ينمو قطاع التدوين الصوتي (البودكاست) بشكل كبير يومياً، وبات ملجأ في كثير من دول العالم، بينما يتحول متابعون كثيرون إليه ليستمعوا إلى مقالات وأخبار ومواضيع الترفيه بينما يقومون بأعمالهم، في اتّجاه أقرب إلى استعمال الراديو في العالم الرقمي.
بحسب صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، فإنه في الولايات المتحدة الأميركية وأستراليا والدول الناطقة بالإنكليزية، يقضي الناس بانتظام ساعات وهم يستمعون إلى الغرباء يتحدثون مباشرة في آذانهم. إذ يُقال إن حوالي ثلث مستهلكي الأخبار الأسترالية هم من مستمعي البودكاست، وتشير الدلائل إلى أن الأرقام قد زادت خلال الوباء.
في المقابل، لم يخضع البودكاست لتدقيق كافٍ، في وقت تتم فيه مطاردة الشخصيات اليمينية البديلة بشكل متزايد في "فيسبوك" و"تويتر"، لذا يتحول البث الصوتي إلى الحلبة التالية للمعركة حول المحتوى المشكوك فيه أو الخطير.
الولايات المتحدة مثالاً
فقد المزيد من الجمهور اليميني الأميركي ثقته في شبكته المفضلة "فوكس نيوز"، لأنها أعلنت المرشح الديمقراطي، جو بايدن، رئيساً لأميركا، ولم تتمادَ في ترويج مزاعم تزوير الانتخابات، لذا بدأ هذا الجمهور يلجأ إلى مصادر بديلة للمعلومات كالبودكاست.
ومن بين برامج البودكاست اليمينية الشهيرة سلسلة Bannon’s War Room التي يقدمها اليميني ستيف بانون، والتي تبث بانتظام ادعاءات لا أساس لها من الصحة حول تزوير الانتخابات والناخبين غير القانونيين، بالإضافة إلى البودكاست الكاثوليكي اليميني The Taylor Marshall Show.
لكن الرقابة أصعب هنا. تمت إزالة حلقة شهر نوفمبر/تشرين الثاني من برنامج بانون من "يوتيوب" بسبب تعليقات عنيفة، لكن لا يزال من الممكن الوصول إلى الحلقة عبر "غوغل بودكاستس" المملوكة لنفس الشركة. ورغم طرده من "تويتر" وإزالته من "سبوتيفاي" لا يزال بإمكان المشاهد العثور على البرنامج عبر "آبل بودكاستس" و"بوكيت كاستس".
محاولة تنظيم
قال متحدث باسم "غوغل" إن "غوغل بودكاستس" تقوم بفهرسة الصوت المتاح على الويب مثل بحث "غوغل". وأوضح أنه "يمكن أن يشمل ذلك مواضيع وأفكاراً قد تكون مثيرة للجدل، "غوغل بودكاستس" يزيل ملفات البودكاست من فهرسه في حالات نادرة جداً، وفقاً للقانون المحلي غالباً".
ومع نمو مكانة البودكاست وزيادة الإيرادات، لا يمكن تجاهل مشكلة المعلومات المضللة، بالرغم من أن معظم منصات البودكاست لديها بالفعل سياسات رقابة على محتوى.
وتحظر "آبل بودكاستس" الترويج للعنف، وتحظر "سبوتيفاي" المحتوى الذي يحرض على الكراهية على أساس العرق أو الهوية الجنسية وغيرها.
لكن طريقة التنفيذ تظل غامضة، خاصة إذا كان المحتوى المثير للمشاكل يتبناه ضيف البرنامج بدلاً من المذيع.
وقد يكون من الصعب أيضاً قياس مدى وصول وتأثير البودكاست الذي يروج للمؤامرات السياسية أو الصحية، مقارنةً بمنشور على "فيسبوك" أو تغريدة على "تويتر" فأدوات التضخيم السريع، مثل الإعجاب أو التعليق أو إعادة التغريد، ليست موجودة.
والبرامج لا تبقى في مكان واحد فقط. ففي أستراليا مثلاً يُقال إن "يوتيوب" هو المنصة الرئيسية للبودكاست الأكثر شيوعاً، أو تكون استضافته على مواقع ويب خارجية. كل ذلك يساعد في جعله جزءاً آخر من قنوات المعلومات المضللة.