"أور" الأثرية بعد زيارة البابا للعراق... هل تستعيد مجدها؟

10 مارس 2021
معبد الزقورة بُني قبل عام 2100 قبل الميلاد (فرانس برس)
+ الخط -

فتحت زيارة البابا فرنسيس للعراق باب التساؤل أمام الناشطين والمهتمين بآثار  بلاد الرافدين، عن مدى إمكانية استثمارها مرافق سياحية جاذبة للعراقيين والأجانب، ولا سيما بعد أن بدت إجراءات التعمير والاهتمام بها، ومن ضمنها مدينة "أور"، أمراً سهلاً.

فقد مدّت السلطات في البلاد، خطوط الكهرباء، وشكّلت فرقاً لتنظيف "أور" قبل زيارة البابا، الذي أقام أخيراً صلاة موحدة فيها بين جميع أطياف العراق ومذاهبه.

وتُعَدّ منطقة "أور" الأثرية، التي كانت واحدة من أبرز محطات بابا الفاتيكان، واحدة من أقدم الحضارات في جنوب العراق وتعود للحقبة السومرية، وكانت عاصمة للدولة السومرية عام 2100 قبل الميلاد.

وزاد الاهتمام بها بعد ضمّ "الزقورة" إلى لائحة التراث العالمي في يوليو/ تموز 2017. ومعلم الزقورة كان معبداً لإلهة القمر "إنيانا"، حسب ما ورد في الأساطير السومرية.

وثمة 16 مقبرة ملكية شُيدت من الطوب واللبن، وكان في كل مقبرة بئر، وعند موت الملك تدفن معه جواريه بملابسهن وحليّهن بعد قتلهن بالسم عند موته، وكان للمقبرة بنيان تعلوه قبة. لكن هذه المواقع الأثرية، بسبب الإهمال الحكومي وعدم مواصلة العناية بها، طُمر الكثير منها.

وقال بابا الفاتيكان فرنسيس قبيل إقامة الصلاة الموحدة في "أور" مع مختلف الديانات والطوائف: "من هذا المكان بدأ الإيمان والتوحيد من أرض أبينا إبراهيم، وإن الإيمان يجلبنا معاً، أما الإرهاب والعنف فلا يأتيان من الدين".

وشدد على أن "الإرهاب يستغل الدين، ونحن من يجب أن نمنع من يستغله غطاءً". وعقب هذا التعليق أعاد ناشطون سلسلة من النقاشات في إمكانية إعادة الاهتمام الحكومي بالمدينة الأثرية وغيرها من المدن الأخرى.

وقالت الفنانة التشكيلية ريا عبد الأمير، وهي من محافظة ذي قار، إن "زيارة البابا لمدينة أور غير اعتيادية، لأنها تحمل أهدافاً ترتبط بالسلام بين المكونات والأديان والمجتمعات، ولكن أثرها على مدينة "أور" لن يظهر حالياً، بل يحتاج إلى فترة كي يظهر"، مبينة لـ"العربي الجديد"، أن "مدينة "أور" تستحق أن تكون قِبلة لكل العراقيين، كذلك فإن لديها المقومات لتتحول إلى مرفق سياحي أثري، ومكان مهم للاستجمام، لما يحتوي من هدوء يمكن استغلاله لإقامة فعاليات عدة، بضمنها رياضة اليوغا.

وأشارت إلى أن "المدينة تفتقر إلى كثيرٍ من الخدمات، وبحاجة إلى عملٍ حكومي جاد لإنقاذها وإعطائها حقها من الاهتمام، كذلك فإنها بحاجة إلى توفير خطوط نقل توصل العراقيين والسياح إليها، ولذلك فإن غياب خطوط النقل، يُعَدّ من أسباب عدم وصول السياح إليها، وهناك من يعتمد على سيارات الأجرة من أجل زيارتها".

زاد الاهتمام بمدينة "أور" الأثرية  بعد ضم "الزقورة" إلى لائحة التراث العالمي في يوليو/ تموز 2017.

بدوره، قال علي الربيعي، وهو من النشطاء البارزين في مدينة الناصرية، إن "مدينة أور مهملة تماماً من قبل السلطات المحلية والمركزية في العراق، لكونها لا تمثل جانباً استثمارياً كما في تجارة النفط وغيرها، ولذلك منذ 18 عاماً، هي مهملة، ولم تلتفت لها أي حكومة من أجل استثمارها والتعريف بها أمام السيّاح".

ومضى يقول إن "الخلل الذي تعاني منه مدينة أور، هو الفساد المالي والإداري لدى بعض مسؤولي الموقع الأثري، لذلك لا بد من إجراء حملة إصلاحية تستبدلهم".

وأكد أن "زيارة البابا جعلت جميع سكان العالم يشاهدون أطلال الحضارة السومرية، وهي فرصة ذهبية بالنسبة إلى الحكومة لكي تراجع حساباتها وتباشر بعمليات تأهيل لها، من أجل تحويلها إلى مدينة سياحية أثرية تنافس بقية المواقع في دول العالم".

من جانبه، بيَّن المسؤول المحلي في محافظة ذي قار ياسر الغريفي، أن "العراق طوال السنوات الماضية لم يهتم بملف الآثار والمدن التي أضيفت إلى لوائح التراث العالمي، بسبب المشاكل السياسية والتحاصص الحزبي والطائفي على المناصب، إضافة إلى الاضطرابات الأمنية التي أدت إلى إهمال الكثير من القطاعات المهمة في البلاد".

وأوضح لـ"العربي الجديد"، أن "موازنة العراق لعام 2021، تضمنت ميزانية خاصة لمدينة الناصرية، وهناك تسريبات تشير إلى أن جزءاً كبيراً من هذه الأموال ستُخصص لإعادة تأهيل وترتيب مدينة أور الأثرية، إضافة إلى توفير الخدمات الأساسية فيها".

المساهمون