شهية الجمهور التركي مفتوحة على أفلام الرعب

01 أكتوبر 2022
من كواليس تصوير فيلم "الدلو المسكون 2- الزواج المحرّم" (ياسين أكغول/ فرانس برس)
+ الخط -

بدا الاضطراب على الرجل العجوز الراكع أمام مبنى مهدم ذي باب مهشم، وهو يحاول عبثاً طرد الأرواح الشريرة التي يؤمن كثر في المجتمع التركي بوجودها. وفيما تدور الكاميرات حول الممثل، يحضّه المخرج متين كورو على أن يؤدي المشهد بكل ما أوتي من قدرات تمثيلية، تفادياً لإعادته، إذ يحرص على إبقاء عدد اللقطات محدوداً، نظراً إلى أن ميزانية الفيلم محدودة.
ويشكّل هذا الفيلم الروائي الجديد الذي صُوّر بما تيسّر من إمكانات في بورصة (غرب تركيا)، إضافة جديدة إلى قطاع سينمائي مزدهر يواكب شهية الجمهور لهذا النوع من أعمال الفن السابع. وتحفل دور السينما في تركيا كل أسبوع، رغم الأزمة الاقتصادية، بعروض أكثر من فيلم رعب جديد، ويبلغ إجمالي عدد هذه الأفلام نحو 60 هذه السنة.
وقال كورو، لوكالة فرانس برس، بين مشهدين من فيلم "الدلو المسكون 2- الزواج المحرّم"، إنه يحاول "ارتكاب أقل عدد ممكن من الأخطاء" الفنية. ويساعد التصوير في الظلام على خفض التكلفة، إذ إن "لوحة ألوان أفلام الرعب ليست شديدة التنوع، ما يتيح التصوير بكاميرات أقل تكلفة، واستخدام قدر أقل من الإضاءة، والاستعانة بطواقم أصغر".
لم تكن تركيا تنتج سوى عدد قليل من أفلام الرعب حتى تسعينيات القرن العشرين. ولاحظت الناقدة السينمائية غيزم سيمسيك كايا التي تدرّس في جامعة "كولتور" في إسطنبول أن تزايد الإقبال عليها يعود إلى التغيّرات التي شهدها المجتمع التركي. ورأت الناقدة أن "تراجع الخرافات لصالح العلم بدأ يتلاشى في نهاية التسعينيات"، قبل وقت قصير من وصول الرئيس الإسلامي التوجّه رجب طيب أردوغان إلى السلطة.
انتشرت أفلام الرعب ذات السمة الدينية بعد فيلم "بويو"(التعويذة) الذي عُرض عام 2004، واستقطبت جماهير جديدة بعد ذلك بعامين من خلال مسلسل "دابة" الذي استند عنوانه إلى إحدى "علامات الساعة" في القرآن.
في تسع سنوات، صوّر مخرج فيلم "دابة" حسن كاراكاداغ ستة أفلام طويلة وحطم أرقاماً قياسية عدة على شباك التذاكر التركي. كذلك برزت منذ عام 2014 سلسلة أفلام رعب أخرى. ورأت غيزم سيمسيك كايا أن "بعض الاتجاهات الإسلامية وصعود التيار المحافظ" ساهم في تزايد الإقبال على هذه الأعمال.
وتتمحور معظم أفلام الرعب التركية على مفهوم الجن في الإسلام. وتجد فنانة الماكياج يسيم فاتانسيفر صعوبة كبيرة في التعبير عن شكل شخصيات الجنّ على الشاشة، ليس فقط لأنها يُفترض ألا تكون مرئية، بل لكونها موجودة في أكثر من 70 نوعاً. وقالت "لربما كان إظهار كائنات فضائية أسهل بكثير". وأشارت كايا إلى أن أفلام مصاصي الدماء على النمط الغربي تسيء إلى المشاعر الدينية في تركيا، إذ تعادل "شكلاً من أشكال الشرك".
كذلك تطرح الأشباح مشكلة، إذ "في الإسلام، لا تكون الجثة مغطاة إلا بكفن. وعند محاولة إنعاش شخص ما أو شيء ما، يجب عليه إزالة الكفن والسير عارياً". وروت أن رجلاً في أحد الأفلام عثر على سروال في الشارع بعد أن مزق كفنه، و"في اللحظة التي ارتداه فيها، تحول الفيلم إلى كوميديا".
كل هذه القيود تساهم في جعل الإنتاجات التركية متشابهة. وذكّرت كايا بأن "تصوير الأفلام يتم في غضون أيام قليلة"، مشيرة إلى أن "المعدات متواضعة". وقالت "قبل هذه السنة، لم يسبق لي أن شاهدت إشعار تنبيه إلى وجود خطأ يظهر بالصدفة في فيلم سينمائي"، وهو ما يشير إلى وجود إهمال في عملية التوليف.

سينما ودراما
التحديثات الحية

وأقرت كاتبة السيناريو أوزليم بولوكباسي بأن الأفلام غالباً ما تخيب آمال الجمهور. لكنها تشرح أن ميزانيات هذه الأفلام وإمكاناتها الإنتاجية "محدودة". وأضافت "رغم ذلك، هل ما زلنا نجذب الجمهور؟ الجواب هو نعم". كذلك تجذب عمليات التصوير الفضوليين. وقد توافد القرويون مثلاً لمشاهدة تصوير مشهد الرجل العجوز الراكع في فيلم "الدلو المسكون 2- الزواج المحرّم".

وقال حسين أيدمير الذي يملك مطعماً في بورصا، بالقرب من موقع التصوير، إن "الأمر ممتع. فالمدينة كلها هنا الآن". وأضاف: "لقد صُوّر مشهد في المقبرة قبل يومين. وكان السكان هناك قبل ساعات من حضور طاقم الفيلم".

(فرانس برس)

المساهمون