الصحافيون في غزة... شهادات تحت النار

19 اغسطس 2024
خسر الصحافي مؤمن قريقع قدميه في العدوان، أغسطس 2024 (الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **تحدي الصحافيين في غزة**: يواصل الصحافيون في غزة تحدي آلة القتل الإسرائيلية رغم سقوط 168 شهيداً وإصابة العشرات، وتدمير المكاتب والمقار الصحافية، وقطع الكهرباء والإنترنت ومنع دخول الوقود والمعدات.

- **قصص الصحافيين المصابين والشهداء**: سامي شحادة بترت قدمه جراء قذيفة إسرائيلية، وحازم بن سعيد فقد ثمانية أفراد من عائلته جراء استهداف إسرائيلي لمنزلهم.

- **النزوح المتكرر وتأثيره على الصحافيين**: عامر السلطان يروي تجربته في تغطية الحروب والنزوح جنوباً، حيث تعرض منزله للقصف المباشر مما أدى إلى استشهاد 17 فرداً من عائلته وجيرانه.

يواصل الصحافيون في غزة تحدي آلة القتل الإسرائيلية، منذ أكثر من عشرة أشهر، رغم سقوط أكثر من 160 شهيداً من زملائهم.
وتختلف قصص الألم التي يعيشها الصحافيون في غزة وعائلاتهم خلال العدوان المتواصل منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إلا أنها تجتمع بمجملها في دائرة المأساة والمعاناة المتفاقمة يوماً تلو الآخر، والتي تسببت باستشهاد 168 صحافياً، وإصابة العشرات منهم.
وإلى جانب الاستهداف المباشر للصحافيين وتعريض حياتهم وحياة ذويهم للخطر خلافاً للمواثيق والقوانين الدولية التي تنص على حماية الصحافيين وضمان حرية الرأي والتعبير والتي يضرب بها الاحتلال الإسرائيلي عرض الحائط، فقد تعرضت المكاتب والمقار الصحافية المحلية والدولية والعالمية للتدمير، إلى جانب المساس بالإمكانات المباشرة للعمل الصحافي والميداني، عبر قطع الكهرباء، ومنع دخول الوقود اللازم لتشغيل المولدات البديلة، أو لتحريك العربات نحو أماكن الأحداث الميدانية، كذلك قطع شبكات الإنترنت، وتدمير أبراج الإرسال والاتصالات، علاوة على منع دخول المعدات أو قطع الغيار اللازمة لمواصلة التغطية.
ويوضح المصور الصحافي سامي شحادة الذ بترت قدمه، أنه أصيب في 12 إبريل/ نيسان الماضي جراء إطلاق قوات الاحتلال الإسرائيلي قذيفة تجاه مجموعة من الصحافيين، وذلك بعد انتقاله من مدينة رفح جنوبي قطاع غزة برفقة طاقم قناة TRT عربي لتغطية الأحداث وحالة النزوح في مخيم النصيرات وسط القطاع.
ويلفت شحادة لـ "العربي الجديد" إلى أن الاستهداف الإسرائيلي حصل على الرغم من ارتداء الدرع والخوذة الزرقاء، والشارات الصحافية التي كانت تميز العربة الخاصة بهم، ويقول: "أصبت اصابة بالغة بُترَت على إثرها ساقي اليمنى على الفور، كذلك أصبت بشظايا في مختلف أنحاء جسدي".
ويتابع: "لحظة الإصابة زحفت من مكاني للخروج من دائرة الخطر، وحاولت عمل بعض الإسعافات الأولية الذاتية لوقف الدم النازف خوفاً من فقدان حياتي الى أن أسعفني عدد من الزملاء الصحافيين والناس الموجودين في المكان، ونُقلتُ إلى مستشفى العودة بالنصيرات لإيقاف النزف وتحويلي إلى مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح". ويلفت شحادة إلى أن البتر الأول كان من تحت الركبة، إلا أنه بعد عملية جراحية استغرقت ثلاث ساعات بُترَت قدمه من فوق الركبة بسبب وضعها البليغ، مضيفاً: "كنت آمل تركيب قدمي مرة أخرى، وعدم بترها، إلا أن الأطباء لم يتمكنوا من ذلك، كذلك لم أتمكن من السفر للعلاج بفعل إغلاق المعابر".
وعاد سامي إلى العمل رغم الظروف القاسية والصعبة التي بات يحتاج فيها إلى مساعد طوال الوقت، بالتزامن مع نزوح أسرته داخل خيمة في مواصي خان يونس جنوبي القطاع، في الوقت الذي ينتظر فيه فتح معبر رفح لاستكمال علاجه في الخارج. ويقول: "أتمنى الرجوع أقوى مما كنت لمواصلة عملي في فضح جرائم الاحتلال التي يرتكبها كل ساعة بحق المواطنين الآمنين والعزل داخل بيوتهم"، وهي الأمنية التي يردّدها الصحافيون في غزة الذين أصيبوا في الحرب، رغم وحشية الاحتلال وجرائمه.

الصحافيون في غزة: خسائر بالجملة

أما الصحافي الفلسطيني حازم بن سعيد، الذي لا يزال في التغطية والعمل، ففقد ثمانية أفراد من عائلته جراء استهداف إسرائيلي لمنزلهم دون أي تحذير مسبق، من بينهم نجله البكر أنس وابنته أسيل، إلى جانب والده ووالدته وشقيقه وزوجة شقيقه واثنين من أبنائهما.
ومساء يوم الخميس 19 أكتوبر/تشرين الأول 2023 استُهدِف منزل الصحافي سعيد من قبل الطيران الحربي الإسرائيلي دون تنبيه، ما أدى إلى استشهاد سبعة أفراد، على الرغم من عدم انتماء أسرته إلى أي تنظيم.
ويقول حازم لـ"العربي الجديد": "والدتي كانت تعمل مديرة في وكالة أونروا، ووالدي متقاعد، وشقيقي مهندس في بلدية دير البلح"، مشيراً إلى أنّ القصف سوّى منزل العائلة المكون من ثلاث طبقات بالأرض في اليوم الأخير من شهر رمضان الماضي، وقد تلاه قصف آخر لمنزل قريب من منزلهم المقصوف، ما تسبب باستشهاد ابن اخيه الكبير أحمد، ليلتحق بوالديه، علاوة على إصابة مريم، وهي ابنة شقيقه الشهيد بشظايا إحداها استقرت في الرقبة، وإصابة شقيقته الكبيرة في ذراعها اليسرى إصابة مباشرة تسببت بتهتك في الكوع".

النزوح المتكرر

لم يجتمع الصحافيون في غزة بعائلاتهم منذ بداية الحرب، من بين هؤلاء المصور الفلسطيني عامر السلطان الذي يقول إنه قام بتغطية الحروب والجولات السابقة كافة، إلا أنه لم يشهد أصعب من العدوان الحالي الذي يستهدف فيه الاحتلال الإسرائيلي المدنيين مباشرةً وعلى مدار الساعة.
ويلفت السلطان في حديث مع "العربي الجديد" إلى أنه بدأ التغطية الصحافية في مقر عمله، ومن ثم انتقل بعدها للتغطية من داخل مجمع الشفاء الطبي لنقل مجريات الأحداث، إلى أن نفّذ الاحتلال الإسرائيلي اجتياحه، ما اضطره وزملاءه إلى النزوح جنوباً من طريق الحواجز الإسرائيلية، وسط رحلة محفوفة بالمخاطر والمجازفة.

إعلام وحريات
التحديثات الحية

ويوضح السلطان أنه لم يشجع عائلته على النزوح إلى المحافظات الوسطى والجنوبية، بفعل قساوة حياة النزوح، والنقص الحاد في مختلف مقومات الحياة، إلى جانب الخطر المحدق من الجوانب كافة، وقد بقيت عائلته شمالي قطاع غزة، إلى أن تعرّض المنزل للقصف المباشر في الثالث عشر من شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
ويشير إلى أن اللحظات الأولى لقصف البيت كانت كارثية، خصوصاً في ظل بعده عن عائلته وعمله في التغطية داخل مدينة رفح جنوباً، وقد أدى القصف إلى استشهاد 17 فرداً، من بينهم اثنان من أبناء شقيقه، واثنان من أزواج شقيقاته، وثلاثة من أبناء عمه، وعدد من أبناء الجيران الموجودين في المنزل، إلى جانب إصابة والدته وعدد من أفراد أسرته بجراح متفاوتة، في ظل النقص الحاد في الأدوية والمستهلكات الطبية والإسعافات الأولية.
ويلفت إلى أن الحادث أثر مباشرةً بحالته النفسية، وتغطيته الإعلامية، بفعل تفكيره المتواصل في عائلته، في الوقت الذي تمنعه الحواجز الإسرائيلية بين المحافظات الجنوبية والشمالية من الوصول إليهم، أو الوقوف معهم، غير أنه يقول: "ما زلنا على رأس عملنا لفضح مثل هذه الجرائم التي تستهدف المدنيين بالدرجة الأولى".

المساهمون