"الصفقة": حكاية امرأتين في سوق البورصة الكويتية

24 مارس 2023
يجسّد العمل قصة امرأتين رائدتين في مجال البورصة (نتفليكس)
+ الخط -

الشهر الماضي، بثت "نتفليكس" مسلسل "الصفقة"، وهو أول مسلسل خليجي من الإنتاجات الأصلية للمنصة، بالتعاون مع شركة بيوند للمنتج عبد الله بوشهري. كما أنه المسلسل العربي الخامس بعد "جن" و"ما وراء الطبيعة" و"مدرسة الروابي" و"البحث عن علا" التي توزع إنتاجها ما بين مصر والأردن.

تدور أحداث "الصفقة" في الكويت في الثمانينيات. ويبدو أشبه بوثيقة بصرية عن تلك الحقبة المميزة والاستثنائية من عدة نواح، مثل التكنولوجيا والتصاميم البصرية المميزة وبالألوان الضاربة وبالموسيقي والأزياء اللافتة للنظر. ويتمحور العمل حول حكاية فريدة ومنيرة؛ الامرأتين الطموحتين اللتين اقتحمتا سوق أسهم البورصة الكويتية الذي يتحكم به الرجال.

فريدة المطلقة التي نالت حريتها بعد زواج دام 13 عاماً وجدت نفسها بحاجة إلى العمل حتى تتمكن من إعالة نفسها مادياً، لتحافظ على المستوى الاجتماعي الذي اعتادت عليه ابنتها جود التي تنصل والدها من مسؤولياته تجاهها. أما منيرة، فهي قريبتها التي سبقتها بخطوة إلى عالم الأموال والأعمال التجارية، إذ إنها المرأة العاملة المستقلة صاحبة الإرادة القوية التي ترفض الرضوخ للأعراف الاجتماعية. تمثّل منيرة المرأة المفعمة بالطاقة والإصرار، وتبذل جهوداً مضاعفة لتحقيق ذاتها في بيئة ذكورية تلفظها.

من خلال حكاية فريدة ومنيرة، يسلط "الصفقة" الضوء على واقع السيدات في الخليج والعالم العربي الذي لا يزال صعباً، فالمرأة حتى اليوم تعاني وتضحي للحصول على أبسط حقوقها في المجال المهني. ربما أصبح حضور النساء في سوق العمل أكثر شيوعاً، ولكن لا يزال الرجال يتحكمون فيه، ويفترض غالبيتهم أن المرأة غير قادرة على العمل بذات الكفاءة والجودة.

ولأن الحال لا يزال كما هو عليه تقريباً، فإن تجسيد حكاية النساء الرائدات في العمل يبدو أمراً بغاية الأهمية، ليس لكون العمل مستوحى عن قصة حقيقية كما روّج له، وإنما لأن الشخصيات تبدو نماذج حية من لحم ودم، وتختزل في الوقت ذاته نمطاً اجتماعياً، ولأنه يرسم لنا ملامح نجهلها عن رحلة الكفاح السنوي، ويبعث بعض الأمل من خلال مشاهدة الخطوات الصغيرة الجبارة التي استطاعت النساء أن يخضنها في ظروف كانت أكثر صعوبة وقسوة.

ومقارنة بالمسلسلات السابقة التي أنتجتها "نتفليكس"، سنلاحظ أن "الصفقة" هو أنضج هذه الأعمال وأكثرها واقعيةً، ويكاد يكون المسلسل الوحيد فيها الذي لم ينتج بعين استشراقية، إذ تميز بجودة الأداء والصورة، فنجمتا العمل، روان مهدي (فريدة) ومنى حسين (منيرة)، تمكنتا من نقل الصراعات الداخلية والهواجس التي تعيشها المرأة في مجتمعاتنا بإتقان، من دون تكلف أو مبالغة بالتعاطف، فلم نشعر بأي لحظة بأن الممثلتين تقدمان شخصيات من منظور استعلائي، كما حدث مثلاً في مسلسل "بنات الروابي".

لكن ذلك لا يعني أن "الصفقة" كان خالياً من الهفوات، ففيه بعض العيوب المتعلقة بالرغبة بإرسال رسائل مباشرة على لسان الشخصيات، ليتم إقحام بعض الجمل التي من المفترض أن تكون عميقة على الحوارات البسيطة، وذلك أدى ببعض المشاهد إلى فقدان بوصلة الواقعية التي كانت كلمة السر بنجاح المسلسل.

كما أن بعض الشخصيات لم تُرسم بشكل جيد، كشخصية جود (ابنة فريدة) التي يبدو حوارها لا يتناسب إطلاقاً مع فتاة تبلغ الثالثة عشرة من عمرها وتعيش في الكويت خلال الثمانينيات. كذلك تبدو شخصية طليق فريدة بملامح مشوهة، ولا يمكن توصيفها بشكل دقيق بسبب تناقضات المواقف في المسلسل. ربما رسمت بعض الشخصيات بشكل هش لأن الغرض الوحيد من وجودها كان رسم الظرف الصعب الذي تعيشه الشخصيات الرئيسية في المسلسل.

المساهمون