بثّت شبكة نتفليكس أخيراً ستاند كوميدي للشهير جيري ساينفيلد ذي الـ66 عاماً بعنوان "23 ساعة للتضييع"، والذي يعتبر الأول من نوعه منذ 22 عاماً، فشهرة ساينفيلد لم تأت من كونه مؤدي ستاند أب كوميدي، بل من المسلسل الشهير "ساينفيلد"، وبعدها "كوميديون في السيارة يشربون القهوة". كل هذا جعل منه واحدا من "ملوك" الكوميديا في العالم، بأسلوبه "النظيف" والمفارقات اليوميّة التي يوظفها، والتي جعلت ثروته حالياً تقارب المليار دولار.
لم يتخل ساينفيلد عن موقفه المتعالي وغروره الشخصيّ في العرض الجديد. ذات الانتقادات التي وجهت للمسلسل الذي يحمل اسمه يمكن أن تنطبق الآن، ساينفيلد لا يناقش القضايا السياسية أو الراهنة، بل يتحرك في مساحة شديدة الأمان، ويراهن على قدرته على خلق المفارقة وبناء النكتة، سواء حين تتعلق به أو بما شهده. لكن الاختلاف عما سبق هو تطرقه لحياته الشخصية، إذ يحدثنا عن نقاشاته مع زوجته وأولاده وطبيعة الحياة معهم، وهنا لا نشهد أي جديد سوى ما نسمعه من غيره، لا نشكك هنا بعبقرية ساينفيلد، بل بالموضوعات المطروقة التي تناولها، معتمداً على أسلوبه لإبرازها، لا على جدّة الموضوع.
الاختلاف الأوضح عما سبق أن ساينفيلد يتلفظ بثلاث كلمات بذيئة نوعا ما في هذا العرض، ما يثير الدهشة كونه عُرف بتمسكه بـ"النظافة"، لأنه يرى في البذاءة ضحكاً رخيصاً، وحلاً سهلاً لإضحاك الجمهور. الكلمات البذيئة لا تُشكل جوهر النكتة، لكنها تتسلل إلى كلامه، مع ذلك نلاحظها وتثير اهتمام من اعتاد على كوميديا ساينفيلد. هذا الاختلاف عن السابق نراه أيضاً في التقليد والكوميديا الجسدية التي يوظفها أكثر من المعتاد، فساينفيلد يركض ويقفز أمامنا ويقلّد الشخصيات التي ينتقدها وهو يحاول شرح النكتة، ما يبدو غريباً عن أسلوبه القائم على اللعب بالكلمات ونبرة الإلقاء.
سخرية ساينفيلد الساذجة في بعض الأحيان أثارت الكثير من الانتقادات، كذلك ادّعاؤه العصرية والحيويّة، وهذا ما نراه في مقدمة العرض الذي يبدأ بفيديو له وهو يقفز من طائرة مروحية في الماء، وكأنه يقول ما زلت شاباً ومغامراً. لكن الموضوعات التي يتناولها ساينفيلد، الطعام والهواتف النقالة ومكتب البريد، لا تبدو فعلاً مثيرة للاهتمام، خصوصاً أنه يتبنى "كوميديا الملاحظة": فهل فعلاً ما يلاحظه ساينفيلد في حياته اليومية المترفة هو فاتورة الطعام في المطعم؟ ما سبق جعل بعض نكاته خالية من النكهة أحياناً، وكأنه لا يدرك مقدار التغير الذي شهده العالم منذ التسعينيات- حين كان "ملكاً"- حتى الآن، حيث يمكن لأي شخص أن يضحك الملايين عبر هاتفه المحمول.
مفهوم قتل الوقت الذي يراهن عليه ساينفيلد، هو حقيقة امتياز، لا يتشابه فيه مع الجمهور الذي يصرح دوماً أنه برغم معرفته به لا يعرف الكثير عنه، فمن يقتل الوقت يمتلك الكثير منه، بالتالي قادر على ملاحظة التفاصيل الصغيرة في الحياة اليوميّة والاستطراد في التقاط مفارقاتها، ما جعل العرض يبدو وكأنه استعراض لامتياز شخص أبيض غنيّ، لا تماس له مع الواقع، بل يعيش في فقاعة تمكنه من المراقبة من دون التورط حقيقة بالمتغيرات والمشكلات اليوميّة التي يواجهها الناس، والتي تشكل جوهر مادته الكوميدية، بل البعض قال، إن ساينفيلد، البليونير، وملك الكوميديا، عليه ألا يرمي نفسه على الأرض بعمر الـ66 كي يضحك الناس.
اقــرأ أيضاً
يبدو العرض كرحلة في الزمن، ساينفيلد جاء من التسعينيات، ليزور الألفية الجديدة محملاً بنكات باهتة، ومفارقات لا تبدو الآن مضحكة، لكن هالته وأسلوبه يذكراننا بماض لا شاشات مهيمنة فيه ولا وسائل تواصل اجتماعيّ، هذه الرحلة عبر الزمن بدت منطقية أكثر في عرضه السابق الذي بثته نيتفليكس أيضاً، والذي يشابه فيلما بعنوان "جيري قبل ساينفيلد"، الذي يشرح لنا فيه آلية عمله على النكات، وكيفية تدوينها، وبدايته المهنية.
لم يتخل ساينفيلد عن موقفه المتعالي وغروره الشخصيّ في العرض الجديد. ذات الانتقادات التي وجهت للمسلسل الذي يحمل اسمه يمكن أن تنطبق الآن، ساينفيلد لا يناقش القضايا السياسية أو الراهنة، بل يتحرك في مساحة شديدة الأمان، ويراهن على قدرته على خلق المفارقة وبناء النكتة، سواء حين تتعلق به أو بما شهده. لكن الاختلاف عما سبق هو تطرقه لحياته الشخصية، إذ يحدثنا عن نقاشاته مع زوجته وأولاده وطبيعة الحياة معهم، وهنا لا نشهد أي جديد سوى ما نسمعه من غيره، لا نشكك هنا بعبقرية ساينفيلد، بل بالموضوعات المطروقة التي تناولها، معتمداً على أسلوبه لإبرازها، لا على جدّة الموضوع.
الاختلاف الأوضح عما سبق أن ساينفيلد يتلفظ بثلاث كلمات بذيئة نوعا ما في هذا العرض، ما يثير الدهشة كونه عُرف بتمسكه بـ"النظافة"، لأنه يرى في البذاءة ضحكاً رخيصاً، وحلاً سهلاً لإضحاك الجمهور. الكلمات البذيئة لا تُشكل جوهر النكتة، لكنها تتسلل إلى كلامه، مع ذلك نلاحظها وتثير اهتمام من اعتاد على كوميديا ساينفيلد. هذا الاختلاف عن السابق نراه أيضاً في التقليد والكوميديا الجسدية التي يوظفها أكثر من المعتاد، فساينفيلد يركض ويقفز أمامنا ويقلّد الشخصيات التي ينتقدها وهو يحاول شرح النكتة، ما يبدو غريباً عن أسلوبه القائم على اللعب بالكلمات ونبرة الإلقاء.
سخرية ساينفيلد الساذجة في بعض الأحيان أثارت الكثير من الانتقادات، كذلك ادّعاؤه العصرية والحيويّة، وهذا ما نراه في مقدمة العرض الذي يبدأ بفيديو له وهو يقفز من طائرة مروحية في الماء، وكأنه يقول ما زلت شاباً ومغامراً. لكن الموضوعات التي يتناولها ساينفيلد، الطعام والهواتف النقالة ومكتب البريد، لا تبدو فعلاً مثيرة للاهتمام، خصوصاً أنه يتبنى "كوميديا الملاحظة": فهل فعلاً ما يلاحظه ساينفيلد في حياته اليومية المترفة هو فاتورة الطعام في المطعم؟ ما سبق جعل بعض نكاته خالية من النكهة أحياناً، وكأنه لا يدرك مقدار التغير الذي شهده العالم منذ التسعينيات- حين كان "ملكاً"- حتى الآن، حيث يمكن لأي شخص أن يضحك الملايين عبر هاتفه المحمول.
مفهوم قتل الوقت الذي يراهن عليه ساينفيلد، هو حقيقة امتياز، لا يتشابه فيه مع الجمهور الذي يصرح دوماً أنه برغم معرفته به لا يعرف الكثير عنه، فمن يقتل الوقت يمتلك الكثير منه، بالتالي قادر على ملاحظة التفاصيل الصغيرة في الحياة اليوميّة والاستطراد في التقاط مفارقاتها، ما جعل العرض يبدو وكأنه استعراض لامتياز شخص أبيض غنيّ، لا تماس له مع الواقع، بل يعيش في فقاعة تمكنه من المراقبة من دون التورط حقيقة بالمتغيرات والمشكلات اليوميّة التي يواجهها الناس، والتي تشكل جوهر مادته الكوميدية، بل البعض قال، إن ساينفيلد، البليونير، وملك الكوميديا، عليه ألا يرمي نفسه على الأرض بعمر الـ66 كي يضحك الناس.
يبدو العرض كرحلة في الزمن، ساينفيلد جاء من التسعينيات، ليزور الألفية الجديدة محملاً بنكات باهتة، ومفارقات لا تبدو الآن مضحكة، لكن هالته وأسلوبه يذكراننا بماض لا شاشات مهيمنة فيه ولا وسائل تواصل اجتماعيّ، هذه الرحلة عبر الزمن بدت منطقية أكثر في عرضه السابق الذي بثته نيتفليكس أيضاً، والذي يشابه فيلما بعنوان "جيري قبل ساينفيلد"، الذي يشرح لنا فيه آلية عمله على النكات، وكيفية تدوينها، وبدايته المهنية.