الاتصال الجسدي بين الأهل والأولاد: آثاره والحدود الواجب الالتزام بها

02 مايو 2024
يعزز الشعور بالأمان (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الاتصال الجسدي بين الأهل والأولاد يعزز النمو الفكري والجسدي للأطفال، مؤديًا إلى إفراز هرمون الأوكسيتوسين الذي يقوي الثقة بالنفس ويزيد الشعور بالرضا.
- يساهم الاتصال الجسدي في تقوية جهاز المناعة وتخفيف الشعور بالألم، ويتنوع تأثيره الإيجابي بحسب مراحل العمر، معززًا الروابط العاطفية ومهارات التواصل.
- قلة الاتصال الجسدي قد تؤدي إلى زيادة القلق وصعوبة في التعبير عن المشاعر، مع التأكيد على أهمية احترام الحدود الشخصية وتعليم الأولاد التعبير الصحي عن مشاعرهم.

يساهم الاتصال الجسدي بين الأهل والأولاد في تطوير نموهم الفكري والجسدي، كما يرفع لديهم هرمون الأوكسيتوسين، الذي يؤثر على الشعور بالرضا والرفاهية ويزيد ثقتهم بأنفسهم ويساعدهم على تخطي الأزمات.

تعددت الدراسات التي تشير إلى فوائد الاتصال الجسدي بين الأهل والأولاد ليس على الصعيد النفسي فحسب وإنما لتأثيراته الكيميائية في الجهاز العصبي المتصل بالدماغ، ما يقوي المناعة. تتنوع أساليب الاتصال الجسدي التي ينصح بها علماء النفس بين الأهل والأولاد، وتختلف بحسب العمر.

بين أهمية الاتصال الجسدي والحدود الواجب الالتزام بها توضح عالمة النفس أورسولا طقشي رزق الله في حديث خاص إلى "العربي الجديد" كل ما يحتاج الأهل إلى معرفته لضمان صحة أولادهم النفسية والجسدية.

تأثيرات الاتصال الجسدي في كل مرحلة من العمر

يلعب الاتصال الجسدي بين الأهل والأولاد على تطوير الصحة النفسية للأولاد بمختلف مراحل عمرهم، كما يعزز الشعور بالأمان، ويقوّي الروابط العاطفية، ويساعد في التنمية الاجتماعية والعاطفية. تختلف أساليب الاتصال الجسدي بين الأهل والأولاد بحسب حاجة كل مرحلة عمرية.

تشرح رزق الله في ما يلي أهمية الاتصال الجسدي بين الأهل والأولاد على الصحة النفسية:

  • في مرحلة الرضاعة: يُعتبر الاتصال الجسدي بين الأهل والرضيع مثل عناقه، احتضانه أو حمله استجابة لحاجاته ولا سيما عند نوبات البكاء، ما يساهم في تطوير الروابط العاطفية ويعزز العلاقة بين الرضيع وأهله. ويُشعر الاتصال الجسدي الرضيع بالأمان والحماية والاستقرار ما يؤثر إيجابيًّا على صحته النفسية، كما يلعب دورا هاما في نمو الجهاز العصبي وتطور الدماغ. بالإضافة إلى أنه يساعد في التطور الصحي للعلاقات الاجتماعية في المستقبل.
  • في مرحلة الطفولة: يعزز الاتصال الجسدي بين الأهل والأولاد في هذه المرحلة الثقة بالنفس، إذ يُشعر الطفل بقيمته وبأنه محترم ما يساعده على تطوير مهاراته الاجتماعية. هذا الاتصال يعلّم الطفل كيفية التعبير عن مشاعره إذ يطور فهمه للعلاقات الإنسانية، ما يؤدي إلى تحسين تفاعله مع المجتمع. كما أن له دوراً في تقليل التوتر والقلق والخوف الذي يشعر به في هذه المرحلة.
  • في مرحلة المراهقة: يزيد شعور المراهقين في هذه الفترة من العمر بالعزلة وصعوبة تفهم أهلهم. لذا فالاتصال الجسدي في سن المراهقة بالأهل ولا سيما العناق يوفر الدعم العاطفي ويعزز الشعور بالانتماء والأمان، مما يساعد على تقوية العلاقة بين المراهقين وأهلهم، كما أن له تأثيراً كبيراً في التخفيف من التوتر والضغط النفسي الذي يزداد عند المراهقين.

الاتصال الجسدي يقوي جهاز المناعة ويخفف الشعور بالألم

لا تقتصر التأثيرات الإيجابية للاتصال الجسدي بين الأهل والأولاد على صحتهم النفسية فحسب، وإنما له أهمية كبيرة في سلامة الصحة الجسدية.

توضح رزق الله كيف يساهم الاتصال الجسدي في تقوية جهاز المناعة، إذ تشير إلى أن العناق مثلًا يزيد من إفراز هرمون الأوكسيتوسين والمعروف أيضاً بهرمون الحب، ما يؤثر إيجابيًا على الجسم ويساهم في تخفيض ضغط الدم والتقليل من التوتر ما يعزز جهاز المناعة. كما أنه يخفض من مستويات هرمون "الكورتيزول" المرتبط بالإجهاد والذي يُضعف جهاز المناعة.

وتؤكد عالمة النفس أن للاتصال الجسدي بين الأهل والأولاد تأثيراً على الصحة الجسدية ككل وليس فقط جهاز المناعة، إذ يساهم في تفعيل عمل الجهاز الهضمي وتنظيم دقات القلب، كما يحسن نوعية النوم وكل ما يترتب عنه من فوائد.

ويساعد الاتصال الجسدي بين الأهل والأولاد مثل العناق واللمسات الإيجابية، في إفراز هورمون الإندورفين، الذي يُعتبر مسكنًا طبيعيًا للجسم، ما يخفف من الشعور بالألم، من هنا تنصح الأهل في حالات المرض بالبقاء إلى جانب أولادهم للاعتناء بهم وإعطائهم الحنان اللازم.

تأثير قلة الاتصال الجسدي بين الأهل والأولاد

يتأثر الأولاد والأهل سلبًا بسبب قلة الاتصال إذ يزيد مستوى القلق والتوتر، وتختلف الآثار السلبية بحسب المرحلة العمرية.

فبحسب رزق الله، يمكن أن تشكل قلة الاتصال الجسدي خطرًا على حياة الرضيع، أما بالنسبة لمرحلة الطفولة فسيواجهون صعوبة في تكوين العلاقات والتعبير عن مشاعرهم بأسلوب صحيح. وتشير إلى أن الآثار السلبية لقلة الاتصال الجسدي تظهر كثيرًا عند المراهقين الذين يحتاجون إلى كل وسائل الاتصال والتواصل مع أهلهم، كي لا يتعرضوا للشعور بالوحدة وتقلّ ثقتهم بأنفسهم.

لايف ستايل
التحديثات الحية

طرق الاتصال الجسدي بين الأهل والأولاد

تتعدد طرق الاتصال الجسدي بين الأهل والأولاد التي تعزز الصحة النفسية والعاطفية.

تكشف لنا رزق الله أبرز الأساليب لإظهار الاتصال الجسدي وتشدد على أهمية العناق اليومي الذي لا يمكن إهماله، كما يمكن لمسك اليدين والمشي مع الأولاد أن يشعراهم بالأمان ويقويا ثقتهم بأهلهم وبأنفسهم.

وتنصح بالنسبة للاتصال الجسدي بين الأهل والرضيع، بالتربيت على ظهره ما يهدئ نوبات البكاء لديه ويشعره بالراحة والاطمئنان، إضافة إلى الألعاب الجسدية مثل حمله على الكتفين أو على الظهر لتعزيز الروابط وتفعيل إفراز هرمونات الحب والسعادة. وتُشير إلى أن وقت النوم بالنسبة للرضيع هو فترة صعبة يشعر فيها بالقلق، لذا فمن المهم احتضانهم والجلوس قليلًا بالقرب منهم ليشعروا بالراحة.

تشدد عالمة النفس على أهمية النشاطات الجسدية مع الأولاد في مرحلة الطفولة مثل الرقص، ممارسة الرياضة معًا لتعزيز الصحة الجسدية والعاطفية عند الأهل والأولاد.

ومن ناحية أخرى، تجنب الاتصال الجسدي العنيف أي غير المرغوب فيه أو الذي لا يرتاح له الأولاد، كي يتعلموا حدود الاتصال وما هو مناسب أو غير مناسب. وتنصح الأهل بضرورة احترام رغبة الأولاد، في حال أبدوا انزعاجهم من أي نوع من الاتصال الجسدي وتعديل سلوكهم ليناسب راحة الأولاد واحتياجاتهم العاطفية.

الآثار النفسية السلبية والإيجابية للقبلة على الفم بين الأهل والأولاد

تختلف وجهات النظر لتأثيرات القبلة على الفم بين الأهل والأولاد بحسب الثقافات والمعايير الاجتماعية والشخصية.

وتكشف رزق الله أهم تأثيراتها السلبية والإيجابية من الناحية النفسية. فالقبلة على الفم بين الأهل والأولاد يمكن أن تعزز الروابط بينهم وتزيد الشعور بالأمان عند الأطفال، إذ تُظهر الحب والحنان، لكن من المهم الانتباه إلى الحدود الشخصية والجسدية التي يمكن أن تكون لها تأثيرات سلبية مع هذا النوع من القبلات.

لذلك تنصح الأهل الذين يعتمدون القبلة على الفم مع أولادهم الانتباه إلى رد فعل الطفل، إذا كان مرتاحًا لهذه الطريقة بالتعبير عن الحب أم لا. كما تشير إلى التأثير السلبي لها، إذ يمكن أن يفهم الأولاد أن هذه القبلة طبيعية ويمكن اعتمادها للتعبير عن المشاعر مع الجميع.

أما بالنسبة للتأثير السلبي على الصحة الجسدية للقبلة على الفم، فهي تحمل الكثير من الفيروسات والأمراض التي قد تنتقل إلى الطفل بسرعة.

وتوضح عالمة النفس أن القبلة على الفم بين الأهل والأولاد ترتبط بأعمارهم، وتتغير مع نموهم. فالأولاد في مرحلة الطفولة لا يميزون بشكل كبير بين أنواع الاتصال، إذ تكون هذه القبلات كتعبير عن الحب، أما بالنسبة لمرحلة المراهقة فمن المهم فهم أهمية الحدود الشخصية والاجتماعية.

أهمية الحدود الشخصية

تشدد رزق الله على أهمية تعليم الأولاد التمييز بين أنواع مختلفة من القبلات أو الاتصال الجسدي بشكل عام، الذي يمكنهم اعتماده مع الأهل أو الأصدقاء وحتى مع الأقارب، من هنا تظهر ضرورة التوجيه والتثقيف حول الحدود الشخصية لكل فرد. فلكل شخص مساحته الخاصة التي يجب احترامها، وبالتالي من المهم أن يفهم الأولاد ويتعلموا رفض أي نوع من الاتصال الجسدي الذي لا يريحهم.

وتنصح الأهل بأن يوضحوا لأولادهم في عمر مبكر أن القبلات التي يتبادلونها مع الأهل تكون مختلفة عن التي يمكن تبادلها مع الأصدقاء أو الأقارب. وتختم رزق الله مشددة على أهمية التواصل بين الأهل والأولاد عن الاتصال، وتشجيعهم على التحدث والتعبير عن مشاعرهم وعن تجاربهم مع غيرهم، وعن أنواع الاتصال الجسدي التي يفضلونها أو التي لا يحبونها.

المساهمون