تغيّر في النشاط الحيوي للثدييات على كوكب الأرض

25 يونيو 2018
رصد الباحثون هذه التغيّرات عند عدد من الحيوانات (Getty)
+ الخط -
في طبيعة عالمنا المعاصر الحاليَّة، صارت العلاقة بين النوع البشريّ والثدييات الحيوانيَّة معقّدة جدًا. وصار الفضاء يضيق أكثر فأكثر على الحيوانات، إذْ إنّ النوع البشري يهيمن على ثلاثة أرباع القارّات المأهولة تقريبًا. وعلى الرغم من أنَّ كل هذه الحيوانات، كما يشير العلماء، تريد تجنّب هذا العدو، لكن احتمالات الأمكنة صارت بالنسبة إليها محدودةً للغاية. لأنّ النوع البشري عدوّ وصياد، ولا يردع في اصطياد فرائس أكبر منه بكثير، وذلك بسبب أدواته الفعالة. ولأنّ الحيوانات لا تستطيع غزو الفضاء، فهي تحاول التأقلم مع الهيمنة البشريَّة عن طريق تغيّر نمط حياتها. هذا التغيّر رصده العلماء من خلال تغيّر مواعيد البحث عن التغذية عند الثدييات، بالإضافة إلى التزاوج بينها، ورعاية أطفالها، إذْ تفعل كلّ شيء في ساعات الغسق الأولى، أو في الليل، ويشكّل هذا وقتًا ممتازاً، إذْ تكون الحركة البشريَّة في أضعف حالاتها، وبعض الأماكن تكون مهجورةً بشكل كامل.

فريق دوليّ

وقد توصّل إلى هذه النتائج فريقٌ من الباحثين من جامعة كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأميركيَّة، بقيادة الباحثة في علوم الأحياء، كايتلين غاينور. وأشاروا إلى دلائل قويَّة تنبئ عن تغير الفيزيولوجيا الداخليّة لبعض الحيوانات. ونشرت النتائج في مجلة "العلوم" العلميّة المحكّمة. شكّلت كايتلين فريقاً دولياً درس 76 نوعًا من الثدييات في أوروبا وأفريقيا وآسيا وأستراليا وأميركا الشمالية وأميركا الجنوبية في 76 دراسة، وذلك باستخدام أجهزة الإرسال والأقمار الصناعية والكاميرات الجوالة، وقارنوا بين الحيوانات التي تعيش في مناطق مكتظة بالسكان، مع المناطق التي لا يتردّد البشر عليها كثيرًا. وكان الفرق هائلاً، ففي المناطق التي يزورها الصيادون وعشّاق رياضة الركض وسائقو الدراجات والمتنزّهون والعائلات والمزراعون وغيرهم، فإنّ الباحثين سجّلوا نشاطاً ليلياً لحيوانات هذه المناطق، أكثر بنسبة 20% من النشاط الليلي لحيوانات أخرى لا تعيش في مناطق مأهولة بالسكان. لا تغيّر الحيوانات سلوكها بشكل جذري، ولكن يحصل تغيّر طفيف وتحويل بسيط، ولكن، هذا هو بداية التطور التاريخي. على سبيل المثال، ثمَّة ثدييات تتنقل بشكل جماعي، فإنّ هذا التغير فرض عليها، أن تتنقل في الليل أكثر من النهار تجنّباً للبشر.




كل البشر خطرون

وقد رصد الباحثون هذه التغيّرات في طيف واسع من أنواع الحيوانات، من الفيل الذي يبلغ وزنه 5 أطنان إلى السنجاب. وأشاروا إلى أنّ الحيوانات لا تستطيع أن تميّز بين أنواع الضجيج، فبالنسبة إليها، الضجيج الناتج عن رياضي يركض، له نفس قيمة الخطورة كضجيج صياد قادم للصيد. الحيوانات ترى في كل البشر، بدون استثناء، خطرًا مميتاً يجب تجنبه.

تهديد بالانقراض
ولكن، على الرغم من أنّ البشر الآن يحتلون قسماً كبيرًا من كوكب الأرض، فإنّ الحيوانات تحاول أن تغير نشاطها إلى الليل. ولكن، هذا التغير ليس ناجعًا بشكل مطلق، إذْ إنّ الحيوانات المفترسة على سبيل المثال، ليست فعالة جدًا في الليل، وذلك لأنها أقل تكيفاً في الظلام، وهذا بالتأكيد سيؤدّي إلى صيد أقل، وربّما تهديد بالانقراض بشكل أو آخر على المدى الطويل جدًا. كما أنَّ هنالك بعض الحيوانات التي تنشط أكثر خلال الليل قبل الهيمنة البشريَّة، هذه الحيوانات ليلية بطبيعتها، وسوف تواجه أعداء جدداً كانت نهارية عادة، وبالتالي ستواجه بعض الأنواع الليلية بأصلها مشاكل كثيرة بسبب دخول أعداء جدد إلى عالمها المظلم الخاص، وهذا سيؤدّي إلى تغيّر النظم الأيكولوجية على كوكب الأرض.

المساهمون