"العربجي" وفانتازيا البيئة الشامية
ربيع فران
لم تنجح محاولة شركة غولدن لاين للإنتاج الفني للعبور في الدراما السورية من خلال مسلسل "العربجي"، من إخراج سيف الدين سبيعي. يبدو أن العمل الذي تعود أحداثه إلى الحقبة العثمانية يفتقد إلى رواية محورية تمثّل الأساس في تقاطع مجموعة من الحكايات التي تدور في فلك ما يفترض أن يكون حبكةً أساسية.
تنافست هذا الموسم مجموعة من مسلسلات "البيئة الشامية"، إنما اللافت هو تقديمها بديكور حديث، على عكس ما هو متعارف عليه، فبنى المخرجون أساس الحلقات على رؤيتهم وثقافة مستجدة في التصوير والتنفيذ.
ومن الواضح أن جميع المشاركين في "العربجي" من ممثلين لم يقرأوا الورق جيداً في البداية، فحاول المخرج سد جزء من ثغرات شكلت نقاط ضعف المسلسل.
يحكي المسلسل قصة عبدوالعربجي (باسم ياخور) الذي يعمل على نقل البضائع على عربة يجرها حصان لإعالة عائلته. ويحكم الحي آل النشواتي، تُجار القمح الذين يبيعون حصادهم داخل سورية وخارجها. أبو حمزة النشواتي (سلوم حداد) يواجه زوجة شقيقه درية خانم (نادين خوري) في دور جيد يخرجها من أدوار تقليدية، إلى دور امراة متسلطة في دراما تعود للبيئة الشامية. تواجه درية خانم سلفها أبو حمزة من أجل السيطرة على البلدة وإثبات نفوذ امرأة أمام رجل، هو الآخر يسعى إلى قمع النساء والتفرد بتجارة القمح وحده.
يفتقد المسلسل لأساس روائي. والواضح أن الكاتبين مؤيد النابلسي وعثمان جحا قدّما نصّاً مُصاغاً ليكون باسم ياخور البطل، كون المسلسل يحمل عنوان "العربجي" الذي يجسد مهنته ياخور. لكن ذلك لم ينقذ الممثل السوري في السيطرة على المشهد في الحلقات العشر الأولى، فبدا ياخورالحلقة الأضعف في سياق من التآمر والمناكفات بين أفراد العائلة الواحدة، وشاهداً على التحكم بمصائر أهل الحارة الدمشقية القديمة.
يحضر باسم ياخور كما لو أنه "ضيف شرف" على المسلسل، فيما تشغل زميلته بدور (ديمة قندلفت)، مساحة أكبر بدور الداية التي تحمل أسرار الحارة القديمة وتسعى لبناء نفوذ في مواجهة درية.
يفتقد المسلسل إلى روح توازي مقدرة الممثلين، خصوصاً باسم ياخور الذي يسعى في مجمل أعماله إلى تقديم ما يلفت الأنظار إليه، لكنه تائه في "العربجي" ويفتقد إلى مكونات البطل الذي لا يقهر في مشاهد كثيرة. المسلسل، في مجمله، ينتمي إلى الفانتازيا الحديثة من ناحية الشكل، ما يؤثر بشكل كبير على المضمون المفترض أن يواكب شكل المسلسل ويطابقه.
تحاول دراما البيئة الشامية الحفاظ على مكنونها في لعبة توازن الإنتاج السوري، ويشن المنتجون المعارك والحروب من أجل البقاء على القوة نفسها، لكن تغييراً واضحاً طرأ لجهة هذه الإنتاجات، جعلها حديثة بحيث لم يعد أحد يكتسب اللهجة المفترض أن يقوم عليها الحوار بين الممثلين، ويستعيد التاريخ نفسه إلى بدايات القرن الماضي. كما أنّنا إذا ما ألقينا نظرة على معظم الأعمال المنتمية إلى البيئة الشامية، فلن نجد شيئاً سوى التكرار.