دليل على التزاوج بين الإنسان العاقل والنياندرتال

07 سبتمبر 2022
إنسان نياندرتال تزاوج مع البشر منذ نحو 100 ألف عام (مايك كيمب/Getty)
+ الخط -

أشارت دراسة جديدة إلى وجود آثار من الحمض النووي لإنسان نياندرتال في جينوم الإنسان الحديث. وتقيم الدراسة الاستكشافية بنية الوجه لجماجم ما قبل التاريخ، وتقدم رؤى جديدة، وتدعم الفرضية القائلة إن الكثير من حالات هذا التزاوج حدثت في منطقة الشرق الأدنى التي تمتد من شمال أفريقيا إلى العراق.

أحدث الحمض النووي القديم ثورة في طريقة تفكيرنا في التطور البشري. إذ غالباً ما نفكر في التطور كأغصان على شجرة، وقد أمضى الباحثون الكثير من الوقت في محاولة تتبع المسار الذي قادنا إلى الإنسان العاقل. لكن الدراسة الجديدة التي نشرت في 23 أغسطس/ آب في دورية بيولوجي، جعلت الباحثين يدركون أنها ليست شجرة، وإنما هي أشبه بسلسلة من الجداول التي تتقارب وتتباعد عند نقاط متعددة، وبالتالي هذا ما يبطل ويعارض الفرضية التي تنظر إلى التطور الطبيعي بشكل خطّي.

يعرف إنسان نياندرتال بصنع واستخدام مجموعة واسعة من الأدوات المتطورة، والسيطرة على الحرائق، والعيش في مأوى، وصنع الملابس وارتدائها، وصيد الحيوانات الكبيرة، وكذلك أكل النباتات. وهناك أيضاً أدلة على أنهم دفن موتاه.

انقرض إنسان نياندرتال قبل 40 ألف سنة من الآن، وهو أقرب البشر المنقرضين إلى الإنسان الحديث (هومو سابينس). أظهرت مجموعة من الأبحاث أن إنسان نياندرتال قد تزاوج مع البشر منذ نحو 100 ألف عام، لكن الدراسة الجديدة تشير إلى المناطق المرجّحة التي حدث فيها هذا التزاوج. 

جمع الفريق المكون من باحثين من جامعة ولاية نورث كارولينا وجامعة ديوك وجامعة ويتواترسراند في جنوب أفريقيا بيانات منشورة بالفعل عن خصائص وبنية الوجه لإنسان نياندرتال الذي كان يتسم بوجه أكبر من وجه البشر المعاصرين، لكن حجم الوجه لا يكفي لتحديد الصلة الجينية بينه وبين البشر. بنى الفريق مجموعة بيانات تتألف من معلومات عن 13 إنسان نياندرتال و233 إنسان ما قبل التاريخ و83 إنساناً حديثاً، بناء على نتائج الدراسات السابقة المتاحة. وركزوا على قياسات الجمجمة كعنصر تحكم لدراسة حجم وشكل هياكل الوجه الرئيسية.

سمحت النتائج بتحديد ما إذا كان من المحتمل أن يكون البشر المعاصرون قد تزاوجوا مع مجموعات إنسان نياندرتال. بالإضافة إلى ذلك، استخدم الباحثون أيضاً المتغيرات البيئية، مثل المناخ، لتحديد احتمالات أن تكون الروابط التي أنشأوها بين الإنسان البدائي والإنسان هي نتيجة للتزاوج بدلاً من عامل آخر. 

وفي تصريح لـ"العربي الجديد"، قالت المؤلفة المشاركة في الدراسة، آن روس، أستاذة العلوم البيولوجية في جامعة ولاية نورث كارولينا: "وجدنا أن خصائص الوجه التي ركزنا عليها لم تتأثر بشدة بالمناخ، ما جعل من السهل تحديد التأثيرات الجينية المحتملة. ووجدنا أيضاً أن شكل الوجه كان متغيراً أكثر فائدة لتتبع تأثير التزاوج بين الإنسان البدائي والبشر المعاصرين".

كان إنسان نياندرتال أكبر من البشر المعاصرين. وبمرور الوقت، أصبح حجم الوجوه البشرية أصغر، بعد أجيال من تكاثرها مع إنسان نياندرتال. لكن الشكل الفعلي لبعض ملامح الوجه احتفظ بدليل على التزاوج مع إنسان نياندرتال، وفقاً للمؤلفة المشاركة في الدراسة. 

تدعم النتائج التي توصل إليها الفريق الفرضية القائلة إن الكثير من هذا التزاوج حدث في منطقة تمتد من شمال أفريقيا إلى العراق. وبناء على النتائج، فإنه يبدو أن السكان الآسيويين الحديثين يمتلكون المزيد من الحمض النووي لإنسان نياندرتال مقارنة بالسكان الأوروبيين المعاصرين، وهذا أمر يصفه المؤلفون بالغريب، لأن إنسان نياندرتال عاش في ما يعرف الآن بأوروبا. ويشير ذلك إلى أن إنسان نياندرتال قد تزاوج مع من هو الآن إنسان حديث حين غادر أسلافنا أفريقيا في عصور ما قبل التاريخ، وقبل أن ينتشروا في آسيا.

المساهمون