أور العراقية تنتظر مهرجاناً
مبنى الزقورة أحد أبرز معالم المدينة الأثرية (أسعد نيازي/Getty)
ينشغل مثقفون وصحافيون وموسيقيون عراقيون، منذ أيام، بالترتيب لمهرجان "أور" العالمي، وهو الأول من نوعه في مدينة أور الأثرية في مدينة الناصرية، مركز محافظة ذي قار جنوبي العراق.
وأعلنت منظمة "نخيل" الثقافية، وهي منظمة غير ربحية، عن إقامة مهرجانها السنوي تحت عنوان "مهرجان أور العالمي" لحوار الأديان والحضارات بتاريخ 6 مارس/آذار من كل عام ابتداءً من العام المقبل. وذكرت المنظمة في بيان، أنها "عازمة على إقامة هذا الكرنفال السنوي على أرض مدينة أور، وأمام الزقورة بحضور نخبة من مثقفي العالم ورجالات الدين من كافة الديانات والحضارات". وأكدت أن "هذا المهرجان سيكون برئاسة سفير اليونسكو للسلام الرئيس الفخري لمنظمة نخيل عراقي الثقافية، نصير شمة، وعضوية مختصين في اليونسكو ومنظمات دولية ومحلية"، مشيرة إلى أن "هذا المهرجان يشجع على الاستثمار والإعمار في مدينة أور التاريخية من خلال التنسيق مع الجهات المختصة في الدولة العراقية لطرح الفرص الاستثمارية التي تجذب السياحة لهذه المدينة المهمة". وبحسب البيان، فإن "المهرجان سيشهد فعاليات فنية وثقافية وفولكلورية تحكي سيرة حضارة أبناء الرافدين وتوثق منجزاتهم عبر التاريخ".
وفي السياق، قال أحد القائمين على مبادرة مهرجان "أور"، إن "إدارة نخيل عراقي تبحث حالياً مع وزارة الثقافة العراقية ونقابة الفنانين العراقيين والمؤسسات الداعمة للنشاطات الفنية في البلاد، عن سبل تمويل هذا المهرجان في المستقبل، إضافة إلى طرق الاعتراف به دولياً، من خلال مخاطبة المنظمات الإنسانية والحقوقية والمهتمة بالفكر والتراث في العالم"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن "المهرجان من المفترض وبحسب الفكرة الحالية، أن يضم جميع الفنون في العراق، وأن يستضيف فنانين من العرب والأجانب، وهذا الأمر يتطلب تمويلا كبيرا".
من المفترض أن يضمّ المهرجانجميع الفنون في العراق، وأن يستضيف فنانين من العرب والأجانب، وهذا الأمر يتطلب تمويلا كبيرا
من جهته، بيَّن الناشط من مدينة الناصرية علي الربيعي، أن "الناصرية تحتاج إلى التفات العالم إليها، وتحديداً المواقع الأثرية والتراثية في هذه المدينة، كونها تمثل أقدم الحضارات في العالم، ولا يمكنها أن تبقى بهذا الحال"، موضحاً لـ"العربي الجديد"، أن "زيارة بابا الفاتيكان أعادت للمدينة القديمة أهميتها بعد أن أهملتها جميع الحكومات العراقية منذ عقود". وأكمل الربيعي، أن "هناك الكثير من المنظمات العالمية التي تعرض على بعض الشخصيات العراقية مقترحات لتنشيط السياحة عبر إحياء المواقع الأثرية، مثل "أور" ومدينة بابل القديمة، ومنطقة إيوان كسرى في المدائن ببغداد"، وغيرها من المناطق، ولكن المنظمات الدولية والجهات الداعمة والممولة تخشى الاستيلاء السياسي على الأموال التي تخصص لهذه المشاريع".
عازف العود العراقي نصير شمّة قال لـ"العربي الجديد"، إن "المشروع لا يزال قيد التباحث، ولكنه حظي مبدئياً بإشادة من منظمة "يونسكو"، كما تجري حالياً مباحثات مع مجموعة من الأطراف، من أجل التوصل إلى نتائج إيجابية، وسيتم الإعلان عن هذه النتائج عقب الانتهاء من بعض الترتيبات"، مبيناً أن "زيارة البابا للعراق عززت من لفت انتباه العالم لإعادة الإعمار في العراق، وعولمة مدينة أور لتصبح مساحة للحوار والثقافة". من جانبها، شددت "يونسكو" على أهمية العراق. وذكرت في بيان أن "العراق يتربع مجدداً على عرش التاريخ بالصلاة الإبراهيمية في أرض أور".
تعد منطقة "أور" الأثرية، التي كانت واحدة من أبرز محطات بابا الفاتيكان، إحدى أقدم الحضارات في جنوب العراق والتي تعود للحقبة السومرية، وزاد الاهتمام بها بعد ضم "الزقورة" إلى لائحة التراث العالمي في يوليو/ تموز 2017، لتصبح واحدة من ضمن محميات منظمة "يونسكو"، كما تُعد موقعاً أثرياً سومرياً، وتقع في "تل المقير"، بمحافظة ذي قار جنوب العراق، وكانت عاصمة للدولة السومرية عام 2100 قبل الميلاد، وهي من أقدم الحضارات المعروفة في تاريخ العالم.
وتشتهر المدينة بمبنى الزقورة الذي كان معبداً للآلهة "إنّيانا" آلهة القمر، حسب ما ورد في الأساطير السومرية، وبوجود 16 مقبرة ملكية شيدت من الطوب واللبن، وكانت في كل مقبرة بئر، وعند موت الملك تدفن معه جواريه بملابسهن وحليهن بعد قتلهن بالسم عند موته، وكان للمقبرة بنيان تعلوه قبة. لكن هذه المواقع الأثرية، وبسبب الإهمال الحكومي وعدم مواصلة العناية بها، طُمر الكثير منها.