حملة لتعديل مشروع قانون حق الحصول على المعلومة في العراق

21 أكتوبر 2024
متظاهرون عراقيون يحتجون على قتل صحافيين في البصرة، 17 يناير 2020 (حسين فالح/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تسعى حملة تضم 600 شخصية حقوقية وصحافيين في العراق لتعديل قانون حق الحصول على المعلومة، الذي يواجه انتقادات لتقييده حرية الصحافة.
- اجتمعت لجنة الثقافة والإعلام في البرلمان مع ممثلي الحملة لمناقشة التعديلات، وسط معارضة بعض الكتل البرلمانية، مما دفع الصحافيين لتنظيم حملات ضغط.
- يثير القانون مخاوف من تعزيز السرية وتقويض الشفافية، مما قد يزيد الفساد ويضعف سيادة القانون، مع قلق الصحافيين من معاقبتهم بتهم التجسس.

تجتهد نحو 600 شخصية حقوقية ومدنية وصحافيون وكتاب ومدونون وأعضاء في البرلمان، ضمن حملة موحدة لتعديل مسودة قانون حق الحصول على المعلومة في العراق.

ووجّهت انتقادات عدة واعتراضات كثيرة لمشروع القانون، باعتباره "ملغوماً" ويهدّد حرية الصحافة في العراق، لاحتوائه على نصوص وفقرات تقيّد قدرة الصحافيين على الحصول على المعلومات التي يحتاجونها من دوائر الدولة.

وقدّم رئيس شبكة المحامين المتطوعين للدفاع عن حرية التعبير، دلوفان برواري، والخبير الدستوري وائل منذر، ورقة تعديلات قانونية توافق عليها أعضاء حملة تعديل القانون، وتضمنت رسالة موجهة للبرلمان تدعوه لإقرار سلسلة تعديلات جوهرية على القانون تضمن حق الوصول والحصول على المعلومات، كحق أصيل للأفراد وداعم للحريات وأسس البناء الديمقراطي في البلاد.

كما اجتمعت لجنة الثقافة والإعلام في البرلمان العراقي، مع ممثلي حملة تعديل القانون، ضمن ورشة عمل نظمتها لجنة الإنقاذ الدولية، لمناقشة تعديل فقراته بالشكل الذي يحقق الهدف من إقراره، وبما يتوافق مع الدستور العراقي والقوانين النافذة والمعايير الدولية.

وبحسب بيان الحملة الذي صدر مساء أمس الأحد، فإن "أعضاء اللجنة البرلمانية قدموا كل التعديلات الدقيقة المقترحة من قبلهم، كما استمعوا إلى ملاحظات ممثلي حملة تعديل القانون والتعديلات المقترحة من قبلهم".

واتفق المشاركون على تثبيت عدد من التعديلات التي تتوافق مع التعديلات المقترحة من قبل ممثلي الحملة على القانون الموجود في البرلمان حالياً، والتي من شأنها ضمان عدم تقييد إمكانية الحصول على المعلومات بالنسبة للصحافيين وكذلك تبعات نشرها من قبلهم.

ومنذ أكثر من عشر سنوات، يطالب الصحافيون العراقيون بقانون يضمن لهم العمل بحرية من دون التعرض للمساءلة القانونية أو التهديدات التي تصل إليهم من مسؤولين وجماعات مسلحة وأحزاب.

ويبحث مشروع القانون إمكانية الحصول على المعلومات من مصادرها الرسمية أو شبه الرسمية، إضافة إلى ضمان حرية التحرك والدخول إلى مؤسسات الدولة، سواء التي تُثار حولها شبهات الفساد أو تلك التي تحتوي على سجلات وملفات تخدم المواد الصحافية.

لكن جهود الصحافيين لم تنجح، بل إن كتلاً برلمانية في مجلس النواب العراقي سعت إلى الاحتيال على مسودة القانون لأجل منع وصول المعلومات إلى الصحافة، فيما تستمر اتحادات وتجمعات وتحالفات المنظمات المعنية بحرية العمل الصحافي بتنظيم الحملات الإعلامية والمسيرات من أجل إجبار السلطات على سنّ القانون بعيداً عن تلاعب الأحزاب به.

وتكمن أهمية قانون حق الحصول على المعلومة في دعم مفاهيم الشفافية، وتقليل الفساد عبر كشفه، وتشديد الرقابة الشعبية على المؤسسات الحكومية، من خلال بيانات وأرقام ومعلومات حقيقية تزيد من ثقة الجمهور بالصحافة، لا سيما أن الأحزاب المتنفذة بعد عام 2003 عملت على شيطنة هذه المهنة، واتبعت أساليب أدت إلى تطويقها بأسوار من الخوف والتهديد، فيما قتل وغيّب العشرات من ممارسيها خلال تغطيتهم ملفات معينة، وتحديداً المتعلقة بالفساد واحتجاجات الحراك المدني، وأقيمت ضد عشرات آخرين دعاوى قضائية.

في السياق، قال عضو نقابة الصحافيين العراقيين علي مؤيد إن "الأحزاب الدينية الماسكة للسلطة تريد تمرير قانون حق الحصول على المعلومة وفق صيغة لا تتناسب وطبيعة العمل الصحافي والإعلامي، بل إن النسخة التي تتداولها الأحزاب في البلاد ستسهم في إسكات الصحافيين ومعاقبتهم في حال حصولهم على أية معلومة من شأنها أن تفتح ملفات الفساد الكبيرة". أضاف في حديث مع "العربي الجديد" أن "الأحزاب تفكر في إعادة إنتاج مفهوم جديد للصحافة المحلية في البلاد، وأن تكون الصحافة سلطة تابعة وليست رابعة".

وأكمل مؤيد أن "صحافيي العراق يرفضون ويقفون بالضد من المسودة التي تريد بعض الأحزاب تمريرها عبر البرلمان، لأنها في حقيقة الأمر طريقة مليشياوية لترهيب الصحافيين، بل إنها تؤكد معاقبة الصحافيين بتهم التجسس والتخابر في حال الكشف عن أي معلومات تحتوي على فساد في دوائر الدولة ذات الطابع الأمني، بالتالي فإن الصحافي سيكون مبعداً عن مساحات الكشف عن الفساد لدى بعض الدوائر في الدولة، أو حلقات السياسيين والأحزاب".

مخاوف من مشروع قانون حق الحصول على المعلومة

ويرى صحافيو العراق أن الصيغة المطروحة حالياً للتصويت تحتاج إلى تعديلات جوهرية لضمان توافقها مع المعايير الدولية والدستور العراقي، لأن بعض المواد المقترحة في المسودة "قد تفضي إلى تعزيز ممارسات السرية وتقويض الشفافية، ما يزيد من خطر الفساد ويضعف من دور المؤسسات في تعزيز سيادة القانون".

من جهتها، أشارت الصحافية المستقلة ريم عبد الله إلى أن "مسودة قانون حق الحصول على المعلومة التي طرحته قوى سياسية قد تقود بعض الصحافيين إلى السجون ولا غرابة إن حكم على بعضهم بالإعدام، لأنها ترى في الصحافة جانباً تجسسياً لا بد من إسكاته"، معتبرة في اتصالٍ مع "العربي الجديد" أن "نقابة الصحافيين التي من المفترض أن يكون لها دور في هذه المسألة، ساكتة ولا تتحدث عن أي شيء، وهي متماهية كثيراً مع وجهة نظر الأحزاب".

وفي يونيو/ حزيران من العام الماضي، وجّه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بدراسة مشروع قانون حق الحصول على المعلومة. وقال السوداني، في الاحتفال الرسمي الذي أقامته نقابة الصحافيين العراقيين بمناسبة العيد الـ154 للصحافة في البلاد، إنه "وجّه بدراسة مشروع قانون حق الحصول على المعلومة وتقديم الملاحظات بشأنه، من أجل إرساله إلى مجلس النواب".

لكن هذا الإعلان لم يطمئن الصحافيين، بل تخوّف بعضهم من احتمال إقرار قانون لا يناسب تطلعات العاملين في قطاع الإعلام والصحافة، خصوصاً مع وجود أحزاب داخل البرلمان العراقي لا تسمح بحرية الصحافة خشية من فضح عمليات فساد كبرى جرت في البلاد خلال العقدين الماضيين.

يذكر أن العراق تراجع من المرتبة الـ 167 إلى المرتبة الـ 169 في مؤشر حرية الصحافة لعام 2024 الذي تعده منظمة مراسلون بلا حدود ويشمل 180 دولة. وقد حذرت "مراسلون بلا حدود"، ومقرها العاصمة الفرنسية باريس، من أنه "بين الإرهاب وعدم الاستقرار السياسي والتظاهرات، يواجه الصحافيون تهديدات من كل حدب وصوب، في ظل ضعف الدولة ومؤسساتها التي تتقاعس عن دورها في حمايتهم".

المساهمون