تحول المياه إلى جليد: محاكاة دقيقة باستخدام الذكاء الاصطناعي

21 اغسطس 2022
يُمكِّن هذه النهج الجديد الباحثين من تتبع نشاط مئات الآلاف من الذرات (Getty)
+ الخط -


قام فريق من جامعة برينستون بمحاكاة الخطوات الأولية لتشكيل الجليد بدقة من خلال تطبيق الذكاء الاصطناعي AI لحلّ المعادلات التي تحكم السلوك الكمي للذرات والجزيئات الفردية، وفقا لنتائج الدراسة التي نشرت يوم 8 أغسطس/ آب في دورية Proceedings of the National Academy of Sciences.
تصف المحاكاة الناتجة كيف تتحول جزيئات الماء إلى جليد صلب بدقة كمية. كان الباحثون يعتقدون أنه يصعب الوصول إلى هذا المستوى من الدقة، بسبب مقدار قوة الحوسبة التي يتطلبها. لكنّه أصبح ممكناً عندما قام الباحثون بدمج الشبكات العصبية العميقة، وهي شكل من أشكال الذكاء الاصطناعي، في أساليبهم، إذ إنّ الذكاء الاصطناعي ذاتي التعلم قادر فعلياً على القيام بمهمة كهذه.

حلم تحقق

 وقال المؤلف الرئيسي للدراسة روبرتو كار، أستاذ الكيمياء في جامعة برينستون: "بمعنى ما، هذا يشبه الحلم الذي تحقق. كان أملنا في السابق هو أن نتمكن من دراسة أنظمة مثل هذا النظام، لكن لم يكن ذلك ممكناً من دون مزيد من التطوير المفاهيمي، وجاء هذا التطور عبر مجال مختلف تمامًا، وهو مجال الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات". وأوضح: "السحر هو أنّه بسبب بعض المبادئ الفيزيائية، فإنّ الآلة قادرة على استقراء ما يحدث في عدد صغير نسبياً من التكوينات لمجموعة صغيرة من الذرات لترتيبات لا حصر لها لنظام أكبر بكثير". كان كار قد شارك في مقاربة محاكاة السلوكيات الجزيئية على أساس قوانين الكم الأساسية منذ أكثر من 35 عاماً.  

تنوّي الجليد

يمكن أن تؤدي القدرة على نمذجة الخطوات الأولية في الماء المتجمد، وهي عملية تسمى تنوّي الجليد، أي وجود جسيم يعمل بمثابة نواة لتكوين بلورة ثلجية في الغلاف الجوي، إلى تحسين دقة نمذجة الطقس والمناخ بالإضافة إلى عمليات المعالجة الأخرى، مثل الطعام الذي يجمَّد بسرعة. وأضاف كار في تصريح لـ"العربي الجديد": "تنوي الجليد هو من الكميات الرئيسية غير المعروفة في نماذج التنبؤ بالطقس. هذه خطوة مهمة جداً إلى الأمام لأنّنا نرى اتفاقاً جيداً للغاية مع التجارب. لقد تمكنا من محاكاة أنظمة كبيرة جداً، والتي لم يكن من الممكن تصورها في السابق للحسابات الكمومية".

تطور في الحوسبة

يُمكِّن هذا النهج الجديد الباحثين من تتبع نشاط مئات الآلاف من الذرات عبر فترات زمنية أطول بآلاف المرات، وإن كانت لا تزال مجرد أجزاء من الثانية، مقارنة بالدراسات المبكرة. في الثمانينيات، حين بدأ كار عمله على هذا الموضوع، كان بإمكان أجهزة الكمبيوتر محاكاة مائة ذرة فقط على مدى بضعة أجزاء من تريليون من الثانية. أدت التطورات اللاحقة في الحوسبة وظهور الحواسيب العملاقة الحديثة إلى زيادة عدد الذرات والمدى الزمني للمحاكاة، لكن النتيجة كانت أقل بكثير من عدد الذرات اللازمة لمراقبة العمليات المعقدة مثل تنوي الجليد. في الدراسة الجديدة، قام الباحثون بتدريب شبكة عصبية، سميت كذلك بسبب تشابهها مع عمل الدماغ البشري، للتعرف على عدد صغير نسبياً من الحسابات الكمومية المختارة. بمجرد التدريب، يمكن للشبكة العصبية حساب القوى بين الذرات التي لم ترها من قبل بدقة ميكانيكية الكم. يُستخدم نهج التعلم الآلي هذا بالفعل في التطبيقات اليومية مثل التعرف على الصوت والسيارات ذاتية القيادة.

مساهمة كبيرة

في حالة تطبيق الذكاء الاصطناعي على النمذجة الجزيئية، جاءت مساهمة كبيرة في عام 2018 عندما وجد طالب الدراسات العليا في جامعة برنستون، لينفينج تشانج، طريقة لتطبيق الشبكات العصبية العميقة لنمذجة القوى بين الذرات الميكانيكية الكمومية. أجريت عمليات المحاكاة على أحد أسرع أجهزة الكمبيوتر العملاقة في العالم. في الدراسة، طبق المؤلفون هذه التقنيات لتحدي محاكاة تنوّي الجليد. باستخدام ديناميكيات جزيئية عميقة الإمكانات، تمكنوا من إجراء عمليات محاكاة لما يصل إلى 300 ألف ذرة باستخدام قوة حوسبة أقل بكثير، لفترات زمنية أطول بكثير مما كان ممكناً في السابق. 

المساهمون