دراسة: شعوب شمال السودان في عصور ما قبل التاريخ دخلت في حروب

02 يونيو 2021
شعوب منطقة شمال السودان، دخلت في عدة حروب منذ قرابة 13400 عام (Getty)
+ الخط -

كشفت دراسة جديدة أن شعوب عصور ما قبل التاريخ التي سكنت منطقة شمال السودان، دخلت في عدة حروب منذ قرابة 13400 عام، وفقاً لتحليلات الجثث التي عُثر عليها في مقبرة جماعية في جبل الصحابة، التي تم التنقيب عنها في الستينيات من القرن الماضي.

عثر الفريق البحثي، معد الدراسة المنشورة في مجلة Scientific Reports يوم 27 مايو/أيار الماضي، على بقايا 61 من الرجال والنساء والأطفال داخل المقبرة. ظهرت على 41 من الهياكل العظمية آثار إصابة واحدة على الأقل، معظمها من أسلحة مثل الرماح والسهام.

وفي بعض الحالات، لا تزال هناك أجزاء من الحجر (رؤوس الرماح) مغروسة في عظام كل من الرجال والنساء القتلى. شهدت الفترة محل الدراسة انتعاش مجتمعات الصيادين -صغيرة الحجم- على جانبي نهر النيل، قبل ظهور الزراعة، لذلك يعتقد العلماء أن هذا الاكتشاف قد يساعدنا في فهم العنف في مرحلة ما قبل تاريخ.

 

عُثر على رفات بشرية تعرّضت إلى ضربات بالسهام والرماح
 

يمتد تاريخ منطقة جبل الصحابة أكثر من 13400 عام (العصر الجليدي المتأخر). ويعد أقدم مجمع جنائزي في وادي النيل، كما يعد من أقدم المواقع التي ظهرت عليها بوادر صراع جماعي ربما كان شائعاً بمجرد أن استقر الناس في مكان واحد للزراعة، وهو ما بدأ يحدث منذ حوالي 12000 عام.

لكن الأدلة على العنف المنظم بين المجتمعات الأكثر تنقلا، مثل تلك التي يمثلها جبل الصحابة، غير تقليدية. وقالت المؤلفة الرئيسية في الدراسة، إيزابيل كريفيكور، الباحثة في جامعة بوردو في فرنسا، إن إعادة تقييم الرفات البشرية من المقبرة، كشفت أن الإصابات التي لحقت بها كانت نتيجة للعنف البشري، بشكل رئيسي نتيجة أسلحة المقذوفات بما في ذلك الرماح والسهام.

اقترح فريق البحث أن التغيرات المناخية الشديدة، خلال هذه الفترة في وادي النيل، قد تكون مسؤولة عن الضغوط الإقليمية والبيئية التي أدت إلى مستوى العنف العشوائي الواسع الذي ظهر من خلال الرفات البشرية. وأوضحت كريفيكور، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن نتائج الدراسة مهمة لما لها من تداعيات على النقاش حول أسباب وشكل الحرب. وبناء على البيانات العرقية والأركيولوجية، من الواضح أن الحرب يمكن أن تشمل جميع أشكال العلاقات العدائية. وبهذا المعنى، يمكن تصنيف مثال جبل الصحابة على هذا النحو.

ووفقاً للباحثة، فإنه في معظم الحالات، تكون البيانات الأثرية مجزأة ومتناثرة، وبالكاد يتم وضعها في سياقها ومؤرخة مما يعقّد تحديد أعمال العنف بين الأشخاص ووصفها بأنها أمثلة حرب. في حين يوفر السياق الأثري الاستثنائي لوادي النيل، والمحافظة الجيدة على مقبرة جبل الصحابة -إحدى أقدم المقابر في أفريقيا- جنبا إلى جنب مع التغيرات البيئية المسجلة جيدا

في نهاية العصر الجليدي، نظرة ثاقبة وفريدة للتعامل مع السلوك البشري في العصور السحيقة. وعن أسباب الحرب التي أسفرت عن وجود المقبرة، قالت كريفيكور إن إحدى الفرضيات الأكثر احتمالاً لتفسير ما قد يكون قد أثار هذا الصراع، ترتبط بالتغيرات البيئية القوية التي شهدها هؤلاء السكان بين نهاية العصر الجليدي، وهي فترة قاحلة للغاية أجبرتهم على الانتقال بالقرب من وادي النيل.

قد تكون هذه التغيرات البيئية الكارثية بسبب التغيرات في نظام تدفق النيل قد أثرت على بقاء البشر في وادي النيل، وأثارت علاقات عدائية بين هذه المجموعات السكنية الصغيرة للوصول إلى الموارد.

المساهمون