وتتناول المسرحية التي أخرجها رأفت الزاقوت، وكتبتها أمل عمران، علاقة الديكتاتورية بالمجتمعات الأبوية، من خلال قصة فنان تشكيلي (حسين مرعي) يعيش في المنفى، يحاول منع أخته (أمل عمران) من العودة إلى سورية التي تمزقها الحرب، خلال لقائهما بعد موت والدهما، الذي كان يعمل ضابطًا كبيرًا في المخابرات، تورط بقتل السوريين.
وتنتهي المسرحية بعد سلسلة من الأحداث الدرامية، باغتصاب الأخ أخته، ما يدفعها لقتله ثم الانتحار، تاركة العديد من الأسئلة الجدلية حول العلاقات بين البشر، أسئلة تمس الصورة اللامعة لأصحاب السلطة في حياتنا، ابتداء من الأب وانتهاء بالديكتاتور، أسئلة يحاول كثيرون تجاهلها عادة، لأنها تطرق أبوابا تتعمد المجتمعات الأبوية إغلاقها، ما جعل العرض "استفزازيًا" بالنسبة لبعضهم.
Facebook Post |
واستهجن عديدون على مواقع التواصل الاجتماعية ظهور المرعي عاريًا، معتبرين ذلك استغلالًا للحرية المتاحة، وتشويهًا للفن أو قلة احترام للجسد، فقال هيثم طبوبي: "يزعم هذا الشاب أنه ممثل، وأن ظهوره أمام الناس عاريًا أمر عادي، وأن الفن ليس له حدود، ولاقى على ما يبدو إشادة إدارة المهرجان على هذا الإنجاز العظيم"، وأضاف: "أنا أبكي اليوم على حال المسرح في تونس الفن أرقى بكثير من هذا الشيء الذي عرض. أفيقي يا إدارة المهرجان".
ووصف آخرون ما جرى بأنه "فضيحة كبرى"، وزعموا أن عددا كبيرا من الجمهور الذي كان حاضرًا في الصالة غادر العرض احتجاجًا على مشهد العري، الأمر الذي حاول نفيه آخرون مدعين أن الاحتجاج كان أكثر سخونة على الشبكة العنكبوتية، فكتبت لمى الوجلي: "بعض الناس غادروا القاعة لكن الأكثرية تابعوا العرض وقالوا إن العرض كان رائعا وقويا ولم يهتموا للعري الذي شكل جزءا من الفكرة، حيث إن توظيف العري كان في موضعه".
Facebook Post |
وعبر آخرون عن استغرابهم لصدمة المجتمعات العربية من جسد عار ولامبالاتها بالموت الذي يتكرر فيها يوميًا، حيث كتبت رؤى حداد: "هذا المشهد الجريء المثير، أجمل من مشاهد الحرب والقتل والقمع والتعذيب والتجارة بالأعضاء، لأن الجسد له حرمته"، وأضافت: "أما الناس التي أقلقها العري، فأحب أن أسألهم: ألا يقلقكم موت الأطفال من البرد، تشرد الناس، غلاء المعيشة؟ أما من الناحية الفلسفية والمسرحية للجسد، فعليكم إلقاء نظرة على تاريخ المسرح الإغريقي، والمضحك أكثر أن مجلس النواب والحكومة يعرون الشعب طيلة الوقت، ولا أحد يتحدث عن الأمر!".
وبدورها، انتقدت أسما البيدي قبول كثيرين بمتابعة برامج مسفّة تملأ الشاشات العربية، واحتدامهم على مشهد العري بالمسرحية، ولفتت نظر القائمين على المهرجان إلى ضرورة الإشارة للجمهور عما كان سيشاهده، فكتبت: "ممكن من الأجدر كان إعلام المواطنين أن المسرحية فيها مشاهد عارية.. هكاكة اللي يدخل عارف نفسه ع شنيه قادم".
وما بين معترض ومتقبل حذرت الصحافية صابرينا غزواني من استغلال المشهد لتحقيق مآرب خاصة: "وكم من حبر ستسيل مسرحية (يا كبير) التي عرضت الليلة بالمسرح البلدي ضمن أيام قرطاج المسرحية، وكم ستثير الصراخ والعويل، وكم من توجه سيستغل الظرف لمآربه، وكم وكم...؟؟؟؟".