قطر
20 نوفمبر 2022
+ الخط -

شاهد المتابعون من مختلف أرجاء العالم استاد "البيت" في قطر وهو يستضيف افتتاح كأس العالم 2022، أكبر حدث رياضي في العالم، مقدماً استعراضاً في خمس لوحات، دعت في أبرز عناوينها إلى الحب والخير.

وأمام ستين ألفاً ملأوا استاد "البيت"، بحضور عدد من ملوك ورؤساء الدول العربية والصديقة، قال أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني "أهلاً وسهلاً بالعالم في الدوحة"، وأضاف "لقد عملنا ومعنا كثيرون من أجل أن تكون هذه البطولة من أنجح البطولات"، داعياً إلى "أن يضع الناس ما يفرّقهم جانباً لكي يحتفوا بتنوّعهم وبما يجمعهم في الوقت ذاته".

وفاجأت اللجنة المنظمة متابعي الحفل بعرض مقاطع فيديو نادرة يظهر فيها الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني في شبابه وهو يلعب كرة القدم على أرضية رملية مع رفاقه، في رسالة أصّلت للحلم القديم الذي ظل يرافقه، وحققه قبل اثنتي عشرة سنة في مساء يوم الثاني من ديسمبر/ كانون الأول عام 2010 حينما أعلن جوزيف بلاتر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" حينها فوز قطر بشرف تنظيم بطولة كأس العالم 2022.

ووقّع الأمير الشيخ تميم القميص أمام المشاهدين القميص الذي كان يرتديه الأمير الوالد قبل نصف قرن من الزمن، وصولاً إلى استقبال العالم في بطولة تنظمها دولة عربية للمرة الأولى.

وقبيل بدء حفل الافتتاح كانت الخيول العربية الأصيلة تصطف في مسارين لاستقبال الضيوف في استاد اختير بذاته وباسمه "البيت" ليعبر عن بيت الشعر البدوي، مزيناً في كل زواياه بمفردات تراثية، في مقدمتها "السدو"، ومحمولاً على أحدث ما توصلت له تكنولوجيا الملاعب والتصاميم المعمارية المراعية للاستدامة وشروط البيئة النظيفة.

وما إن دقت الساعة بالثانية عند الخامسة والأربعين دقيقة بتوقيت الدوحة، انطلقت على مدار نصف ساعة اللوحات الاستعراضية التي احتفت بجوهر هذا اليوم وهو اللقاء بين الثقافات، لقاء الحوار وقبول الآخر.

وكانت من أكثر اللحظات الأعمق تأثيراً لحظة لقاء النجم الأميركي الشهير مورغان فريمان بالشاب القطري غانم المفتاح الذي يوصف في قطر بالملهم، ذلك أن قصته مثلت كفاح شاب عانى من متلازمة مرضية تغلب عليها، مثلما في الوقت ذاته شكلت رعاية قطر لذوي الاحتياجات مأثرة لم تقتصر على المتابعة الصحية، بل دفعته ليكون فاعلاً وأحد أكبر المؤثرين بين جيله.

وفي حوار بين الاثنين اختار المفتاح مرحباً بفريمان الآية القرآنية "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم".

وحين سأل فريمان "أرى الآن أن ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا كيف نطيل التوافق أكثر وأكثر؟". قال الغانم "بالتسامح والاحترام. إن بيت الشعر خيمة البدوي وهي بيت للجميع في هذا اليوم".

وتبع هذه اللوحة عرض لغناء جماعي بعنوان "بالحب بالخير"، ظهرت فيه أزياء المرأة القطرية، وأهازيج رجالية بالعرضة والسيف، محفوفة بإيقاعات الصحراء، ثم عرض آخر مع أربع طبول توجه إلى العالم، وفي الأثناء كانت تدور على أرض الملعب أعلام الدول المشاركة وقمصان المنتخبات.

ولم يفُت الحفل تقديم "نوستالجيا" احتفالية بتعويذات المونديالات السابقة، تحية لمن استضافوا هذا الحدث، وصولاً إلى تعويذة هذا المونديال 2020 المتمثلة في "لعّيب"، التعويذة القطرية التي ترتدي الزي الرجالي بالثوب والعقال.

لعيب تعويذة قطر ينضم إلى رفاقه السابقين، يقدم دعوة لسياحة الخيال من دون سقف للزمان والمكان، بالثوب القطري والعقال.

أما اللوحة الأخيرة فأحياها المغني الرئيسي في فرقة "بي تي إس" الكورية، جيون جونغكوك، ومعه المغني القطري فهد الكبيسي اللذان غنيا أغنية "الحالمون" وفيها "انظر من نحن، نحن الحالمون، سنحقق ذلك لأننا نؤمن به. انظر من نحن، نحن الحالمون، سنحقق ذلك لأننا نستطيع أن نراه".

هذه 64 مباراة في اللعبة الأكثر شعبية حول العالم ينتظرها عشاق المستديرة الساحرة على مدار 28 يوماً، لكنها في هذا وأبعد منه مساحة تلتقي فيها الشعوب بما فيها من اختلافات على أرض رحبت بالجميع.

وإذا كان استاد "البيت" محتشداً بهذه الجماهير فإن أرجاء الدوحة كانت تغص بعشرات الآلاف ممن تابعوا الافتتاح بعيداً عن بيوتهم،  عبر شاشات عملاقة من كورنيش الدوحة ذي الستة كيلو مترات والحدائق الواسعة في العاصمة، ومدينة الوسيل الحديثة.

بدت الألعاب النارية وأحدث تقنيات الاستعراض وسيلة تعبيرية وفرت الإبهار، لكن ما يعلق في الذهن حضور فوق هذا حضور الطيف البشري من العالم، وإبراز الهوية العربية مكوناً أصيلاً يستحق تبوؤ مقعده بين ثقافات الأمم.

المساهمون