السلطات الشيشانية تلاحق وتصادر رموز الذئب

27 يناير 2022
رموز إشكيريا ليست محظورة في روسيا (ييلينا ألفونينا/تاسّ)
+ الخط -

اتهم معارضون شيشانيون السلطات بشن حملة مداهمات وتفتيش، لمصادرة جميع رموز الذئب في الجمهورية القوقازية حيث يعد هذا الحيوان رمزاً للنبالة والتوق للحرية. ووضعت صورته شعاراً على علم رفعه الانفصاليون عن روسيا في تسعينيات القرن الماضي، حين أعلنوا تأسيس جمهورية إشكيريا الانفصالية على أراضي الشيشان.

وذكر حساب حركة ADAT على "تيليغرام" الذي تأسس عام 2020، لتوثيق عمليات الاختطاف والقتل وانتهاكات حقوق الإنسان في الشيشان، أن السلطات أطلقت منذ بداية الشهر الحالي حملة شاملة في أنحاء الجمهورية، وسيرت دوريات لتفتيش السيارات، للبحث عن أي ممتلكات شخصية عليها صورة أو رمز للذئب ومصادرتها، من دون وجود أساس قانوني في روسيا أو الجمهورية بحظر استخدام صورة الذئب.

وأفاد حساب 1 ADAT بأن أجهزة الأمن تختطف "كل أولئك الذين لديهم على الأقل شيء يشبه علامة الذئب"، موضحة أن السلطات تعد كل من يملك ملصقاً في السيارة أو خلفية على الهاتف أو حمالة مفاتيح أو قميصاً رُسم عليه رمز الذئب إرهابياً. وأشار الحساب إلى أن "الشيشانيين لطالما اعتبروا الذئب رمزاً للحب الحرية"، ورأى أن الرئيس رمضان قديروف والفريق المقرب منه "قمع هذا التوق الشيشاني للحرية"، وأنهم "في البداية قتلوا كل من حارب من أجل الحرية بالسلاح، واليوم يخطفون ويعذبون ويهينون من يحبون الحرية". وخلص إلى أن "برنامج تحويل الشيشانيين إلى عبيد يسير على قدم وساق، وقريباً ستحل المرحلة الأخيرة، حين يُضطر الجميع إلى ارتداء علامات الولاء للنظام، ومن يرفض فهو إرهابي".

معلوم أن برلمان جمهورية الشيشان وافق في نوفمبر/تشرين الثاني من عام 1991 على علم للجمهورية، تضمن شعاراً فيه صورة ذئب جاثم مع تسعة نجوم حوله. وتعود فكرة وضع الشعار على العلم إلى الرئيس الأسبق جوهر دوداييف الذي أعلن الانفصال عن روسيا في 1991، وقُتل في 1996 أثناء حرب الشيشان الأولى (1994-1996).

وكشف ديغي دوداييف، الابن الأصغر لجوهر، والذي يعيش في دول البلطيق، أن أمه آلا دوداييفا طورت الشعار الذي صممه زوجها بعد عودته من المشاركة في مؤتمر للشعوب غير المعترف بها في هولندا عام 1990. وأوضح أنها استوحته من النسخة السوفييتية لفيلم "ماوكلي" للرسوم المتحركة، وجعلت الذئب "أكثر رعباً من ما رسمه والده"، باستخدام مواهبها ودراستها الأكاديمية في قسم الفنون والرسم في معهد سمولينسك التربوي، ولاحقاً عملها مدرّسة في الثانوية لمادة الرسم.

ومن اللافت أن رموز إشكيريا، مثل الجمهورية غير المعترف بها ذاتها، ليست محظورة في روسيا.

وفي روسيا، هناك قائمة بالرموز الممنوعة بموجب قانون "الدعاية أو العرض العام للأدوات أو الرموز النازية أو أدوات أو رموز المنظمات المتطرفة"، ويعاقب على نشرها في الشبكات الاجتماعية، ولا تتضمن علم جمهورية إشكيريا الانفصالية أو شعارها.

وأثارت الدوريات والمداهمات ضد رمز الذئب غضباً واسعاً، ورأى المدون المعارض إسلام بيلوكييف، صاحب قناة "خواطر إسلامية" على موقع "يوتيوب"، أنه "من المهم جدًا بالنسبة لقديروف أن يُظهر للكرملين أن الباديشاه (لقب كان يطلق على حكام الدول الشرقية في القدم) لا يزال مطلوباً، عبر قمع الشيشانيين، بعدما بدأ يفقد السيطرة على الموقف". ومع تشكيكه في تصريحات لموقع "كافكازسكي ريالي"، في أن يتمكن من إخماد صوت الحرية لدى الشعب الشيشاني، عبر عمليات القتل والاعتقال، سخر المدون من لجوء قديروف إلى "محاربة طواحين الهواء" عبر حظر أي دلالة إلى الذئب.

وأشار بيلوكييف إلى أن قديروف وفريقه ليسوا ضد رموز الذئب، من حيث المبدأ، وغالباً ما يستخدمونها بأنفسهم، لأن الذئب بالنسبة لأي شيشاني هو رمز الحرية والمثابرة والشجاعة والصمود. ولفت إلى أن كثيراً من الشيشانيين يرتدون قمصانا قطنية عليها صور للذئاب، أو يضعون صورة للذئب في صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، أو يحتفظون بتماثيل للذئاب في البيوت.

ومن المفارقات، أن قديروف نفسه ظهر مرات عدة مرتدياً ملابس نادي "ذئاب الليل" للدراجات النارية الذي كان له دور في أحداث القرم عام 2014، ووُضع على قائمة العقوبات الأميركية. واللافت أن أعضاء النادي والمقربين من قديروف يطلقون عليه لقب "ذئب الليل". وينشر قديروف والمرافقون له بانتظام صور ومقاطع فيديو مع الذئاب على "إنستغرام" والشبكات الاجتماعية الأخرى. وفي نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي، نشر مقطع فيديو لقيامه بجولة مع ذئب قطبي أبيض اللون.

وعزا معارضون شيشانيون الحملة على أي رمز للذئب إلى أن المتظاهرين في البلدان الأوروبية رفعوا في الشهرين الأخيرين علم إشكيريا السابق، احتجاجاً على اعتقال وملاحقة أقاربهم في الجمهورية القوقازية التي يحكمها قديروف عملياً منذ 2005، ورسمياً منذ 2007. من جانبها، قالت المعارضة الشيشانية المقيمة في النمسا، روزا دونايفا، إن السلطات تريد بعث رسالة مفادها أن كل من يحمل فكرة الاستقلال الوطني سيتعرض للاضطهاد، وربما يكون الثمن فقدان حياته، مشيرة إلى أن السلطات "تحاول محو كل ما يتعلق بدولة مستقلة من ذاكرة الشعب الشيشاني".

المساهمون