التزييف بالذكاء الاصطناعي يعزز مخاوف التلاعب بالناخبين الأميركيين

05 اغسطس 2024
استهدف التزييف العميق بايدن وهاريس وترامب (العربي الجديد)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **انتشار التزييف العميق والمعلومات المضللة**: تسجيلات مفبركة تستهدف شخصيات سياسية بارزة مثل كامالا هاريس وجو بايدن ودونالد ترامب، مما يثير القلق حول تأثيرها على الناخبين في الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة.

- **تأثير الذكاء الاصطناعي على الانتخابات**: الذكاء الاصطناعي يمكن أن يُستخدم لجذب الناخبين نحو مرشح معين أو دفعهم للابتعاد عنه، أو حتى تجنب الانتخابات كلياً، من خلال نشر معلومات مضللة بسرعة كبيرة.

- **دعوات لتعزيز الحماية من التزييف**: مجموعات غير حكومية وشركات تكنولوجيا تدعو لتعزيز الحماية من التزييف العميق، وتطوير أنظمة لتصنيف المحتوى المولّد عبر الذكاء الاصطناعي، وحظر استخدام التزييف العميق في الإعلانات السياسية.

انتشر تسجيل مصوّر يسخر من كامالا هاريس بالاعتماد على تقنية "التزييف العميق"، ولقطات مفبركة لجو بايدن مليئة بالتعابير النابية، وصورة مزيفة لتوقيف دونالد ترامب. وتغذي هذه الظواهر وغيرها من أشكال التزييف والمعلومات السياسية المضللة التي يغذيها الذكاء الاصطناعي القلق حيال إمكانية التلاعب بالناخبين مع احتدام سباق الانتخابات الرئاسية الأميركية.

وفي إطار ما وُصف بأول انتخابات أميركية تتأثّر بالذكاء الاصطناعي في نوفمبر/تشرين الثاني، يحذّر باحثون من إمكانية استخدام التزييف بواسطة التكنولوجيا لجذب الناخبين باتّجاه مرشّح ما أو دفعهم إلى الوقوف ضدّه أو حتى تجنّب الانتخابات كليّاً، ما يثير القلق في بيئة تعاني في الأساس الاستقطاب الشديد. وجدّدت موجة من المعلومات المضللة مؤخراً الدعوات لعمالقة التكنولوجيا الذين تراجع العديد منهم عن مراقبة محتوى مواقع التواصل الاجتماعي، لتعزيز الحماية من التزييف بالذكاء الاصطناعي التوليدي قبل الانتخابات.

التزييف يستهدف المرشحين الثلاثة

واجه رجل الأعمال المثير للجدل ومالك "إكس"، إيلون ماسك، الأسبوع الماضي، انتقادات حادة لمشاركته تسجيلاً مصوّراً يعتمد على تقنية "التزييف العميق" يظهر نائبة الرئيس هاريس التي ستكون مرشحة الحزب الديمقراطي للانتخابات، مع متابعيه البالغ عددهم 192 مليوناً على "إكس". ويصف صوت في التصوير يقلّد صوت هاريس الرئيس جو بايدن بـ"الخَرِف" ويعلن بعد ذلك أنها لا تعرف "ألف باء الحكم".ولم يحمل التسجيل أي مؤشر على أنه مجرّد محاكاة ساخرة لها، باستثناء رمز تعبيري ضاحك. وأوضح ماسك لاحقاً أن التسجيل المصوّر كان هدفه السخرية فحسب. وأعرب باحثون عن قلقهم من أن المتابعين لربما استنتجوا خطأً بأن هاريس تسخر من نفسها وتستهزئ ببايدن.

وفنّد فريق تقصي الحقائق لدى وكالة فرانس برس للأنباء حالات تزييف أخرى مرتبطة بالذكاء الاصطناعي أثارت القلق. والشهر الماضي، أظهر تسجيل مصوّر تم التلاعب به ينتشر على "إكس" بايدن وهو يشتم منتقديه مستخدماً عبارات مناهضة لمجتمع الميم، بعدما أعلن سحب ترشيحه ودعم ترشّح هاريس. لكن كشف بحث عكسي عن الصور بأن التسجيل جاء من خطاب لبايدن بثّته شبكة بي بي إس وندّد فيه بالعنف السياسي بعد محاولة اغتيال ترامب في 13 يوليو/ تموز. وأفادت "بي بي إس" بأن التسجيل المصوّر رُكّب بتقنية "التزييف العميق" مستخدماً شعارها لخداع المشاهدين.

وقبل أسابيع، أظهرت صورة انتشرت في منصات التواصل الاجتماعي الشرطة وهي توقف ترامب بالقوة بعدما خلَصت هيئة محلفين في نيويورك إلى أنه مدان بتزوير سجلات تجارية تتعلّق بأموال تم دفعها لإسكات نجمة الأفلام الإباحية ستورمي دانيالز. لكن خبراء في الأدلة الجنائية الرقمية أفادوا فرانس برس بأن الصورة اعتمدت على تقنية "التزييف العميق".

روبوتات الدردشة تهدّد الانتخابات

قال المؤسس المشارك لمنظمة CivAI غير الحكومية لأمن الذكاء الاصطناعي، لوكاس هانسن، لـ"فرانس برس"، إن "هذه الأمثلة الأخيرة تدل دلالة كبيرة على الكيفية التي سيتم من خلالها استخدام التسجيلات المعتمدة على التزييف العميق في السياسة من الآن فصاعداً". وأضاف "بينما تعد المعلومات المضللة التي تستخدم الذكاء الاصطناعي مصدر قلق بكل تأكيد، سيتم تطبيقها على الأرجح عبر الصور والتسجيلات المصوّرة المفبركة الهادفة إلى إثارة الغضب ومفاقمة التوتر الحزبي".

واستعرض هانسن الكيفية التي يمكن من خلالها لروبوت دردشة واحد يستخدم الذكاء الاصطناعي أن يؤثر على نسب مشاركة الناخبين عبر إصدار مجموعة كبيرة من التغريدات الكاذبة. أعطيت للروبوت معلومة بسيطة في رسالة تم تخصيصها لمنطقة ألين في تكساس جاء فيها أن "مراكز الاقتراع تفرض أجرة على توقيف السيارات". وفي غضون ثوانٍ، انتشرت تغريدة تبلغ المتابعين بمعلومة مضللة مفادها بأن سلطات ألين "فرضت بتكتم رسماً على إيقاف السيارات قدره 25 دولاراً في معظم مواقع التصويت".

وسمحت اختبارات أجريت على أداة أخرى بارزة للذكاء الاصطناعي هي "ميدجورني" بتركيب صور تظهر بايدن وهو يتعرّض للتوقيف وترامب أمام شبيه له، وفق ما أفاد "مركز مكافحة الكراهية الرقمية" غير الربحي في يونيو/حزيران. وذكر ناشطون في مجال التكنولوجيا بأن "ميدجورني" حظرت في وقت سابق جميع التعليمات المرتبطة بترامب وبايدن، ما منع المستخدمين من تركيب صور زائفة. لكن "مركز مكافحة الكراهية الرقمية" لفت إلى أنه بإمكان المستخدمين الالتفاف على هذا المنع بكل سهولة عبر إضافة العلامة المائلة المعاكسة في بعض الحالات إلى أمر سبق أن حظرته "ميدجورني".

نقطة تحوّل خطرة

يحذّر مراقبون من أن هذا النوع من التزييف على نطاق واسع يحمل خطر إثارة الغضب في الأوساط العامة حيال العملية الانتخابية. ويتوقّع أكثر من 50 % من الأميركيين أن تؤثر المعلومات الكاذبة المفبركة بواسطة الذكاء الاصطناعي على نتيجة انتخابات 2024، وفق استطلاع نشرته العام الماضي مجموعة "أكسيوس" الإعلامية وشركة "مورنينغ كونسالت" للمعلومات التجارية. وأفاد حوالي ثلث الأميركيين أن ثقتهم بالنتائج ستتراجع بسبب الذكاء الاصطناعي، وفق الاستطلاع.

وذكرت شركات تكنولوجيا عملاقة عدة أنها تعمل على أنظمة تصنّف المحتوى المولّد عبر الذكاء الاصطناعي. وفي رسالة إلى الرؤساء التنفيذيين المعنيين بالتكنولوجيا في إبريل/نيسان، طالبت أكثر من مائتي مجموعة بجهود عاجلة لتعزيز مكافحة الأكاذيب المعتمدة على الذكاء الاصطناعي بما في ذلك حظر استخدام التزييف العميق في الإعلانات السياسية واستخدام خوارزميات لدعم المحتوى الانتخابي الواقعي.

وذكرت "فري برس" غير الربحية، وهي من بين المجموعات التي وقعت على الرسالة، أن المنصات لم تقدّم التزامات "جوهرية" في هذه الانتخابات. وقالت المستشارة القانونية لدى "فري برس"، نورا بينافيديز: "ما لدينا الآن هي بيئة سامة على الإنترنت حيث تغرق الأكاذيب بثّنا وتربك الناخبين"، مضيفةً أن "هذه نقطة تحوّل في انتخاباتنا.. يتعيّن على المسؤولين التنفيذيين في المنصات المسارعة إلى تحسين سياساتهم وتطبيقها ضد التزييف العميق وغيره من المشكلات".

(فرانس برس، العربي الجديد)

المساهمون