- التحقيق يكشف أن الصور التي نشرها أدرعي لا تدعم ادعاءاته حول استخدام حماس لخزانات الوقود، ويبين أن إسرائيل تعيق وصول المساعدات الإنسانية، مما يؤثر على المرافق الحيوية في غزة.
- "مسبار" يتناول البروباغندا الإسرائيلية ومحاولات ربط حماس بتنظيم داعش، موضحًا أن الادعاءات حول استهداف مستشفى المعمداني واعتداء حماس على النازحين مضللة، ويؤكد على أهمية التحقق من الحقائق.
دقق فريق موقع مسبار في تصريحات المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيخاي أدرعي الذي يواصل الترويج لادّعاءات مضللة عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي عن العدوان المتواصل على غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. وفند "مسبار" المخصص للتقصي في الحقائق مزاعم أدرعي التي تناقلتها منصات إعلامية وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي.
أدناه المزاعم التي شاركها أدرعي خلال حرب الإبادة التي تشنها قوات الاحتلال على الفلسطينيين في غزة، وكشف "مسبار" حقيقتها.
"حماس" تمنع المدنيين من النزوح إلى الجنوب
نشر حساب أفيخاي أدرعي، في 15 أكتوبر الماضي، تسجيلاً صوتياً على أنه لمكالمة هاتفية بين ضابط في الوحدة 504 في هيئة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وبين أحد سكان جباليا، شمالي قطاع غزة. وقال أدرعي إن المتكلم الفلسطيني يعترف في المكالمة مع الضابط "بمنع حركة حماس سكان القطاع من الانتقال إلى الجنوب حفاظاً على سلامتهم"، مضيفاً أن "حماس تستخدم سكان غزة دروعًا بشرية".
وكشف "مسبار" أن الادّعاء مضلل، والرواية الإسرائيلية غير دقيقة ولا تنقل حقيقة واقع عمليات النزوح، ولم يُعثر على أي مشاهد تؤكد صحتها. وتواصل حينها مع عددٍ من الصحافيين والمواطنين الذين نزحوا إلى الجنوب بعد دعوات الإخلاء وكانوا شهود عيان على عمليات النزوح، وأكدوا أن حركة حماس لم تمنعهم من التوجه إلى الجنوب.
منطقة جنوب غزة آمنة
شارك أدرعي منشورات ادعى من خلالها أن مناطق جنوب قطاع غزة، وتحديداً مدينة خانيونس، ستكون آمنة للفلسطينيين النازحين من شمال القطاع.
وأوضح "مسبار"، وفقاً لتغطية الوسائل الإعلامية، أن طائرات الاحتلال الإسرائيلي تستهدف منازل المدنيين في جنوب قطاع غزة، وتحديداً في مدينتي رفح وخانيونس، إلى جانب استهدافها بيوتاً تضم نازحين. إذ ارتكب الاحتلال مجازر بحق عائلة المصري راح ضحيتها 11 شخصاً، وبحق عائلة الجبري التي فقدت 21 فرداً منها، وعائلة اللمداني التي قتل منها 15 فرداً، كما قتل أربعة أفراد من عائلة بريخ، و30 فرداً من عائلة صبح، وفقاً لبيانات جمعها مراسلو "مسبار" من الميدان آنذاك.
استخدام "حماس" خزانات وقود بدل توزيعها على المرافق المدنية
شارك أدرعي، في 24 أكتوبر الفائت، صورة ادّعى أنّها توثق وجود كمية مقدرة بنصف مليون لتر من الوقود في معبر رفح، نافياً وجود أزمة داخل القطاع جراء نفاد الوقود، مضيفاً "هذا السولار يسرقونه من المدنيين، وينقلونه إلى أنفاقهم وقاذفاتهم وقادتهم"، وادعى أن عناصر "حماس" يطلقون مزاعم عن عدم قدرتهم على إمداد المرافق الحيوية بالمادة، لأنها ليست في سلم أولوياتهم.
لكن تحقق "مسبار" أثبت، حينها، أن الصور التي نشرها أدرعي وشاركتها حسابات إسرائيلية تعود إلى محطتي تخزين للغاز والوقود غربي معبر رفح، وأن صور خرائط غوغل تُظهر وجود صهاريج للغاز والوقود في المحطتين الخاصتين بتخزين الوقود اللتين سبق وأجرى جهاز الدفاع المدني في غزة جولة تفقدية عليهما في سبتمبر/ أيلول الماضي. وحول كميات الوقود الموجودة في المحطتين، أكد المتحدث باسم جمعية أصحاب محطات البترول والغاز عمر أبو طه أن "هنالك كميات من الوقود مخزنة داخل معبر رفح من الجانب الفلسطيني، إلا أنه لا يمكن استخراجها والاستفادة منها، لأنها معرضة للاستهداف من آلة الاحتلال الإسرائيلي التي تسعى بكل قواها إلى منع إدخال الوقود للمراكز الصحية والخدماتية". ومن جانبه، أكد رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة سلامة معروف أن كميات الوقود التي تحدث عنها قادة الاحتلال هي كمية محجوزة منذ اليوم الأول للعدوان على غزة، ومدفوع ثمنها مسبقاً من قبل أصحاب محطات الوقود، وأشار إلى أن تلك الكمية لا يمكن الوصول إليها، وهي مملوكة للمحطات التي دفعت أثمانها عند دخولها قبل العدوان بيومين.
مجزرة المستشفى المعمداني
لعل أبرز الادعاءات المضللة التي روج لها المتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي، عقب مجزرة مستشفى المعمداني، حديثه إلى قناة العربية بشأن استهداف المستشفى حينها، بالقول إن "المعلومات الاستخباراتية أكدت للجيش الإسرائيلي منذ اللحظة الأولى أن الانفجار نجم عن إطلاق فاشل لصاروخ تابع للجهاد الإسلامي".
لكن "مسبار" أوضح، حينها، في تقريرٍ موسع أن رواية إسرائيل حول مجزرة المستشفى المعمداني هشة مع أدلة تشير لمسؤوليتها.
"حماس" أقامت حاجزاً لمنع دخول المساعدات
في أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، نشر أدرعي صورة ادّعى أنها تظهر حاجزاً أقامته حركة حماس لمنع شاحنات المساعدات الإنسانية من الدخول إلى شمال القطاع.
وأثبت "مسبار"، من خلال مطابقة المعالم الجغرافية، أن الصورة التُقطت من موقع يتمركز فيه جنود الاحتلال، وليس من المواقع التي تسيطر عليها "حماس" شمالي القطاع، وأوضح أن إسرائيل هي التي تُعيق دخول المساعدات الإنسانية ومركبات الإسعاف.
"حماس" اعتدت على النازحين
في السياق نفسه، نشر الناطق باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي مقطع فيديو في حسابه الرسمي على منصة إكس، في فبراير/ شباط الفائت، وعلّق عليه بالقول: "الاعتداء بالهراوات على المدنيين الذين ينتظرون المساعدات، وسد طريق الأشخاص الذين يحاولون الانتقال من منطقة القتال إلى الغرب، توثيق حياة السكان الخاضعين لسيطرة حماس في خانيونس".
لكن تحقق "مسبار" أوضح أن الفيديو الذي نشره أدرعي التُقط في أواخر ديسمبر/ كانون الأول الفائت، وليس حديثاً. كما أنّ ما كان يتعرض له مستشفى الأمل والمنطقة المحيطة به من معارك وقصف وعمليات عسكرية لا يُشير إلى أنّ الفلسطينيين قادرين على التنقل بحرية في المنطقة وإيصال مساعدات إلى المستشفى حتى تمنع ذلك حركة حماس. كما أنّ مقطع الفيديو لا يُظهر أي اعتداء أو ضرب مباشر، إنما استخدام للهراوات لإفساح المجال للشاحنات للوصول إلى الساحة، والتي كانت تحمل معدات طبية لازمة لمستشفى الأمل التابع للهلال الأحمر الفلسطيني في قلب مدينة خانيونس، الأمر الذي أكده لـ"مسبار" المواطن أحمد حسونة، وهو نازح من مدينة غزة يبلغ من العمر 27 عاماً، وكان موجوداً في المستشفى عندما استخدم عناصر الأمن الهراوات لإخلاء الساحة من المتجمهرين.
أفيخاي أدرعي والبروباغندا الإسرائيلية
إلى جانب الادعاءات المضللة والتنصل من المجازر التي ينفذها جيش الاحتلال بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، يعمل أفيخاي أدرعي على الترويج للبروباغندا الإسرائيلية من خلال حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، ويتعمد ربط الفصائل الفلسطينية، وتحديداً حركة حماس، بتنظيم داعش، في محاولة لتبرير الجرائم الإسرائيلية في القطاع. إذ شارك في أكتوبر الفائت صورةً لعلم ـ راية التوحيد الإسلامية السوداء، معلقاً بأنها "صورة لعلم تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي والذي تم كشفه من بين عتاد مخربي حماس الذين تسللوا إلى كيبوتس صوفا في غلاف غزة". وأوضح "مسبار"، حينها، في تقريرٍ موسع أن عدة مؤشرات في الصورة تُشير إلى أن الادعاء مضلل، ويُثير شكوكاً حول العثور على العلم بين عتاد عناصر المقاومة.