ألقت الشرطة الفرنسية القبض على 48 رجلاً، يُشتبه بمشاهدتهم وتحميلهم (بشكل مكثّف) أفلاماً وصوراً إباحية تتضمّن نشاطاً جنسياً لأطفال عبر الإنترنت. عمليات التوقيف التي جرت يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، طاولت شخصيات من طبقات اجتماعية وأعمار مختلفة، يُقيمون في مختلف أرجاء فرنسا. وتمّت العملية بالتنسيق مع المكتب المركزي للقضاء على العنف. من بين الموقوفين الـ 48، منتخَبون محليّون وعاملون في قطاع التربية والتعليم وفي جمعيات غير ربحيّة. ومن الصادم، أنّ من بينهم على سبيل المثال، عاملين في قطاع رعاية الأطفال والأسر الحاضنة. كما كشفت معلومات صحافية فرنسية، عن توقيف أحد أفراد الشرطة في التهمة ذاتها، وعُمدة مدينة في إقليم كوت دور الفرنسي.
يحضر الموقوفون حالياً في مكاتب الشرطة القضائية الفرنسية، بهدف التحقيق معهم ومعرفة مدى تورطهم في هذا النوع من الممارسات. هذه المصيدة الجماعية، أتت استناداً إلى معلومات عن اطلاع وتحميل هؤلاء الأفراد، بشكل كبير، لمحتوى جنسي إباحي "عنيف على وجه الخصوص". لهذا، تتركّز التحقيقات لمعرفة المزيد، فهل اكتفى هؤلاء بنشاط جنسي مُنحرف وغير قانوني عبر الإنترنت، أم أنّ الأمر وصل إلى حدّ الاعتداء الجنسي واغتصاب أطفال؟ هذه جريمة أخرى تستدعي ملاحقة بتهمة ممارسة البيدوفيليا والاعتداء على أطفال.
أصغر الموقوفين يبلغ من العمر 26 عاماً، بينما أكبرهم يبلغ 79 عاماً. هذا يدلّ على عدم وجود "نوعيّة" محددة من الشخصيات المُشتبه بها. هؤلاء الآتون من ميادين ومهن وطبقات مختلفة، ومن بينهم متقاعدون وآباء لأطفال أيضاً، لم يكتفِ بعضهم بفعل المشاهدة والتحميل، بل يوجد بينهم هاوون لجمع هذا النوع من المواد الإباحية التي تستخدم أطفالاً. مئات أو آلاف الفيديوهات والصور، وجدتها الشرطة على حواسيب بعضهم، أو على فلاش ميموري خاصة بهم.
ومن الجدير بالذكر، أنه في عام 2021، مثلت فرنسا قرابة 6 في المائة من إجمالي المحتوى الإباحي على الإنترنت الذي يستخدم أطفالاً، من ضمن المُتداول في أوروبا. أمّا البيدوبورنوغرافيا، وحسب ما عرّفها الاتحاد الأوروبي، فهي تشمل كل مادة إباحية تُظهر أطفالاً فعليين يُشاركون أو ينخرطون في سلوك جنسي فاضح، بما في ذلك عرض أعضائهم التناسلية، أو حتى صور لأطفال غير موجودين فعليّاً ذات مضمون جنسي.
أمّا هذا الانتشار لهذا النوع من المحتوى، فيعود بشكل أساسي إلى تطور شبكة الإنترنت وتعقّدها، وامتلاكها لخصائص تسمح للجناة بإنتاج ومشاركة وبث مقاطع فيديو وصور لأطفال يقعون ضحايا سوء المعاملة والاعتداءات. أمّا ضحايا البيدوفيليا بشكل عام في فرنسا، فأظهرت دراسة أن متوسط أعمارهم هو عشر سنوات، وأن 83 في المائة منهم هم من الإناث و90 في المائة من المعتدين من الذكور، وذلك وفقاً لمسح أجرته "إيبسوس" (ِشركة فرنسية ودولية متخصصة في إجراء استطلاعات الرأي).
ويُعاقب القانون الفرنسي على فعل تسجيل، أو توزيع، أو عرض، أو نقل صور إباحية لأطفال. أمّا العقوبة فهي السجن 5 سنوات ودفع غرامة مالية تصل إلى 75 ألف يورو. لكن يبقى البحث عن أدلة رقمية أمراً معقداً، نظراً لصعوبته على الشبكة. لهذا اعتمدت الإجراءات الجنائية أسلوب تحقيق جديد في عام 2007، يقوم على التحقيق باسم مستعار من أجل التمكّن من اختراق هذه الشبكات.