الصحافيون الفلسطينيون... شهر ثامن تحت النار

09 مايو 2024
من اعتصام تضامنيّ مع الصحافيين الغزيين في بيت لحم، مايو 2024 (الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الصحافيون في غزة يواجهون تحديات كبيرة في تغطية الأحداث بسبب النزوح المستمر وظروف معيشية صعبة، مع استمرارهم في العمل من خيام النزوح والأماكن العامة.
- يتعرضون لاستهداف مباشر يؤثر على قدرتهم على نقل الحقيقة، لكنهم مصممون على عكس معاناة الشعب الفلسطيني وتحدي الرواية الإسرائيلية.
- يضطر الصحافيون للتنقل باستمرار بحثاً عن الأمان وتوفير الكهرباء والإنترنت لضمان استمرار تغطيتهم، مؤكدين على أهمية إيصال صوت فلسطين للعالم.

يواصل الصحافيون الفلسطينيون في قطاع غزة التغطية الميدانية اليومية لحظة بلحظة، على الرُغم من تفاقم أوضاعهم المعيشية السيئة، بفعل حالة النزوح المستمرة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وتتزايد التحديات التي تواجه الصحافيين للشهر الثامن على التوالي، سواء على الصعيد المهني، أو على الصعيد المعيشي والأسري، إذ يعيش بعض الصحافيين برفقة عائلاتهم داخل خيام النزوح، فيما يواصل معظمهم العمل داخل الخيام المُخصصة للصحافيين، في المستشفيات والأماكن العامة.

الصحافيون الفلسطينيون: واقع معيشي صعب

بدأ الصحافيون الفلسطينيون بمواجهة تبعات الإبادة، مع انطلاق الشرارة الأولى للحرب، عبر استهداف المُنشآت السكنية والأبراج والعمارات التي تضم مقار المؤسسات الإعلامية ووكالات الأنباء المحلية والعربية والدولية، إلى جانب استهداف مقومات عملهم، عبر قطع خطوط الكهرباء، والإنترنت، وإرسال الاتصالات، علاوة على الاستهداف الشخصي والمُباشر للصحافي أو أسرته.
وعلى الرغم من الواقع المعيشي الصعب للصحافيين، في ظل الأخبار المُتسارعة، وغير المستقرة، إلا أن التغطية الميدانية لا تزال متواصلة، بهدف عكس مُجريات الأحداث، ونقل حقيقة ما يجري ضد 2.3 مليون فلسطيني، يعيشون حالات الخطر، والنزوح، والجوع، والحرمان.
وتقول الصحافية الفلسطينية كاري ثابت، وهي من مدينة غزة، إنها تعرضت أكثر من مرة للتهجير القسري، كغيرها من الصحافيين، ما تسبب بحالة من التشتت وعدم الاستقرار. وتُبين أنها نزحت في المرة الأولى نحو المناطق الوسطى، لتعود وتنزح مُجدداً نحو مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، بسبب التهديدات الإسرائيلية، وتعيش في الوقت الحالي حالة جديدة من النزوح، نتيجة تواصل التهديدات بشن عملية عسكرية في مدينة رفح، وإلقاء مناشير تُطالب سُكان بعض المناطق الشرقية بترك منازلهم والتوجه غرباً.
وتلفت ثابت، التي تواصل عملها على الرُغم من الصعوبات التقنية، إنها تحرص على نقل مظلومية الشعب الفلسطيني الذي يتعرض "لأبشع حرب عرفتها البشرية إيماناً مني بعدالة القضية الفلسطينية، وأهمية نقل صوت الشعب المقهور".
أما الصحافية الفلسطينية صفاء الحسنات، التي غادرت أبراج تل الهوا مُرغمة بعد تقدُم قوات الاحتلال الإسرائيلي نحوها، ومُطالبة السُكان بالإخلاء نحو المناطق التي يدعي بأنها آمنة، فتقول إن عملية النزوح القسري هي أسوأ ما يُمكن ان يواجهه الإنسان.
وتلفت الحسنات لـ "العربي الجديد" أن صعوبات حياة النزوح تتضاعف لدى الصحافيين الذين فقدوا مكاتبهم، ومقار وأدوات عملهم، "بات الصحافيون يعملون في ظل ظروف صعبة ومأساوية، تنعدم فيها مختلف مقومات العمل المهني، الذي يتيح تقديم المعلومة، ومواكبة الأحداث بشكل طبيعي".
وتؤكد الحسنات مُضي الصحافيين الفلسطينيين في عملهم على الرُغم من الخطر، والظروف القاهرة الناتجة عن التشتت والنزوح، وانعدام كل مقومات الحياة، بهدف إيصال صوت المدنيين الذين يتعرضون لجرائم الإبادة الجماعية، والتجويع المُتعمد، وسط انعدام القدرة على إلزام الاحتلال بإيقاف اعتداءاته المتواصلة، والمتزايدة.

النزوح المتكرّر

في الإطار نفسه، يوضح المُراسل الصحافي محمد غانم أنّ قذيفة إسرائيلية كانت كفيلة بإيقاف التغطية داخل مُجمع الشفاء الطبي غربي مدينة غزة، قبل نزوحه برفقة عدد من الصحافيين نحو المنطقة الوُسطى، ومن ثم إلى مدينة رفح جنوبي قطاع غزة.
ويُبيّن غانم لـ "العربي الجديد" أن عملية النزوح ليست سهلة بالمُطلق، إذ تتطلب الانتقال من منطقة إلى أخرى، برفقة الأسرة وكل محتويات المكان، التي تتزايد مرة بعد الأخرى بفعل المتطلبات اليومية، ويقول "كذلك تتزايد التحديات في وجه الصحافيين مع كل عملية نزوح، إذ يتطلب كل انتقال مُعاودة المُحاولة لتوفير الكهرباء البديلة، والإنترنت، لمواصلة العمل بأقل الإمكانات".

ويلفت إلى أن التغطية الميدانية لا تزال متواصلة، على الرغم من التكلفة الباهظة التي يدفعها الصحافيون الفلسطينيون، من أرواحهم، واستقرارهم، ومعداتهم، وأوقاتهم التي من المفترض أن تُخصّص لأسرهم التي تعيش ظروفاً إنسانية غاية في السوء، مُشدداً على ضرورة إيصال الصوت الفلسطيني، "الذي يسعى الاحتلال على مدار الوقت إلى تحييده، والاستفراد بروايته الكاذبة".
اما الصحافي الفلسطيني مطر الزق، فيوضح أنه نزح من منطقة تل المنطار، شرقي حي الشجاعية شرق مدينة غزة نحو منطقة تل الهوا جنوب مدينة غزة، ومن ثم إلى مجموعة مناطق، وصولاً إلى خيمة بجوار مدرسة إيواء في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة.

المساهمون