تقدُّم الدراما المصرية في الماراثون الرمضاني
لم يتبقّ سوى أسبوع أمام الموسم الدرامي الرمضاني كي ينتهي. وهناك تقدّم واضح للدراما المصرية هذه السنة أيضاً. يعود ذلك إلى أسباب كثيرة؛ أهمها التنوّع في اختيار المواضيع، وخوض عدد من المخرجين الشباب تجاربهم المبكرة. يقابل ذلك تقدُّم خجول للدراما السورية؛ إذ تحول معها الأمر إلى ملعب صراعات، لا تقتصر فقط على القصص الممجوجة التي تعرض وتنقل يوميات وواقع الحرب في دمشق، بل من ناحية التنفيذ الذي تراجع بدوره.
أبقى المصريون هذا الموسم على عامل التشويق لجذب الجمهور، وطرحت أعمالهم سلسلة من المواضيع المؤثرة في المشاهد، لتبقيه في حالة ترقّب لما سيُعرض من حلقات مقبلة.
رفعت الدراما المصرية سقفها، من خلال مجموعة لا بأس بها من العناوين، منها "فاتن أمل حربي". يتناول العمل قصة امرأة مُعنّفة، تحاول تغيير قانون الأحوال الشخصية فتفشل، وتبحث في بعض الفتاوى التي تجيز، مثلاً، حضانة الأم لأبنائها بعد طلاقها وزواجها من رجل آخر، ما رفع من نسب متابعة المسلسل، بعدما انتفضت مراجع الإفتاء في القاهرة على العمل، وأدلت بدلوها في مثل هذه القضايا الشرعية، خصوصاً بعد تداول الجمهور مشهداً إشكالياً تخوض فيه فاتن أمل حربي نقاشاً مع شيخ، تطالبه بدليل شرعي يقول بعدم جواز حضانة الأم لأطفالها بعد زواجها من رجل آخر.
في الخامس عشر من رمضان الحالي، بدأت منصة "شاهد" بعرض مسلسل "بطلوع الروح"، من إخراج كاملة أبو ذكري، وإنتاج شركة الصبّاح. لا يزال التصوير مستمرّاً حتى الساعة في لبنان. يروي المسلسل قصة أكرم (محمد حاتم)، شاب متزوج من روح (منّة شلبي)، وله منها طفل اسمه "سيف". يعاني أكرم من ضعف في الشخصية، فينضم عن طريق صديقه في الجامعة عمر (أحمد صلاح السعدني)، إلى "داعش"، ويغرر بزوجته لقضاء عطلة في تركيا، لتجد الزوجة نفسها مخطوفة، لا بل أسيرة لدى الحركة الإرهابية التي تتخذ من مدينة الرقة السورية مقراً لقيام ما عُرف بـ"الدولة الإسلامية في العراق والشام".
تسرّع المخرجة كاملة أبو ذكري في إيقاع التشويق الخاص بهذا النوع من المسلسلات. والواضح أنها سابقت الوقت لإتمام العمل وإعداده للعرض في منتصف رمضان، بعدما بدأت تصويره في الأول من مارس/ آذار الماضي في بيروت. لكنها استطاعت التغلب على عامل الزمن، واستفادت من تخفيض عدد حلقات المسلسل إلى 15 حلقة. وأظهرت نتائج التفاعل مع بداية العرض قبولاً من المتابعين، ليحقق "بطلوع الروح" المراتب الأولى كـ"ترند" على موقع تويتر في القاهرة وبيروت والرياض.
ولا تقل باقي الإنتاجات المصرية في تفاصيلها عن نجاح واضح حققته في هذا الموسم، ومنها "الاختيار 3" (إخراج بيتر ميمي) الذي تحول إلى حصان رابح على صعيد نسبة المتابعة، و"راجعين يا هوا" للكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة، وإخراج محمد سلامة. نلاحظ في العمل تقدّماً فنياً للمخرج محمد سلامة، خصوصاً على صعيد تحريك ورسم الأحداث وبنائها.
يمكن القول إن الدراما المصرية ما زالت تحصن مكانها على الخريطة الدرامية العربية، منذ ثلاث سنوات، ومن الصعب منافستها.