الأخبار الكاذبة تغرق منصات التواصل في فلسطين

22 يونيو 2022
تحاول جهات مستقلة دحض الأخبار الزائفة المنتشرة (محمد عبد/ فرانس برس)
+ الخط -

انتشر قبل أيام خبر كاذب حول وفاة الرئيس الفلسطيني محمود عباس على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، ما أحدث بلبلة وجدل في البلاد، بين مؤكد ونافٍ، من دون أي أدلة، فيما لم تصدر أي تعليقات رسمية. لم يكن هذا الخبر الوحيد من نوعه الذي انتشر خلال الفترة الماضية، إذ رصد المتابعون سيلاً من الأخبار المُضللة والشائعات المُتعلقة بالشأن الفلسطيني الداخلي، كذلك المتعلقة بممارسات الاحتلال، علاوة على الأحداث الجارية في القدس وجنين، وغيرها.

ساهم التحول في شكل الاتصال وانتقال الأخبار عبر مواقع التواصل الاجتماعي في انتشار الأخبار المفبركة والمُضللة بشكل جنوني، في ظل ظهور صحافة المواطن، وغياب المعايير والممارسات المهنية في هذه البيئة، إلى جانب اختلاط النشر على الصحافيين وغير الصحافيين، وكذلك على الناشطين المهنيين وغير المهنيين، علاوة على تحكم الأهواء الحزبية والسياسية في دعم الخبر وتأكيده أو نفيه وتكذيبه.

وتختلف مصادر الأخبار المُضللة التي انتشرت خلال الفترة الماضية، إلا أنها تتفق جميعها في خلق حالة من البلبلة والتوتر، وتأجيج المناكفات والخلافات السياسية الداخلية، والتي تؤدي بدورها إلى زيادة حدة ووتيرة التراشق الإعلامي الفلسطيني الداخلي.

ومن أبرز الأخبار التي جرى تداولها على نطاق واسع وتصب في هذا السياق تلك المتعلقة بالحالة الصحية للرئيس الفلسطيني، أو التي انتشرت في ذروة العدوان الإسرائيلي على مدن الضفة الغربية أو على قطاع غزة، والتي تناولت مقتل الصحافية شيرين أبو عاقلة على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي. وكان من بين الأخبار غير المؤكدة كذلك أنباء عن استقالة الحكومة الفلسطينية، إلى جانب انتشار أخبار عن صفقة لتبادل الأسرى بين فصائل المقاومة الفلسطينية وسلطات الاحتلال الإسرائيلي، وهي أخبار قديمة أعيد نشرها، علاوة على معلومات أخرى لها علاقة بالأحداث الأخيرة في جنين، وبينها ما نسب إلى عدد من المعتقلين وعن عائلاتهم، وما سبقها من معلومات صدرت عن الاحتلال الإسرائيلي، في أكثر من 45 مادة تتعلق بأسرى نفق الحرية، لتسهيل عملية الإيقاع بهم، وإعادة اعتقالهم.

يعود انتشار الأخبار المُضللة إلى عوامل عدة، من أبرزها حالة التعاطف والتفاعل العفوي مع القضايا الوطنية المطروحة والنشطة، إلى جانب أخبار أخرى تتعلق بتحقيق أهداف معينة لصالح أجندات وغايات قد تكون أمنية مرتبطة بالاحتلال الإسرائيلي، أو لأسباب شخصية، أو أخرى سياسية في أتون الصراع الحزبي الداخلي، فيما تحدد طبيعة المعلومة صاحب المصلحة والعلاقة من نشرها.

ملحق فلسطين
التحديثات الحية

يشير مؤسس ومدير التحرير في المرصد الفلسطيني للتحقق "كاشف"، الخاص بتفنيد الشائعات والأخبار المضللة، بكري عبد الحق، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ المرصد يعتمد منهجية علمية وفق معايير التحقق العالمية، وهي تقوم على الرصد. وهناك معايير للرصد، ومن ضمنها المبالغة، والاجتزاء، وخطاب الكراهية والتحريض، وغياب الإجابة عن الأسئلة الأساسية في المعلومة التي تُقدم، كذلك غياب المنطق.

ترصد الأخبار في "كاشف"، وهو مرصد مستقل معترف به من نقابة الصحافيين الفلسطينيين والاتحاد الدولي للصحافيين، بحسب طبيعة الأحداث، مثل ذروة جائحة كوفيد-19، والأحداث المرتبطة بعدوان الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، أو الاعتداءات المتواصلة على المدن، فيما تتم عمليات البحث وفق كلمات مفتاحية مرتبطة بالحدث، لتضييق دائرة البحث والوصول إلى كل ما يجري تناوله عبر المنصات حول الموضوع المستهدف. أما عن آلية التحقق من الأخبار، فيوضح عبد الحق أن المعلومة تخضع للتحقق الأولي، فيما تتم عمليات التحقق عادة من خلال البحث العكسي عبر محركات البحث، أو عبر التواصل مع المصادر الحية، إلى جانب الخبرة الشخصية في مجال التحقق كالبحث في محتوى المعلومة ومصدر المعلومة والبحث مثلًا في هوية الأشخاص داخل الفيديو، أو المعالم الجغرافية والمؤشرات داخل الصور، مثل الحالة الجوية والتضاريس، وبعد ذلك الانتقال إلى مرحلة التحقق الأكثر عمقاً، وعند الحصول على نتيجة تقارب 90 إلى مائة في المائة من نتيجة التحقق، تكتب المادة التحريرية، ثم يدققها شخصان على الأقل قبل نشرها.

تتمثل خطورة المواد المضللة، وفق عبد الحق، في الأضرار التي تؤثر مباشرة على الجمهور، حين تتعلق المعلومات على سبيل المثال بالصحة كما حدث خلال جائحة فيروس كورونا، أو معلومات تتعلق بالواقع الداخلي، مثل نشر أسماء غير صحيحة لمسربي أراض كما حصل في مدينة الخليل في الضفة الغربية، أو معلومات مضللة تتعلق بالشجارات العائلية، إلى جانب المعلومات المتعلقة بالأحزاب والتي تعزز من خطاب الكراهية، علاوة على الجانب الأخطر، والمتمثل في المعلومات المتعلقة بالاحتلال الإسرائيلي، والتي تهدف إلى تحقيق مصالح أمنية للاحتلال والتأثير على تماسك المجتمع، وخلق حالة من الإرباك داخله.

المساهمون