أمير كرارة... أداء مفتعل وشعبيّة زائفة

08 يوليو 2018
أمير كرارة (يوتيوب)
+ الخط -
لا يغيب عن أي مقال نقدي يتناول ظاهرة أمير كرارة، وفيلمه الأخير "حرب كرموز" الذي يتصدر إيرادات أفلام موسم عيد الفطر لهذا العام، التفسير بحاجة المشاهدين وحبهم لظاهرة البطل الشعبي في الأفلام. لكن السؤال الحقيقي أين هذا البطل الشعبي وأين الفيلم؟

في فيلمه، يحاول بيتر ميمي أن يقدم ملحمة كأفلام هوليوود، هذا هو منطقه. ليست ملحمة، لكنها ملحمة تشبه ما يشاهده في الأفلام الأخرى. يتفاخر بأنّه استعد جيّداً، وتعب كثيرًا في التحضير لفيلمه الذي كتب قصته المنتج محمد السبكي. ملحمة ألفها السبكي فكيف يمكن الاستعداد لها؟

شاهد ميمي 15 ساعة من الأفلام والوثائقية وألف صورة لكي يعيش في تلك الأجواء. وهي جهود تناسب تماماً المستوى الذي خرج به الفيلم الذي بذل فيه مجهودًا للدعاية والحشد والإيحاء بمدى أهميته أكثر مما حدث في مراحل إعداده وتصويره.
انبهر الجمهور بتريلر الفيلم القصير، ومشاهد الدرون، والعناية بالملابس واللغة، وصدقوا ما أوحت به صفحات فيسبوك المدفوعة بأننا سنشاهد إنتاجاً مختلفاً وفيلماً متقناً وتغييراً كبيراً في شكل السينما. هذا هو المنطق الذي بات يتحكم في ذائقة الجمهور وتحريكهم، ودفع قطاع منهم إلى الترويج المجاني لأعمال ركيكة ورديئة.

لا بطل شعبياً هنا. لا ترى أكثر من أمير كرارة. الأداء نفسه والتعبيرات والانفعالات والحركة هي نفسها، رحلة يتقمص فيها كرارة هذه المرة شخصية تشبهه، لكنها داخل فيلم تاريخي، كأنه يؤدي حلقة في برنامج "بيومي أفندي" أو فقرة في "فوازير" أو "اسكتشات". لا يقاوم أن يرتدي قميصاً ضيقاً يظهر عضلاته، رغم أن شكل القميص وتصميمه لا يناسبان إطلاقاً أجواء الفترة التي ينقلها الفيلم.

أمير كرارة يؤدي شخصية الضابط يوسف المصري، كما يؤدي شخصية الشاب في حواري بوخارست. يصفع شقيقتيه لينتزع الضحكات والإعجاب بالأخ الحازم الذي يفيض بالرجولة والجدعنة. يصلح الفيلم لمسابقة اكتشاف سبعة فروق بين شخصيتي الضابطين يوسف المصري وسليم الأنصاري.

الجميع يتحدث عن يوسف المصري، البطل، قبل أن يحدث أي شيء، وقبل أن نعرف ما البطولات التي استحق من خلالها أن يصبح اسمه معروفاً للجميع، سوى أنه يؤخر حصول سيدة تعمل في الدعارة على ختم لرخصتها، لأن ضميره لا يقبل ذلك. لكن أحد المحبوسين يقول لنا في الدقائق الأولى: "بيقولوا البكباشي يوسف ده رجل، والبر كله بيحلف بكده".
يمسك الجنرال الإنكليزي بملف لا يحتوى سوى على صورة لكرارة وسطرين عنه، يرفع عينيه ويقول لمساعده إن ذلك الضابط لن يستسلم بسهولة، وعليهم الاستعداد لحرب ومعركة كبيرة.. هكذا ببساطة!

الحديث عن غياب العناية بالتفاصيل في أحداث هذا الفيلم أمر عبثي، لأنه لا عناصر أساسية يمكنك البحث عن تفاصيل غائبة بينها، لكن يكفي أن تعرف أن بداية الأحداث كان الضابط الانكليزي يتحدث عن صدور الأوامر باسم الملكة، ثم في منتصف الفيلم يعود ليتحدث عن أوامر الملك!

كل العوامل التي حاول بها صنّاع الفيلم مساعدة كرارة، محدود الإمكانات، جاءت بنتائج عكسية. يصلح ذلك العلاج عادة مع فيلم متكامل لا يعيبه سوى ضعف إمكانيات تمثيل بطله، ومحاولة استغلال شعبيته، بإضافة عناصر وخطوط أخرى تدعم الفيلم، لكن كل ما أضيف إلى هذا الفيلم كان أكثر سذاجة.
دلالات
المساهمون