تخرجت عائشة التميمي من جامعة قطر، وعملت في مجال التدريس لمدة 20 عاماً، قبل قرارها بأن تتبع شغفها في مجال فنون الطهو الذي اشتهرت به، ليس في قطر فحسب، ولكن على المستوى الخليجي والدولي. وهي الآن خبيرة طبخ وإتيكيت ومقدّمة برامج طهو، ونشرت 8 كتب شملت أطباقاً من مختلف دول العالم باللغتين العربية والإنكليزية، عدّ آخرها تأريخاً للأكلات الشعبية القطرية، كذلك فإنها تعطي دورات طهو في الأكاديمية المتخصصة في المجال نفسه، التي أسستها عام 2018.
تحدثت الشيف عائشة التميمي لـ"العربي الجديد" عن مسيرتها الممتدة لعقود في مجال الطهو.
تخرجتِ من جامعة قطر وعملتِ في مجال التدريس 20 عاماً، ما الذي جعلك تقومين بهذه النقلة الكبيرة إلى الطبخ؟
في الثمانينيات كانت المرأة القطرية تعمل في مهن معينة، مثل التدريس والطب، وقليلاً ما كانت تشغل مهناً أخرى. لذلك، عندما تخرجت عام 1984 من جامعة قطر، عملت في التدريس باعتباري تخرجت كمُدرّسة. على الرغم من قضائي نحو عشرين عاماً في مهنة التعليم، فإنني كنت خلال هذه الفترة أتدرب أيضاً على الطبخ، وبعد عشر سنوات شعرت بأني أصبحت متمكنة من فن الطهو الذي أحب، وبأنني قادرة على العطاء أكثر في هذا المجال، عندها تفرغت للإعلام ولبرامجي التلفزيونية، وأنهيت مسيرتي في التعليم، فقد كان من الصعب بالنسبة إليّ أن أدرّس، وكذلك أن أظهر في الإعلام وأعلم وأدرب على الطبخ، فاخترت المجال الثاني الذي يعتبر الخطوة الثانية في حياتي. هناك حدثت نقلات كثيرة في حياتي، كان المحرك الأساسي فيها هو الشغف الكبير الذي كان لدي. كنت أبحث دوماً عن الجديد، حتى في بداياتي عندما كنت مُدرّسة. لم أكن أكتفي بتطبيق الوصفة كما هي، بل أضيف وأزيل من مكوناتها حتى تصبح طبقاً جديداً. عندما ألفت كتابي الأول، كانت معظم الوصفات التي يحويها من أفكاري، ولم أكن قد ظهرت إعلامياً بعد. ومع ذلك، فقد لاقى نجاحاً كبيراً ونفدت جميع النسخ.
قمت بإعداد وتقديم برامج طهو، وبإعطاء دورات طبخ، وبإلقاء محاضرات عن فن الإتيكيت، وبإصدار ثمانية كتب طبخ بالعربية والإنكليزية... أي من هذه المجالات تستمتعين فيها أكثر من غيرها؟
في الحقيقة، السؤال محير، لأني أستمتع بها جميعها. لكن أكثر ما يغمرني بالسعادة هو دخولي المطبخ وإغلاق الباب على نفسي، بينما المقادير أمامي، والبدء بابتكار طبق جديد. عندما أنتهي، أطلب من ابني تذوقه. إذ أعجبته الوصفة، تصبح معتمدة بالنسبة إليّ، فرأيه يعني لي الكثير. أصعب ما يمكن أن يقوم به الطاهي ابتكار أطباق جديدة. لا يفترض أن يظل الطاهي مقلداً للآخرين. من الممكن أن يستلهم من الأطباق الأخرى، ولكن من المهم أيضاً أن يضع فيها شيئاً من روحه.
شملت الكتب التي أصدرتها أطباقاً من مختلف دول العالم. أي تلك المطابخ، سواء العربية أو العالمية، تعتبرينها الأقرب إلى قلبك، طبعاً بالإضافة إلى المطبخ القطري؟
أكثر مطبخ أحبه هو الهندي، وذلك لقربه من المطبخ القطري. في كلا المطبخين نستخدم البهارات نفسها، وأحياناً الوصفات نفسها، بالإضافة إلى أنني أحب الطعام الحار. لكن لكل مطبخ من المطابخ العربية والعالمية ما يميزه.
آخر الكتب التي صدرت لك كان عن المأكولات الشعبية القطرية، ما الذي جعلك تقومين بتأريخ هذه الأطباق؟
عملت على الكتاب لسنة كاملة، رغبة مني في إخراجه بصورة تفيد المجتمع والأجيال القادمة، خصوصاً أن جزءاً كبيراً من الأجيال الجديدة يركز على كل ما هو أجنبي، حرصت على أن الطفل عندما يكبر ويتخرج من الثانوية ويسافر للخارج سواء للعمل أو الدراسة سيأخذ معه هذا الكتاب، وسيُعدّ الوصفة القطرية، لنعيد إلى تراثنا ألقه وسطوته الجميلة على موائدنا. عندما كتبته كنت أفكر في هذه الأجيال التي تركز على البرغر والبيتزا... نحن نريد أن نعود إلى الماضي، لأن تراثنا جميل جداً.
هل أعددت طبقاً عالمياً، ولكن بنكهة قطرية؟
كثيراً، خصوصاً في المهرجانات التي أقدمها بالمشاركة مع بلدان أجنبية أخرى لندمج وصفتين معاً. في مهرجانات قدمتها مع سفارات جورجيا وفرنسا واليونان، كانوا يُعدّون جزءاً من الوصفة، وأضيف أنا البهارات والمقادير التي نستخدمها دائماً في أطباقنا القطرية، فنخرج بطبق جورجي قطري، أو فرنسي قطري. أحب المشاركة في مثل هذه المهرجانات، لأننا نضع فيها روحنا.
كيف تغيرتِ من امرأة لا تعرف صنع كوب من الشاي إلى شيف تمثل بلادها في مهرجانات عربية وعالمية؟
حبي لأسرتي هو الذي جعلني أتغير. مسيرتي التي امتدت لنحو 40 سنة لم تكن سهلة. عانيت كثيراً. لكن المحرك الأساسي بالنسبة إليّ كان دائماً عائلتي. كنت أريدهم أن يأكلوا دائماً ممّا أُعدّ من أكلات، فتعلمت كل الأكلات التي يحبون تناولها في الخارج حتى أعدها لهم في المنزل، واليوم أقوم بالأمر نفسه مع أحفادي.
ما صفات الشيف الناجح؟
ألّا يصيبه الغرور. إذا أصابه الغرور سقط. وعليه السعي لتطوير نفسه باستمرار، وأن يبحث دائماً ويواكب المرحلة التي هو فيها، لأن الأجيال الحالية تتطلع إلى الوجبات سهلة الإعداد والخفيفة والصحية. على الطاهي التفكير الدائم والبحث المستمر في كيفية مساعدة هذه الأجيال في الحصول على ما ترغب فيه أو ما يساعدها في المحافظة على صحتها، بتقليل نسبة الدهون أو السكريات مثلاً. دائماً أحاول إعداد الطبق نفسه بذات النكهة، ولكن بسعرات حرارية أقل.
تلقين محاضرات في فن الإتيكيت، ما الذي جعلك تهتمين بدراسة هذا النوع من الفنون وتدريسه؟
عندما كنت في المملكة العربية السعودية درست مادتي الإتيكيت والبروتوكول وحضارة الشعوب، وكان غرضي من ذلك أن أتعرف إلى ثقافات الشعوب الأخرى وكيفية التصرف بالشكل الصحيح، على اعتبار أني كثيرة السفر. وجدت الإتيكيت من الدِّين، فمثلاً الاستئذان قبل دخول بيت أحد، موجود في القرآن الكريم، وألّا نأكل أو نتحدث في الأماكن العامة بطريقة تزعج الآخرين أو المحيطين بنا، ذُكر في أحاديث النبي، حتى عندما نرى الأجنبي يفتح لزوجته باب السيارة، فقد ذُكر أن رسولنا كان يضع راحة يده لإحدى زوجاته لتصعد عليها لمساعدتها في ركوب الجمل.