أبولو 11... تلك الخطوات الصغيرة على سطح القمر

20 يوليو 2022
عودة الإنسان إلى القمر لن تخلو من المشاكل (ناسا/Getty)
+ الخط -

في 20 يوليو/تموز عام 1969، أصبح رائد الفضاء الأميركي، نيل أرمسترونغ، أول إنسان تطأ قدماه سطح القمر، ثم تبعه بعد ذلك بعشرين دقيقة زميله بز ألدرن. ونقل التلفزيون كلمات أرمسترونغ التاريخية على سطح القمر: "إنها خطوة إنسان صغيرة، ولكنها قفزة عملاقة للبشرية". وأمضى الاثنان 21 ساعة و36 دقيقة على سطح القمر.

كان الهدف من مهمة "أبولو 11" هذه استكمال الخطة الأميركية التي وضعها الرئيس جون كينيدي في 25 مايو/أيار عام 1961، بإجراء هبوط مأهول على سطح القمر والعودة إلى الأرض. وتضمنت أهداف الرحلة الإضافية الاستكشاف العلمي، ونشر كاميرا تلفزيونية لنقل الإشارات إلى الأرض، ونشر تجربة تكوين الرياح الشمسية وحزمة التجربة الزلزالية وعاكس الليزر. وأثناء الاستكشاف، كان على رائدي الفضاء جمع عينات من مواد سطح القمر لإعادتها إلى الأرض، وتصوير التضاريس القمرية والمعدات العلمية المنتشرة، والمركبة الفضائية.

انطلقت "أبولو 11" في 16 يوليو 1969، وعلى متنها القائد نيل أرمسترونغ، ورائد وحدة القيادة مايكل كولينز، وطيار الوحدة القمرية إدوين بز ألدرين. وتُركت على سطح القمر ميداليات تذكارية تحمل أسماء رواد فضاء "أبولو 1" الثلاثة الذين فقدوا حياتهم في حريق منصة الإطلاق، واثنين من رواد الفضاء الذين لقوا حتفهم أيضاً في حوادث، إضافة إلى قرص من السيليكون يبلغ قطره بوصة ونصف، يحتوي على رسائل نوايا حسنة مصغرة من 73 دولة، وأسماء قادة في الكونغرس ووكالة الفضاء الأميركية (ناسا).

(ناسا/Getty)
تحول أرمسترونغ إلى شخصية احتفى بها الملوك والرؤساء والزعماء، وأصبح في نظر الأميركيين بطلاً خارقاً. ومع ذلك، فضل الابتعاد عن حياة النجومية والانعزال وعدم إجراء حوارات صحافية. وتحول مع السنوات إلى لغز يعود لإثارة الاهتمام كل سنة مع عودة الاحتفالات بوصول البشر إلى القمر.
 
وقال مراسل الشؤون العلمية في "بي بي سي"، بالاب غوش، إنه كان من بين الصحافيين القلائل الذين قابلوه، ووصفه بأنه "أعقل إنسان يمكن أن تقابله".
 
في إبريل/نيسان 2021، رحل رائد وحدة القيادة، مايكل كولينز، الذي رافق أرمسترونغ من دون أن يحظى بشهرته. فبينما أصبح أرمسترونغ وألدرن أول من وضعا قدماً على سطح القمر، ظل كولينز في مركبة قيادة المهمة. وبقي كولينز الذي يوصف بأنه رائد الفضاء الثالث "المنسي" في المهمة التاريخية وحيداً لأكثر من 21 ساعة، حتى عاد زميلاه إلى المركبة القمرية.
 
وكان يفقد الاتصال بمركز التحكم في هيوستن في كل مرة تدور فيها المركبة الفضائية حول الجانب المظلم من القمر. وقال سجل المهمة: "لم يعرف أي إنسان منذ آدم هذه العزلة مثل مايك كولينز".
 
وكتب كولينز وصفاً لتجربته في سيرته الذاتية عام 1974، لكنه تجنب الظهور إلى حد كبير. وقال، في تعليقات نشرتها "ناسا" عام 2009: "أعرف أنني سأكون كاذباً أو أحمق لو قلت إنني كنت صاحب أفضل مقاعد أبولو 11 الثلاثة، لكن يمكنني القول بصدق واتزان إنني راض تماماً عن الدور الذي أديته".
(ناسا/Getty)

عندما سأل صحافي "بي بي سي" أرمسترونغ: "ما الذي حدث لحلم فريق أرمسترونغ؟"، أجابه أن "الحلم لا يزال قائماً".

وبعد مرور عقود، أكّدت "ناسا" أنها ما زالت تتوقّع عودة الروّاد الأميركيين إلى القمر سنة 2024، كاشفةً عن تقديرات للتمويل اللازم لإنجاز هذه المهمة، وهي 28 مليار دولار خلال خمس سنوات، من بينها 16 ملياراً لمركبة الهبوط على القمر.

(ناسا/Getty)
ويمكن للقمر اليوم أن يكون موطناً لمجموعة من العمليات العلمية والتجارية، بدءاً بضخ الأكسجين والوقود المصنَّعين على سطح القمر، وصولاً إلى تركيب الهوائيات التي تمسح السماء بحثاً عن علامات لحضارات تكنولوجية أخرى.
 
ويمكن أن تقدم الأبحاث القمرية أدلة أساسية حول تكوين نظامنا الشمسي والأرض نفسها. وسيبدأ برنامج آرتيميس، التابع لوكالة ناسا، "لإعادة تشغيل" القمر، أو على الأقل النشاط البشري هناك، من خلال هبوط أول امرأة وأول شخص ملون على سطح القمر في منطقة قطبية جنوبية في موعد لا يتجاوز 2025.
نيل أرمسترونغ (ناسا/Getty)

والهدف هو الاستفادة من تقنيات مبتكرة حتى يتمكن رواد آرتيميس على سطح القمر من استكشاف المزيد من سطح القمر أكثر من أي وقت مضى، وتشكيل أول وجود طويل الأمد على القمر.

ومع ذلك، فإن عودة الإنسان في القرن الحادي والعشرين إلى ذلك العالم لأداء عمليات مستدامة أو ربما دائمة على القمر لن تكون خالية من المشاكل. ومن نواحٍ عدة، فإن رؤية "ناسا" تصطدم بصعوبة الظروف في القمر، إذ يتعين عليها أولاً تطوير التقنيات المطلوبة لمنح الأطقم الوسائل اللازمة لعمليات أطول وأكثر استدامة على سطح القمر.

مايكل كولينز (ناسا/Getty)
المساهمون