قد يختلف العمر الزمني عن العمر البيولوجي في حال التعرض للضغوط النفسية لأسباب مختلفة، وفقاً لنتائج دراسة جديدة أشارت إلى أننا نصبح أكبر سناً من الناحية البيولوجية عندما تكون أجسادنا تحت الضغط، لكننا نعود أصغر سناً مرة أخرى عندما نتعافى من الضغوط النفسية والبدنية.
في الدراسة التي نشرت يوم 21 إبريل/ نيسان في مجلة Cell Metabolism (أيض الخلية)، حلل الباحثون الحمض النووي لعدد من الأفراد عندما خضعوا لجراحة طارئة في الفخذ، أو في حالة الإصابة بفيروس كورونا المستجد، أو حالة الحمل عند النساء. ولاحظ المؤلفون تعافي الأفراد وعودتهم إلى العمر البيولوجي الطبيعي بعد فترات الإجهاد. ووفقاً للدراسة، يشير هذا التعافي إلى أن لدى الإنسان آلية تمكنه من إرجاع عقارب الساعة قليلاً على الأقل، من الناحية البيولوجية.
يقول المؤلف المشارك في الدراسة وأستاذ علم الأحياء الخلوي في جامعة ديوك الأميركية، جيمس وايت، إن الدلائل المتوفرة في الدراسات البشرية والإنسانية تشير إلى فكرة تسريع الشيخوخة البيولوجية مع نمط الحياة السيئ والمرض والتعرض البيئي. ومع ذلك، فإن مفهوم عكس العمر البيولوجي لم يستكشف حتى الآن. ويضيف وايت، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن ما تظهره البيانات التي توفرها الدراسة الجديدة هو زيادات سريعة وحادة في الشيخوخة البيولوجية مع طول التعرض لمستويات متفاوتة من الإجهاد. لكنه يلفت إلى أن المرونة داخل بيولوجيتنا تجعل عكس وإعادة ضبط العمر البيولوجي بعد التعافي من الضغوط أمراً ممكناً.
يمكن أن يبدو الأشخاص أكبر سناً أو أصغر من عمرهم الزمني من الناحية البيولوجية اعتماداً على عوامل مثل ما إذا كانوا يدخنون أو يحصلون على قسط كاف من النوم. لقياس العمر البيولوجي، طور الباحثون ساعات فوق جينية تحلل أنماط الواسمات على الحمض النووي التي تسمى مجموعات "الميثيل" المرتبطة بالعمر.
استخدم المؤلفون هذه الساعات فوق الجينية لتقييم تأثير ثلاثة أنواع من الأحداث المجهدة على العمر البيولوجي. في كل حالة، قاموا بتحليل الحمض النووي من عينات الدم التي جمعت في نقاط زمنية متعددة من المشاركين في الدراسات السابقة. في التحليل الأول، وجد الفريق أن العمر البيولوجي لتسعة أشخاص بمتوسط عمر 81 عاماً زاد بسرعة عندما خضعوا لعملية جراحية طارئة لإصلاح كسر في الفخذ، لكنهم عادوا إلى مستويات ما قبل الجراحة خلال الأسبوع التالي.
في التحليل الثاني، قام الفريق بقياس العمر البيولوجي لـ29 فرداً من الذكور والإناث بمتوسط عمر 60 عاماً في أثناء نقلهم إلى المستشفى مصابين بفيروس كورونا الحاد، وبعد خروجهم من المستشفى. لاحظ الباحثون تفاوتاً في النتائج بين النساء والرجال، إذ انخفض العمر البيولوجي للمشاركات بعد خروجهن من المستشفى، لكن لم يحدث ذلك بالنسبة للمشاركين من الرجال. يفسر المؤلفون ذلك بأنّ الرجال ربما يستغرقون وقتاً أطول في المتوسط للتعافي تماماً من المرض.
يوضح وايت أن الفريق البحثي جمع بيانات من أربع دراسات شملت أكثر من 200 امرأة حامل بوصفهن يتعرضن لأحد أكثر الضغوط شدة على جسم المرأة، ولاحظوا أن النسوة الحوامل زاد عمرهن البيولوجي على مدار فترة الحمل، لكن بعد ستة أسابيع من الولادة، عاد إلى ما دون المستويات التي لوحظت في بداية الحمل.
وبسؤاله عن كيفية حدوث هذا التعافي والعودة للعمر البيولوجي الطبيعي بعد فترات الإجهاد، يقول المؤلف المشارك في الدراسة: "هذا هو السؤال الذي نسعى للوصول إلى إجابة له. لا نعرف حتى الآن كيفية انقلاب العمر البيولوجي بعد التعافي من الإجهاد. يمكن أن يكون مزيجاً من التعافي العقلي، والعاطفي، والبدني، وإعادة تعيين مجموعة من المواد الكيميائية التي زادت أثناء الإجهاد".