بدأت ورشة العمل من أجل عودة تلفزيون المستقبل اللبناني إلى الساحة الإعلامية، بعد تعليق العمل فيه وتصفية حقوق العاملين والعاملات منذ سبتمبر/أيلول 2019 إثر الأزمة المالية التي مُنيَ بها رئيس الوزراء الأسبق ومالك القناة سعد الحريري، وانعكست على كل مؤسساته.
وأكد الصحافي والقيادي في "تيار المستقبل" عبد الله بارودي، لـ"العربي الجديد"، أن "الرئيس الحريري اتخذ القرار بشكل نهائي بإعادة فتح التلفزيون، على أن يستأنفَ البث مبدئياً خلال شهرَيْن أو ثلاثة تقريباً، تبعاً لمسار التحضيرات التقنية واللوجستية التي بدأت، وهناك ورشة مكثفة للانتهاء منها".
ولفت بارودي إلى أن "لا معلومات وافية بعد عن التوظيفات الجديدة، بانتظار انتهاء التحضيرات وتحديد شبكة البرامج، وبالتالي اكتمال المشهد من الصعد كافة".
وفي السياق، علم "العربي الجديد" أن "عودة التلفزيون في ظلّ الأزمة الاقتصادية الحادة التي يمرّ بها لبنان، وفي وقتٍ لا تزال هناك حقوق مادية للموظفين والعاملين في شبكة المستقبل لم تطوَ صفحتها بعد، هدفها الأساسي انتخابي لمواكبة الاستحقاق النيابي المرتقب في مايو/أيار 2022".
وهذا خصوصاً "بعد تراجع رصيد الحريري سياسياً وشعبياً، ما يحتم عليه وجود وسيلة إعلامية تدعمه بالكامل، عدا عن مخططه الإعلامي بشكل عامٍ لتعزيز حملة تياره الانتخابية، منها فتح المنابر على أوسع نطاق وتغطية النشاطات، وهي خطوة تلجأ إليها كل القوى السياسية والشخصيات المرشحة من رجال أعمال وآخرين من حملة الأموال، في حين تضيّق المساحة على الناشطين المدنيين الراغبين في تغيير الطبقة الحاكمة والوجوه التقليدية".
تجدر الإشارة إلى أن شقيق رئيس "تيار المستقبل" بهاء الحريري، وهو على خصامٍ ومواجهة سياسية معه، دخل بقوّة الساحة الإعلامية عبر "صوت بيروت إنترناشونال"، التي استعانت بكوكبة من الصحافيين والإعلاميين المعروفين على الساحة اللبنانية من أجل دعم انطلاقة مشروعه، والذي بات له ثقله اليوم مع مواكبته كل الأحداث اليومية وعبر البث المباشر ومختلف وسائل التواصل الاجتماعي.
ولم يَغِب تلفزيون المستقبل، الذي انطلق عام 1993، كلياً عن الساحة الإعلامية حتى عام 2019، كونه اعتمد على ترشيد برامجه وإعطاء الحيز الأكبر للأرشيف القديم قبل حوالي السنتين من تاريخ الاقفال، في ظل إصراره على البقاء، وذلك نتيجة الأزمة المالية التي انعكست على الموظفين والعاملين.
لكن بعد ذلك، اقتصرت "إطلالاته" على المشاهدين في سنوية ذكرى اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، أي في 14 فبراير/شباط من كلّ عام، ليفتح الهواء للمسؤولين في تيار المستقبل والحلفاء الذين يستعرضون أحداث الاغتيال في الماضي والحاضر ومسار الملف مستقبلاً.
أخبار كثيرة دائماً ما تتردّد عن عودة البث، بيد أن الإعلان عن ذلك لم يحصل يوماً، والتأكيد كان ينحصر دائماً في أن الفكرة واردة في كلّ وقتٍ.
وقد أدى قرار إقفال التلفزيون إلى صرفِ أكثر من 300 موظف وعامل، لتتجدد معركة المطالبة بالحقوق المادية من خلال سلسلة تحرّكات نفذت على الأرض وأمام مبنى القناة في منطقة سبيرز– بيروت، وانتهت قبل أكثر من عامٍ باتفاق على تقسيط الرواتب على 25 شهراً، فجرت المماطلة كثيراً بالعملية لتأخير الدفعات الشهرية قبل البدءِ بها، ومنها حجج ارتبطت بفيروس كورونا وبدء انتشاره في لبنان في فبراير/شباط 2020.
وفي هذا السياق، أكد عددٌ من العاملين سابقاً في القناة، لـ"العربي الجديد"، أنهم حتى اللحظة تلقوا 17 دفعة من أصل 25، وهي تسدّد شهرياً بالعملة الوطنية وبحسب سعر الصرف الرسمي، أي ألف وخمسماية ليرة لبنانية، أما الموظف الحرّ وعقده بالدولار الأميركي فيتقاضاه بالليرة وعلى سعر 3900، مع العلم أنّ المبالغ فقدت أكثر من تسعين بالمئة من قيمتها وما عادت تساوي شيئاً، خصوصاً بعدما تجاوز سعر صرف الدولار في السوق السوداء عتبة 23 ألف ليرة، وارتفعت معه أسعار مختلف السلع والبضائع وعلى صعيد كل القطاعات، ولم تشهد أي انخفاض حتى بعد تراجع سعر الصرف إبان تشكيل حكومة جديدة.
وقال هؤلاء لـ"العربي الجديد" إنّ لا معلومات لديهم حول إعادة فتح التلفزيون، والحديث يقتصر مع المراجع الإدارية حول الدفعات الشهرية عندما تصرف لهم، ولا نية لديهم أصلاً بالعودة حتى لو طلب منهم، فمنهم من بدأ العمل في مؤسسات أخرى لبنانية وفي الخارج.
وبحسب معلومات "العربي الجديد"، فإنّ غالبية الموظفين لم يُبلغوا بقرار استئناف بث القناة، وبرأيهم ستكون هناك ورشة كاملة تأتي بأسماءٍ جديدة، خصوصاً أن قسماً من "القدامى" انتقل إلى مؤسسات أخرى ولم تعد قناعاته السياسية هي نفسها للعودة إلى قناة حزبية، خصوصاً بعد انتفاضة 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019، عدا عن أن الحريري لم يكن راضياً تماماً عن مسار عمل التلفزيون، وقد يستعين ببعض "القدامى"، لكن اللصيقين جداً به، سواء في القسم الإداري أو التقني والإعلامي.