العدوان الإسرائيلي على غزة... رصيد يكبر في "بنك الأهداف"

18 ديسمبر 2023
استشهد رشدي السراج في العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة (إكس)
+ الخط -

من ضمن الشهداء الذين قضوا في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، المخرج والصحافي رشدي السراج صاحب فيلم "بنك الأهداف". من الضيوف الذين حلّوا على هذا العمل الوثائقي، المصوّر الشهيد سامر أبو دقة، الذي استهدفته قوات الاحتلال قبل أيام، هو وزميله الصحافي وائل الدحدوح، الذي حلّ ضيفاً على الفيلم أيضاً.
وللمفارقة، كان الدحدوح الذي سبق أن فقد زوجته وابنه وابنته وحفيده شهداء في قصف على منزل لجؤوا إليه في هذا العدوان، يتحدث عن يوميات صعبة عايشها قبل عامين. اختتم "بنك الأهداف" (2021) عروض الدورة الرابعة العشرة من مهرجان كرامة لأفلام حقوق الإنسان في عمّان، قبل أيام.

العدوان الإسرائيلي عام 2021

في هذا الوثائقي، يكشف الدحدوح عن تفاصيل عايشها في العدوان الإسرائيلي من بينها قصف برج الجلاء في مايو/أيار 2021، حيث مقر "الجزيرة" و"أسوشييتد برس"، ومؤسسات إعلامية أخرى. فيما يكشف، عبر شاشة "الجزيرة" نفسها من على سرير الشفاء في مستشفى ناصر في خانيوس، عن تفاصيل استهدافه وأبو دقة وفريق من الدفاع المدني، بعد قرابة عامين ونصف عام على ظهوره في "بنك الأهداف".
يشير الدحدوح في "بنك الأهداف" إلى أنه علم باقتراب قصف البرج، حين سمع المذيعة من داخل الاستوديو تقول: "وردنا الآن أن الجيش الإسرائيلي أنذر بإخلاء برج الجلاء"، لينطلق فوراً إلى حيث البرج. هناك، يجد سكانه والعاملين في مكاتبهم فيه قد غادروه إلى الشارع، بينما يواصل المالك التفاوض هاتفياً مع المُحتل لمنح أصحاب الشقق السكنية والصحافيين وقتاً، لإخراج متعلقاتهم الشخصية وشيئاً من معداتهم، وهو ما قوبل بتعنت إسرائيلي، حتى قُصف البرج، وسُوّي بالأرض، فرجت صرخة الدحدوح الشهيرة: "قصفوا البرج".
ويوثّق الشهيد السراج في الفيلم الاستهداف الإسرائيلي المتعمد للبنى التحتية في غزة، على أثر قصف المقاومة بالصواريخ مدناً في العمق الإسرائيلي، أي في الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1948. حينها، تهجّر عدد كبير من لاجئي القطاع وأبنائهم وأحفادهم، رداً على الاعتداءات على حي الشيخ جرّاح، واستهداف المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وخاصة المسجد الأقصى، فكانت معركة "سيف القدس" التي انطلقت من القطاع المحاصر متزامنة مع "هبّة الكرامة" في الضفة الغربية بما فيها القدس، وفي الداخل الفلسطيني المحتل. وعلى أثر ذلك، بدأت طائرات جيش الاحتلال تقصف المدنيين في غزة، في عدوان جديد أطلقت عليه اسم "حارس الأسوار".
وكان لافتاً اتكاء الفيلم، في بعض أجزائه، على مشاهد مصورة بكاميرا هاتف طفلة كانت تحاول الهروب من القصف مع إخوتها بعد أن فقدت الاتصال بأهلها. مشاهد مروعة ومؤلمة تُظهر الواقع الصعب، الذي كبرت فيه الطفلة فصارت أمّاً في دقائق، إذ باتت مسؤولة عن رعاية أشقائها وشقيقاتها الأصغر منها، خاصة بعد أن فجعت باستشهاد شقيقتها الكبرى أثناء رحلة الفرار، فيما كان الوالدان تحت الركام.

جائزة عام 2022

حاول السراج في الفيلم، الفائز بجائزة مهرجان العودة السينمائي في غزة لدورة عام 2022، أن يوصل إلى العالم أن أهداف جيش الاحتلال الإسرائيلي، وفي العدوان تلو العدوان على قطاع غزة، كانت، ولا تزال، المدنيّين من أطفال، ونساء، وشيوخ، وصحافيين، ومحامين، وأطباء، ومسعفين، ورجال دفاع مدني، وكذلك المباني التي تشكل جدرانها مأوى للمستهدفين الذين لا حول لهم ولا قوة.

يكشف "بنك الأهداف" في كل دقيقة من دقائقه العشرين لامعقولية الجرائم التي يرتكبها الاحتلال بحق غزة وأهلها، مفنداً ادعاءات الماكينة الإعلامية الإسرائيلية المساندة لماكينة الحرب، بأن كل ما يحدث بسبب ما كان في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ليؤكد أن ما يحدث من جرائم حرب الآن ما هي إلا نهجٌ إسرائيلي متواصل منذ عقود، مدللاً على ذلك بما عرف شعبياً بـ"حرب الأبراج"، إذ استهدفت الطائرات الإسرائيلية أبراجاً سكنيّة بكامل طوابقها، في تدمير منهجي ومُخطط له يستهدف بالأساس وجود الشعب الفلسطيني في غزة، ويشكل مسعى مستداماً لإبادة أحلام وآمال من تبقى منهم على قيد الحياة.
يوثق الفيلم استهداف الاحتلال كل شيء في غزة.
رحل السراج شهيداً في العدوان الإسرائيلي المتواصل، كما أبو دقة، وتسعون من العاملين في الصحافة، منذ بدء الحرب الحالية على قطاع غزة. وفقد الدحدوح أفراداً من عائلته ولا يزال يتعالج من إصابة مباشرة في ذراعة، قد تؤثّر على أعصاب الكف.

المساهمون