الدراسات العلمية في 2020: اكتشافات تتخطى جائحة كورونا

31 ديسمبر 2020
شاربنتييه وداودنا نالتا جائزة نوبل في الكيمياء 2020 (ميغيل ريوبا/فرانس برس)
+ الخط -

شهد عام 2020 اهتماماً واسعاً بالبحث العلمي، وتحديداً بعد التعرض لمخاطر جائحة كورونا. وشهد إنجازات بحثية كبيرة لا تتعلق فقط بالبحث عن علاجات أو لقاحات للفيروس الجديد، إنما تطاول مجالات الفيزياء والفلك والعلوم الطبية والكيمياء.

أدناه تستعرض "العربي الجديد" خمسة من أهم الدراسات التي أحدثت تطوراً في العلوم، أو أتت بجديد يخالف المتعارف عليه بين الباحثين في مجال ما على مدار عقود أو ربما قرون.

سبب سرعة انتشار كورونا

لا يمكن تجاهل الدراسات التي أسفرت عن اكتشاف لقاحات لمكافحة فيروس كورونا، لكن هذه اللقاحات، حتى وإن أثبتت نجاحات مخبرية أو على عدد محدود من الناس في عينات منتخبة من الباحثين، فإن فعاليتها لم تحسم بعد في ظل محدودية انتشارها إلى الآن.

ومن بين أهم الدراسات التي تناولت فيروس كورونا الجديد تلك التي نشرتها مجلة "سَينس" في نوفمبر/تشرين الثاني، في محاولة لتفسير السرعة غير المسبوقة التي يغزو بها الخلايا البشرية قبل انتقاله إلى مضيف جديد.

واكتشف فريق بحثي أوروبي أن فيروس كورونا يتصل بالخلايا عن طريق بروتين "نيروبولين-1" الذي يوجد في خلايا تجويف الأنف، ما يجعله أسرع في نشر العدوى والانتشار بالجسم.

فيروس كورونا يتصل بالخلايا عن طريق بروتين "نيروبولين-1" الذي يوجد في خلايا تجويف الأنف

وأشارت الدراسة التي قادتها "جامعة بريستول" البريطانية إلى أن الفيروس يلتصق بسطح الخلايا التي تبطن المسالك التنفسية أو المعوية، ثم يهاجم الخلية، ثم يشكل نسخا أخرى تسرع انتشاره في الخلايا الأخرى في الجسم بواسطة بروتين "سبايك" الذي يشكل النتوءات الشوكية المنتشرة على سطح الفيروس التي تمنحه شكله التاجي الذي أظهرته دراسات سابقة.

وطبقاً للباحثين، فإن معرفة كيفية مهاجمة الفيروس التاجي للخلايا البشرية ذات أهمية كبيرة في عملية تطوير اللقاحات المضادة له.

"كريسبر/كاس9"

أحدثت تقنية التحرير الجيني، المعروفة بـ"كريسبر/كاس9"، ثورة في العلوم البيولوجية استحقت عليها مطورتاها، الفرنسية إيمانويل شاربنتييه والأميركية جينيفر داودنا، جائزة نوبل في الكيمياء لعام 2020.

تعتمد تقنية التحرير الجيني "كريسبر" على دليل من الحمض النووي الريبوزي RNA يمكنه تحديد الجزء المراد تعديله بدقة، ثم يقص إنزيم CAS9 الحمض النووي عند هذا الجزء، ليسمح بإجراء التعديل المطلوب.

وعلى الرغم أن أول دراسة عن هذه التقنية نشرت في اليابان عام 1987، إلا أن الظهور الحقيقي لتقنية "كريسبر" على الساحة العلمية كان في 2012، حين منحت الباحثين قوة جديدة لهندسة المحاصيل والحيوانات.

نجحت هذه التقنية عام 2020 في علاج مرضين وراثيين من أمراض الدم، هما مرض "ثلاسيميا بيتا" و"فقر الدم المنجلي"

كما نجحت هذه التقنية عام 2020 في علاج مرضين وراثيين من أمراض الدم، هما مرض "ثلاسيميا بيتا" الذي يتعرض المصابون به لمستويات منخفضة من بروتين الهيموغلوبين الحامل للأكسجين، مما يؤدي إلى الضعف والإرهاق، ومرض "فقر الدم المنجلي"، وهو اضطراب وراثي في خلايا الدم الحمراء ينتج عنه ضعف في قدرة الخلايا على حمل الأكسجين في الجسم، وغالباً ما يشعر المرضى بألم شديد وتلف في الأعضاء وسكتات دماغية نتيجة انسداد الأوعية الدموية.

ويعتقد الباحثون أن لهذه التقنية مستقبلا أيضاً في علاج بعض الأمراض الخطيرة التي تواجه العالم حالياً مثل السرطانات.

التنبؤ بتركيب البروتينات

بعد أكثر من خمسة عقود من الأبحاث المضنية لحل أحد أكبر التحديات في علم الأحياء، وهو توقع الشكل الدقيق ثلاثي الأبعاد لسلسلة من الأحماض الأمينية التي تنثني لتصبح بروتيناً عاملاً، نجح فريق بحثي من شركة "ديب مايند"، في المملكة المتحدة، من تطوير برنامج ذكاء اصطناعي يتنبأ ببنية معظم البروتينات بالدقة التي يمكن للتجارب المعملية تحديدها.

اخترنا هذا الإنجاز البحثي ليكون أحد أهم الإنجازات البحثية في 2020، نظراً لأهمية معرفة الشكل الدقيق للبروتين في تحديد وظائفه البيوكيميائية. ويمكن للبرنامج الجديد مساعدة الباحثين في الكشف عن آليات الأمراض، وتطوير عقاقير جديدة، وتوفير وقود حيوي أرخص وأنظف، بالإضافة إلى تطوير نباتات تتحمل ظروف الجفاف وشح المياه.

طورت شركة "ديب مايند" برنامج ذكاء اصطناعي يتنبأ ببنية معظم البروتينات

اعتبر هذا البرنامج ثورياً، إذ مكّن الباحثين من التنبؤ ببساطة ببنية البروتين عبر نمذجة تفاعلات الأحماض الأمينية التي تحكم شكله ثلاثي الأبعاد، خاصة أن الخرائط الجزيئية التفصيلية موجودة فقط لنحو 170 ألفاً من أصل 200 مليون بروتين معروف.

مصدر الانفجارات الراديوية

شكلت معرفة أن مصدر الانفجارات الراديوية السريعة والانفجارات القصيرة لموجات الراديو، الآتية غالباً من المجرات البعيدة، هو مجرة درب التبانة نفسها، أحد الاكتشافات العلمية المثيرة في علم الفيزياء خلال عام 2020.

كما اكتشف العلماء نيوترينوات عالية الطاقة. تلفت النظرية الجديدة التي نشرت في مجلة "نيتشر" إلى أن الإشارتين الغامضتين يمكن أن تأتيا من مصدر كوني واحد: نجوم نيوترونية عالية النشاط وممغنطة تسمى النجوم المغناطيسية.

تقدم هذه الدراسة صلة محتملة بين اثنين من أكثر الألغاز إثارة في الفيزياء الفلكية. وطبقاً للبيانات الجديدة، فإن النجوم المغناطيسية يمكن أن تكون مصدر بعض رشقات الراديو السريعة.

النجوم المغناطيسية يمكن أن تكون مصدر بعض رشقات الراديو السريعة

اكتُشف أكثر من 100 دفقة راديوية سريعة، لكن معظمها بعيد جداً عن علماء الفلك لمعرفة ما الذي يدفع انفجارات الطاقة. ونوقشت عشرات التفسيرات المحتملة، من الاصطدامات النجمية إلى الثقوب السوداء إلى النجوم النابضة، حتى أن بعض علماء الفلك استدعوا إشارات من كائنات فضائية.

في إبريل/نيسان، اكتشف الفريق البحثي انفجاراً لاسلكياً مكثفاً بشكل غير عادي ينبعث من نجم مغناطيسي قريب يقع في مجرة درب التبانة. وكشف أن شدة الاندفاع الراديوي لهذا الانفجار كانت أكبر بثلاثة آلاف مرة من أي نجم مغناطيسي قيس إلى الآن، ما يدعم النظرية الجديدة التي تفترض أن النجوم المغناطيسية هي ــ على أقل تقدير ــ أصل بعض رشقات الراديو السريعة.

الصيد ليس حكراً على الرجال

أثبت اكتشاف رفات شابة عمرها 9000 عام، مدفونة مع مجموعة أدوات صيد كبيرة جيدة التجهيز، في موقع "ويلامايا باتجكسا" في بيرو خطأ الفرضية القديمة القائلة إن الصيد كان حكراً على الرجال في عصور ما قبل التاريخ.

ما بين 30 و50 في المائة من صائدي الطرائد الكبيرة كانوا من النساء

خلص فريق من علماء الأنثروبولوجيا بقيادة "جامعة كاليفورنيا ديفيس" إلى أن ما بين 30 و50 في المائة من صائدي الطرائد الكبيرة، في أواخر العصر البليستوسيني وأوائل عصر الهولوسين، في الأميركتين ربما كانوا من النساء.

المساهمون