قدم المخرج التونسي، مجدي السميري، أخيراً، مسلسل "8 أيام" من كتابته وإخراجه، وبطولة الممثل السوري مكسيم خليل، إضافة إلى سينتيا خليفة وبديع أبو شقرا.
مجدداً، تعتمد دراما المنصّات على الجريمة، كنوع من الالتزام بأسلوب وحلقات المسلسلات القصيرة، والتي تغزو المنصات الإلكترونية العربية، وتعزز استغلال شركات الإنتاج لعامل التشويق الذي يلزم المشاهد بالمتابعة. يطرح "8 أيام" حكاية الاتجار بالفتيات القاصرات، وهي صيغة متشابهة مع القضايا الاجتماعية التي طُرحت في أعمال درامية سابقة، كـ"العميد" بقضيّة الاتجار بالأطفال، و"البريئة" بالاتجار بالآثار، و"لا حكم عليه" بمسألة الاتجار وبيع الأعضاء، إلى آخر السبحة التي تشكل اليوم منفذاً أساسياً لأفكار المنتجين العرب.
محاولة بدت جيدة لشركة "فالكون فيلمز" لصاحبها رائد سنّان، لدخول عالم الإنتاج مرة أخرى في مسلسل قصير. والواضح أنَّ الشركة منحت المخرج التونسي مجدي السميري كافة التسهيلات للخروج بمسلسل أشبه بالأفلام الأميركية التي تغزو السينما العالمية منذ عقود. لم يوفر السميري استغلال أو تقليد صناعة أفلام الأكشن، ومكان الحدث هو بيروت، إذْ يقع المحامي"أمير" (مكسيم خليل) في قبضة الشرطة مُتَّهماً بجريمة قتل لقواد يُسوّق الفتيات القاصرات، وذلك للعمل في الدعارة خارج لبنان.
مشاهد "هوليودية" بامتياز من الدقائق الأولى للعرض. مركز الشرطة هو قاعدة أساسية لفك لغز المحامي والعصابة التي تحيط به، وخصوصاً سبب توريطه في هذه الجريمة، لا سيما أنّ المحامي "أمير" يعمل شريكاً في ملفات فساد، لكنه يرفض رفضاً قاطعاً الاتجار بالفتيات القاصرات، لذلك، كان عليه أن يدفع الثمن بحسب خطة المافيا. شخوص تشبه إلى حد كبير ما شاهدناه من قبل في مراكز الشرطة الأميركية. اعتمد السميري للمرة الأولى على إبراز وجوه تحمل ملامح غربية في الشكل كنوع من "انصهار" مستجد يقدمه للمشاهد.
داخل مركز الشرطة وغرف التحقيق، لوحات التعريف كتبت باللغة الإنكليزية وليس العربية. حتى في شارة المسلسل أسماء فريق العمل كلها بالإنكليزية! تتّحد خطوط اللعبة في "8 أيام"، والتي من المفترض أن ترسم طريق حلّ "لغز الجريمة" بعداً افتراضياً، لا يمكن أن يتشابه مع الواقع الأمني في لبنان ولا في معظم الدول العربية، فضلاً عن استغلال تقنيات الإنترنت في مساعدة المتهم على كشف ملابسات الاتهام، والسعي وراء براءته عن طريق صديق له يعمل في مجال الأمن الرقمي.
إطار معلب يبتعد عن الواقع العربي، ويحاول اختزال ساعات الترفيه في أعمال درامية مصورة بخرافات أو عوالم "الخيال العلمي" الضعيف أو المستنسخ بطريقة من الواضح أنّها تؤسس لمرحلة جديدة في عالم الدراما والمسلسلات المصورة، وتشجّع مخرجين آخرين للعمل وفق هذا النمط أو الأسلوب. 34 دقيقة (مدة الحلقة) تعصف بين المشاهد المتسارعة وتعقيد الحاضر. مطارادات وشكوك تعتمد على أداء عادي لمعظم الممثلين خصوصاً بديع أبو شقرا الذي تحول إلى ممثل منفذ يكرر نفسه في مثل هذه المسلسلات، خصوصاً بدور المحقق أو الشرطي، لكن هذه المرة بفارق بسيط، هو أنّه شريك للعصابة.