رغم تسابق دور الأزياء إلى الاستغناء عن الفراء الطبيعي، لا تزال تعتمد الزغب أو ريش الحيوانات في عروض السترات الشتوية المنتفخة. ومع أن الحشوة الاصطناعية هي الغالبة في هذا النوع من الملابس المهمة في فصل البرد والأمطار، تشهد البدائل ازدهاراً.
من أبرز ما يميز الريش أنه خفيف وعازل وله مفعول النفخ. وأشارت تقديرات المتخصصين في قطاع الريش إلى أن لذلك الذي يعود مصدره إلى الأوز والبط خصائص لا مثيل لها، مقارنة بالمواد المشتقة من البترول التي لا تزال تستخدم في أكثر من 80 في المائة من اللحف والسترات الشتوية الواقية من البرد في العالم.
وباتت معظم ماركات الأزياء والملابس اليومية توفر في تشكيلاتها سترات شتوية محشوة بريش الحيوانات رغم تكلفتها المرتفعة، وتباع بما بين 60 و70 يورو (66 إلى 76 دولاراً أميركياً)، في متاجر مثل "سي أند إيه" و"زارا" و"إتش أند إم". وقد يصل سعرها إلى آلاف الدولارات لدى "مونكلير" و"لوي فويتون".
وشرح المسؤول عن التنمية المستدامة لدى "ذا نورث فيس"، المعروفة بملابسها المرتبطة بالرياضة في الطبيعة، جوليان لينغز، أن "عدد الزبائن الذين يجعلون من الاستدامة عاملاً رئيسياً في قرار شرائهم، إلى تزايد". وأضاف "بما أن مصادر الريش طبيعية، فإن المستخرج منه بطريقة مسؤولة يشكل خياراً جيداً للاستخدام، جنباً إلى جنب مع المواد الاصطناعية".
وتلقت "ذا نورث فيس" عام 2014 بلاغاً عن "مخاطر إساءة معاملة الحيوانات ضمن سلسلة التموين الغذائي" التي تحصل منها على الريش، فبادرت بالتعاون مع جمعية "تكستايل إكستشينج" غير الحكومية وهيئة الإفادات إلى اتخاذ إجراءات تضمن عدم نتف هذه الطيور المائية حية وعدم تغذيتها قسراً. وأكدت جمعية "تسكستايل إكستشينج" أن المعايير التي طُبقت "حمت 636 طيراً عام 2020 في أنحاء العالم" كافة. وصرحت هيئة "داون باس" التي تشكل هي الأخرى مرجعاً للمعايير في هذا القطاع باستخدام أكثر من 5700 طن من الريش في العام نفسه، ضمن سوق عالمية يقدّر حجمها بنحو 180 ألف طن (كل الاستخدامات مجتمعة)، وتسيطر عليها الصين.
وأشار المختبر المستقل "آي دي إف إل" إلى أن أقل من 1 في المائة من الطيور المائية في العالم التي تُربى أساساً من أجل لحومها لا تزال تخضع للنتف الحي، في الصين وأوروبا الشرقية.
أما الريش المعاد تدويره، فيتسم بقدر أكبر من المسؤولية البيئية من الريش نفسه. فشركة "يونيكلو" العملاقة، المعروفة بالسترات فائقة الخفة التي تُلبس تحت المعطف، أطلقت فكرة "إشراك" الزبائن في عملية التدوير، عبر دعوتهم إلى أن يعيدوا إلى المتاجر السترات التي لم يعودوا يرتدونها. واستردت الشركة نحو 830 ألف سترة من الريش منذ عام 2019، وأعيد استخدامها في تشكيلات جديدة.
وأطلقت دار "مونكلر" الراقية المتخصصة في صناعة السترات الشتوية، برنامجاً لإعادة التدوير أيضاً منتصف عام 2021، وأعلنت في يناير/كانون الثاني التخلي عن استخدام الفراء مثل الكثير من دور الأزياء، لكنها لا تنوي الاستغناء عن الريش.
وثمة أيضاً بدائل أخرى مدهشة. فشركة "إتش أند إم" العملاقة للملابس وفرت سترات مصنوعة من ريش الوسائد المعاد تدويره، وابتكرت سترة بحشوة نباتية "وافقت عليها" منظمة حقوق الحيوان "بيتا"، وتحتوي على زهور برية، وتباع بـ249 يورو.
وفي أجواء أقل ريفية لكنها لا تقلّ مراعاةً للبيئة أيضاً، بادرت شركة" تشأو ميغو" الناشئة والبيئية تماما، إلى إزالة ملوثات أعقاب السجائر "من دون ماء أو مستحضرات سامة"، لتصنع منها مادة عازلة أو لصناعة الملابس. إذ تستخدم على سبيل المثال 4500 من أعقاب السجائر لصنع سترة شتوية.
وسواء تمت إعادة تدوير الريش أم لا، من غير الوارد استخدام الريش الحيواني لصناعة السترات الشتوية للماركة التجارية الإيطالية "سيف ذا داك" (إنقاذ البط) التي تسعى قبل كل شيء للحفاظ على البط "من القسوة التي تفرضها الصناعة"، على ما قال مدير الشركة، نيكولا بارجي، شارحاً أن "الشركة باعت في غضون عشر سنوات خمسة ملايين سترة، وأنقذت تالياً أكثر من 20 مليون" طائر مائي، إلا أنه يستخدم "المزيد والمزيد من الحشو المستخرج من إعادة تدوير الزجاجات البلاستيكية"، للحد من التأثير البيئي للمواد الاصطناعية، على ما قال.
(فرانس برس)