حلّ لغز صوت قطرة الماء

25 يونيو 2018
لأكثر من قرن انشغل العلماء بظاهرة الصوت (Getty)
+ الخط -

في بعض الأحيان، تكون ليلة بدون نوم سببًا في نشوء فكرة مشروعٍ بحثيّ معين. كان العالم من جامعة كامبريدج، أنوراغ أغاروال، في زيارةٍ إلى صديقه في يوم من الأيام. وكان سقف بيت صديقه يسرّب قطرات مستمرّة من المياه. ولتجنُّب تراكم المياه، وُضِع دلوٌ تحت مكان التسريب، صار يمتلئ بالماء قطرةً قطرةً. بقي أغاروال مستيقظًا طوال الليل، بسبب الضجيج المزعج الذي يشكّله هذا الصوت المستمر. فكّر أغاروال في اللغز الفيزيائيّ وراء تشكّل هذا الصوت، فهو قبل كلّ شيء، رئيس قسم أبحاث الصوت في جامعة كامبريدج.

توصّل أغاروال مع زملائه إلى استنتاجٍ بعد إجراء مجموعةٍ معينة من الأبحاث والاختبارات، "حتّى الآن، لم يكتشف أحدٌ كيف يتشكّل هذا الصوت المزعج الذي يسبب الأرق لملايين الناس". وبمساعدة كاميرات عالية السرعة، وصلوا إلى الجذر العلمي لهذا اللغز. وأكّدوا بأنّ هذا الصوت لا يتشكّل بدرجة أولى من الانخفاض الذي تشكّله القطرة الجديدة القادمة في سطح الماء الساكن. ونشر الباحثون تقريرهم في مجلّة "التقارير العلميَّة" Scientific Reports، بعد تسجيل مسار قطرات الماء المؤثّرة، وذلك باستخدام ميكروفونات حديثة تسجّل الضوضاء فوق وتحت الماء، محلّ ارتطام القطرة.

ووصف الباحثون كما ذكر موقع "شبيغل أون لاين"، عمليَّة تشكّل الصوت على الشكل التالي، أوَّلاً، تسقط قطرة الماء على سطح الماء الجديد، فتخلق تقعّراً ناتجاً عن ضغط سقوط هذه القطرة. ثانيًا، يحاول الماء أن يرتفع إلى الأعلى بسرعة من أجل استقامة سطحه، وكي يغطّي الفجوة الفراغية الناجمة عن سقوط هذه القطرة. ثالثاً، بسبب محاولة الماء السريعة لملء الثقب المتشكّل، تتشكّل أيضاً فقاعة صغيرة مباشرةٍ تحت هذا التجويف. رابعًا، تهتز الفقاعة الناتجة من ارتفاع الماء، حتّى يلمس سقفها قاع الفجوة الناتجة من سقوط القطرة، كي تنفجر الفقاعة ويخرج الهواء، وهنا تماماً يصدر الصوت!




ويقوم سام فيليبس، وهو عالم صوتيات أيضاً من كامبريدج شارك في المشروع، بأنَّهم تمكّنوا من سماع اهتزاز الفقاعة ومراقبة آلية انفجارها، باستخدام مكبّرات صوت حساسة جدًا، وكاميرات عالية الدقة، وقادرة على تبطيء المشهد. ولولا هذه التكنولوجيا المتقدمَّة لما تمكّن العلماء من رصد هذه الظاهرة التي نعيشها يومياً، ودون أن نفهم الآلية العلمية الفيزيائيَّة لتشكّلها. إذًا، الفقاعة المتشكلة داخل الماء هي المسؤولة بدرجة أساسيَّة عن الصوت الصادر.

لأكثر من قرنٍ من الزمان، انشغل العلماء بهذه الظاهرة. والأبحاث الأولى لفهم أصوات قطرات الماء المرتدّة، تعود تقريبًا إلى عام 1908. ووفقًا للباحثين، فإنّ هذه النتائج سوف تفيدهم بدرجة أساسيَّة على مستويين، الأول، قياس كثافة هطول الأمطار بكفاءةٍ أكبر، عن طريق قياس شدّة صوت، فكلمّا كان الارتطام أقوى، كان الصوت أشدّ، أما الثاني، فهو تقليد دقيق وواقعي بشكل مطلق، لصوت قطرات الماء في الأفلام وألعاب الكومبيوتر. وفي نهاية البحث، اقترح العلماء مجموعة من المواد الكيميائيَّة والتي من الممكن إضافتها إلى الماء، إذْ تخفف التوتر السطحي، وتمنع تشكيل صوت هبوط الماء.
دلالات
المساهمون