كيف سيتمكّن رواد الفضاء من النوم خلال رحلتهم إلى المريخ؟

واشنطن

العربي الجديد

لوغو العربي الجديد
العربي الجديد
موقع وصحيفة "العربي الجديد"
18 مايو 2023
رواد الفضاء
+ الخط -

 ​يواجه رواد الفضاء أثناء رحلاتهم كثيراً من التحديات، أبرزها الحصول على قسط كافٍ من النوم. لكنّ قضاء الأطقم الفضائية 23 عاماً من العمل على متن محطة الفضاء الدولية ساهم في الاستفادة من تجاربهم من أجل التقليل من إمكانية إصابة رواد الفضاء بمشاكل النوم في أولى رحلاتهم المأهولة إلى المريخ.
يظن أغلب الناس أن مشكلة رواد الفضاء الأساسية هي انعدام الجاذبية، ما يتسبب في أن يطفو رائد الفضاء خارج فراشه. لا داعي للقلق، لأن أكبر التحديات التي يمكن أن يواجهوها هي بيئة نومهم وإنشاء دورة نوم طبيعية، أما انعدام الجاذبية فلديهم أنظمة تقييد خاصة لمنعهم من الطفو في المحطة الفضائية أثناء النوم.
تقول مديرة مختبر الإجراءات المضادة للإجهاد في مركز أبحاث "أميس" التابع لوكالة "ناسا" في كاليفورنيا، إيرين فلين إيفانز، إنّ رواد الفضاء لديهم أماكن مظلمة وهادئة وخاصة بالطاقم في محطة الفضاء، حيث يمكنهم الحصول على نوم جيد ليلاً، لكن هذا لن يكون الحال دائماً في مهمات الفضاء الأخرى". فكبسولات "أوريون" التي ستستخدم في بعثات "أرتميس" المستقبلية عبارة عن مركبات صغيرة ذات مساحة محدودة للطاقم وأكياس نوم لفترات الراحة. تقول فلين إيفانز: "فكر في الأمر مثل التخييم، إذا استغرق الأمر بضعة أيام، فربما لن تكون مشكلة كبيرة. ولكن كلما طالت مدة وجودك في مكان ضيق مع شخص ما، يمكن أن يصبح الأمر أكثر إرباكاً".
وبينما توفّر محطة الفضاء إطلالات ساحرة للكرة الأرضية، يمكن أن يؤثّر شروق الشمس، الذي يشاهده رواد الفضاء 16 مرّة يوميًا، على إيقاع الساعة البيولوجية التي تتحكّم بالنوم ودورات استيقاظ الأفراد. تقول فلين إيفانز: "الضوء هو ما يعيد ضبط إيقاعنا اليومي ويجهزنا لدورة الليل والنهار، لكننا نواجه العديد من التحديات في الفضاء".
فالمحطة الفضائية تدور حول الأرض كل 90 دقيقة، وبدلاً من إجبار رواد الفضاء على التكيف مع مثل هذه الدورة الغريبة، قام خبراء "ناسا" بتزويد الجزء الداخلي من المحطة الفضائية بإضاءة تحاكي ما يختبره البشر في يوم عادي على الأرض. "علينا أن نحاول حجب الضوء عن النوافذ ليلاً، وزيادة الإضاءة إلى أقصى حد في النهار، إما من خلال النوافذ أو من خلال الأضواء الداخلية، للتأكد من أن أفراد الطاقم قادرون على البقاء مستيقظين والنوم في الأوقات المناسبة"، بحسب إيرين فلين إيفانز.
تتغير جداول نوم رواد الفضاء قبل الإطلاق بأيام اعتمادًا على الوقت من اليوم والمنطقة الزمنية التي ينطلقون منها. وبحسب فلين إيفانز، فإنه بمجرد وصولهم إلى المحطة الفضائية، يجرى تعديل توقيت غرينتش لكل رائد فضاء، ويعتبر "حلاً وسطاً لطيفاً بين جميع الدول المشاركة".
في مختبر الإجراءات المضادة للإجهاد، تعمل فلين إيفانز وزملاؤها على تطوير أدوات لمساعدة رواد الفضاء في إدارة مشاكل النوم. تتضمن التحكم في وقت تعرض رواد الفضاء للضوء الأزرق، وطول موجة التزامن الأساسي للنظام اليومي، ومتى يجرى تقليل الضوء الأزرق لمساعدتهم على النوم. وكذلك تحديد موعد القيلولة أو السهر لاستيعاب تغييرات الجدول الزمني.
تطبق نفس النصائح التي تساعد رواد الفضاء على النوم أثناء وجودهم على الأرض، بما في ذلك الحفاظ على جدول منتظم للاستيقاظ والنوم قدر الإمكان، والحد من التعرض للضوء الأزرق المنبعث من أجهزة التلفزيون، وأجهزة الكمبيوتر والأجهزة اللوحية، والهواتف الذكية، وما إلى ذلك، قبل وقت النوم.
وعلى الرغم من أن العلماء لديهم بيانات النوم لعدة سنوات من رحلات الفضاء، إلا أنهم يديرون عمليات محاكاة على الأرض تسمح بمزيد من التحكم. وتحاكي تلك البيئة حجم محطة قمرية، أو مركبة فضائية صغيرة، يمكنها استيعاب طواقم تتكوّن من أربعة أفراد لفترات طويلة من الزمن. شاركت فلين إيفانز في دراسة قضت فيها مع طاقم العمل 45 يومًا وجرى تقييدها بخمس ساعات نوم خلال الأسبوع، وثماني ساعات في عطلات نهاية الأسبوع، من أجل اختبار اليقظة والأداء.
أظهرت نتائج التجربة أنه إذا حصل أفراد الطاقم على خمس ساعات فقط من النوم في ليلة، فإنهم يحتاجون إلى المزيد من الفرص للتعويض عن النوم في الليالي اللاحقة لمنع الآثار السيئة للحرمان من النوم. الشرط الحالي هو أن يحصل أفراد الطاقم على ثماني ساعات ونصف من النوم كل ليلة في المهمات لتجنب قلة النوم على المدى الطويل والأخطاء التي يسببها التعب والمضاعفات الصحية، وفقًا لوكالة ناسا.
في يونيو/حزيران، ستبدأ وكالة ناسا التجربة الأولى لبيئة تحاكي الرحلة الأولى إلى كوكب المريخ، مطبوعة بتقنية ثلاثية الأبعاد، في مركز جونسون للفضاء تُسمى Crew Health and Performance Exploration Analog، أو CHAPEA.
سيعيش طاقم مكون من أربعة أفراد ويعمل داخل مساحة تبلغ 1700 قدم مربع (158 متراً مربعاً) مدة عام كامل. تركز التجربة الأولى على التغذية، لكن فلين إيفانز وزملاءها الباحثين سيراقبون أيضاً مدى جودة نوم الطاقم.

يسمح هذا النوع من التجارب للعلماء بمحاكاة المفاجآت التي قد تحدث في مهمة حقيقية إلى القمر أو المريخ، مثل الموارد المحدودة، والمعدات الفاشلة، وقضايا الاتصال وغيرها. مع ذلك، لا يزال هناك العديد من الأشياء المجهولة حول الحضور في "وقت المريخ"، مثل كيفية تأثير التحول الزمني على التمثيل الغذائي لجسم الإنسان.
في الخلاصة، إذا فُهمت آلية تكيف الناس على الأرض للعيش في زمن المريخ، فستكون من طرق الاستعداد للبعثات المستقبلية إلى الكوكب الأحمر.

ذات صلة

الصورة

منوعات

قدّمت أكثر من دولة عربية، ومعها دول حول العالم، عقارب ساعتها 60 دقيقة نحو الأمام خلال التوقيت الصيفي. ولهذا التغيير مبررات اقتصادية وساعة إضافية من ضوء الشمس في المساء، لكنه تغيير له أضرار على الجسم.
الصورة
	 لدى الإنسان آلية تمكنه من إرجاع عقارب الساعة (Getty)

منوعات

قد يختلف العمر الزمني عن العمر البيولوجي في حال التعرض للضغوط النفسية لأسباب مختلفة، وفقاً لنتائج دراسة جديدة أشارت إلى أننا نصبح أكبر سناً من الناحية البيولوجية عندما تكون أجسادنا تحت الضغط، لكننا نعود أصغر سناً مرة أخرى عندما نتعافى من الضغوط.
الصورة

منوعات

كشفت وكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، يوم أمس الثلاثاء، النقاب عن منزل يبدو للوهلة الأولى عادياً، لكنّه في الواقع سيحتضن اعتباراً من يونيو/ حزيران المقبل أربعة أشخاص يحجرون أنفسهم فيه لأكثر من عام لمحاكاة الحياة على المريخ.
الصورة

منوعات

عادت الكبسولة أوريون، التابعة لوكالة ناسا، بسرعة هائلة من القمر اليوم الأحد، وهبطت في المحيط الهادئ قبالة سواحل المكسيك، لتنهي رحلة تجريبية من شأنها أن تمهد الطريق لرواد فضاء في الرحلة المقبلة نحو القمر.
المساهمون