الدراما اليمنية في رمضان: تكريس للعنصرية
لم تخف الدراما اليمنية المشاهد العنصرية الفاضحة في عرضها الموسمي، الذي يتزامن مع شهر رمضان من كل عام. بمقاطع حوارية عديدة من مسلسل "كابتشينو" الذي تبثه قناة "يمن شباب"، يكرّس القائمون على الدراما المشاهد العنصرية التي تظهر تمييزاً لأفضلية اللون البشري.
يتقمص الممثل الشاب أنور المشولي شخصية شاب صومالي يدعى "عيديد"، وهو عامل تنظيف للسيارات أمام مقهى "كابتشينو"، فيما تقابله خطيبته في المسلسل الممثلة الشابة ملاك المحرسي بشخصية عاملة في المقهى تدعى "صوفيا". والممثلان ليسا في دور البطولة، لكنهما يظهران في المشاهد الرئيسية للمسلسل، الذي يؤدي البطولة فيه، من اليمن: صلاح الوافي ومحمد قحطان، وهو من إخراج العراقي صلاح الجبوري، ويشارك فيه ممثلون أردنيون.
تجري معظم حوارات المسلسل المستند إلى طريقة (Sitcom)، داخل موقع تصوير ثابت في المقهى بلغة عربية مكسرة في إحياء خيالي لطريقة حديث الصوماليين الذين يعيشون في بلدان عربية، ومنها اليمن. انعكس الأسلوب الدرامي للكوميديا في المسلسل لما هو أقرب إلى الازدراء من ناحية اللون في اختيار أبعاد دورهم، فضلاً عن الإهانة والتنمر الذي يتعرض لها "عيديد" من زملائه المشاركين في المسلسل.
يظهر الممثلان في مشاهد وقد تم طلاء وجهيهما باللون الداكن. وبعيداً عن مفارقة اللون بين الوجه واليدين، ظلت الانتقادات حول إظهار هذا النوع من الازدراء تطارد العمل ومنتجيه من أول حلقة.
في الحلقة الثالثة، يرحب "عيديد" بخطيبته "صوفيا" ويصفها بالقمر، لترد عليه ببرود "بطل كذب"، لينقضي الحوار في بدايته عن "حقيقة" تشبيهها بالقمر، فتخاطبه باستخفاف من الوصف "أنا قمر بس خسوف". وفي الحلقة الخامسة، يسخر الممثل صلاح الوافي، الذي يجسد شخصية "عبد الودود" القادم من الريف، والمستهتر بالعمل، من طريقة نطق "صوفيا" للغة العربية بالقول: "أبو الحروف مربوش (خلل) عندكم".
على قناة السعيدة اليمنية، يعرض مسلسل "خلف الشمس" قصة يمنيين يحلمون بالهجرة من بلادهم عبر البحر، لكنهم يقعون في قبضة "قراصنة صوماليين" يجسد أدوارهم ممثلون يمنيون. استعان منتجو المسلسل على ذات التقنية في طلاء وجوه بعض الممثلين باللون الداكن، وأظهروا شروراً مع مزيج من بلاهة التعامل مع المواقف ومحاولة إضفاء الكوميديا عبر التلاعب بالنطق بين اللغة العربية والدارجة.
ظلت سخرية المتابعين تطارد دقائق العرض اليومية للمسلسلين، رافقتها انتقادات لطريقة عرض الممثلين، فضلاً عن ضعف الفكرة والأداء المكرر بلا هدف كما يحدث كل عام.
ومنذ سنوات، لم تتوقف الفضائيات اليمنية عن عرض محتوى عنصري في المسلسلات. في شهر رمضان من عام 2014، عرضت قناة السعيدة مشهداً عنصرياً في الحلقة العشرين من مسلسل "همي همك" في جزئه السادس، عندما كُشف غطاء النوم عن معلم سوداني وجده زميلاه في منزلهما لأول مرة. ويخاطب الممثل زميله لحظة اندهاشهم بما وجدوه "أستاذ حسن.. جمعة حِرق"، في دلالة للون البشرة التي ظهرت في المعلم السوداني وظنهم أن زميلهم في السكن "حسن" قد تغيرت ملامحه.
وفي المشهد ذاته، يوجه الممثل سخرية أثناء ربط المعلم بالحبال بالقول: "قدك حارق من أرحم الراحمين". يقول المخرج اليمني حميد عقبي، المقيم في فرنسا، إن مخرجي الدراما اليمنية "أدمنوا" العمل بهذه الطريقة رغم أنه تم ضمهم لندوات فكرية وثقافية من أجل تحسين أدائهم. وأضاف في حديث لـ"العربي الجديد": "كنت أظن أن المخرجين والمنتجين سيستوعبون الدرس من الانتقادات التي طاولتهم خلال الأعوام الماضية، إلا أنهم – للأسف – لا يستوعبون ولا يريدون تطوير أنفسهم".
دلالات
المساهمون
المزيد في منوعات