحتلال الإسرائيلي شن هجوماً متعمداً على الصحافيين، "ويُعد الهجوم المتعمد على المدنيين جريمة حرب بموجب القانون الدولي"، كما يقول تقرير مفصّل أصدرته لجنة حماية الصحافيين يوم الخميس الماضي، في الذكرى السنوية الأولى لهذه الجريمة.
بعد عام من قتل الاحتلال عصام العبد الله اختفت الدهشة أو حتى الغضب، بعدما تبيّن طيلة العام الماضي، أنّ استهداف الصحافيين جزء أساسي من حرب الإبادة الإسرائيلية، مع سقوط أكثر من 175 صحافياً شهيداً في قطاع غزة، إلى جانب استهداف الاحتلال للصحافيَّين في قناة الميادين فرح عمر وربيع معماري في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، ما أدى إلى استشهادهما.
توضح الرئيسة التنفيذية للجنة حماية الصحافيين جودي غينسبرغ: "الهجوم الذي أسفر عن مقتل عصام العبد الله وإصابة ستة صحافيين، هو استمرار لنمط استهداف الإعلاميين، الذي مارسته إسرائيل على مدى عقود من دون مساءلة. وعلى الرغم من الأدلة الكثيرة على ارتكاب جريمة حرب، وبعد مرور عام على الهجوم، لم تواجه إسرائيل أي مساءلة عن استهداف الصحافيين. ومع مرور أكثر من عقدين على الهجمات المتعمدة على الصحافيين من دون أي عواقب، مُنح الجيش الإسرائيلي رخصة لمواصلة هذا النمط القاتل".
على عكس الواقع في غزة، حيث قيّد الاحتلال والسلطات المصرية دخول الصحافيين الأجانب، تمكنت وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية في لبنان من جمع مجموعة واسعة من الأدلة، بما في ذلك الصور، والفيديوهات، والشهادات، المرتبطة بهجوم 13 أكتوبر. كما حلّلت المنظمات والمؤسسات الإعلامية الشظايا الموجودة على الأرض وفي سيارة "رويترز"، وراجعت تقرير تشريح جثة عصام العبد الله وأجرت تحليلات صوتية، ومقابلات مع مسؤولين حكوميين وأمنيين، وخبراء عسكريين، ومحققين جنائيين، وأطباء.

لعب الصحافيون الذين نجوا من الهجوم في ذلك اليوم دوراً محورياً في جمع الأدلة من دون قصد، إذ كانوا يقدمون بثاً مباشراً لثلاث وكالات أخبار دولية وقت وقوع الحادث. يتضمن هذا لقطات فيديو للمصور الصحافي في وكالة فرانس برس، ديلان كولينز، الذي بدأ التصوير في الساعة 5:05 مساءً، أي قبل حوالي ساعة من الضربة الأولى. استمرت كاميرته في التصوير بعد الضربة الأولى، حتى تضررت بعد 37 ثانية في الضربة الثانية. قال كولينز للجنة حماية الصحافيين: "أعتقد أن ما رأيناه بوضوح هو أن سترة الصحافة لم تعد تحميك بعد الآن. يمكن أن تجعلك هدفاً".
في فيديو نشرته لجنة حماية الصحافيين يوم الخميس الماضي، يروي كولينز تسلسل الهجوم على خلفية لقطاته الخاصة، إلى جانب لقطات إضافية من الهجوم صورها الصحافيون في التلفزيون العربي والمؤسسة اللبنانية للإرسال إنترناشونال.
يقول المصوّر الأميركي في الفيديو إنه في 13 أكتوبر 2023، استعد الصحافيون السبعة من وكالة فرانس برس، وقناة الجزيرة، ووكالة رويترز ليوم آخر من التغطية للحرب التي بدأت قبل أسبوع. ويشرح أنه بعد ظهر ذلك اليوم تجمعوا في منطقة مفتوحة على قمة قريبة من الحدود لتغطية القصف الذي كان يقع على بعد حوالي كيلومترين.
بحسب شهادة كولينز اتخذ الصحافيون كل الاحتياطات الأمنية: كانوا جميعاً يرتدون خوذات وسترات واقية من الرصاص تحمل علامة صحافة. قال كولينز: "كنا مرئيين من الأعلى، مع وجود إحدى السيارات التي تحمل علامة (تلفزيون)، وكنا مرئيين لمواقع عسكرية إسرائيلية عدة على طول الحدود الإسرائيلية. لقد كانوا يعلمون أننا هنا منذ اللحظة التي وصلنا فيها".
استشهد عصام العبد الله على الفور في الضربة الأولى، التي أصابت أيضاً كريستينا عاصي إصابة خطيرة، ما جعلها تفقد الإحساس بساقيها. بدأ كولينز بوضع ضمادة على ساق عاصي لوقف نزيفها، عندما أصابت قذيفة الدبابة الإسرائيلية الثانية المجموعة.
من جهته قال ماهر نزيه، للجنة حماية الصحافيين: "لقد غير هذا الهجوم حياتي بأكملها. بعدها، مررت بأزمة نفسية، ليس من الخوف، بل من التفكير في ما قد يحدث لأطفالي وحياتي وعائلتي إذا أصابني مكروه. لم أكن أستطيع النوم ليلاً. لماذا حدث كل هذا؟ نحن صحافيون. لا نحمل أسلحة. الصحافيون ينقلون الأخبار، ولا يصنعونها. هذا معروف دولياً. يُفترض أن يُحمى الصحافي من الجميع".

المساهمون