عواطف السقا... المرأة الفلسطينية في رحلتها الطويلة

11 أكتوبر 2018
تسلط المعارض على الحياة (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -
وقفت الفنانة الفلسطينية عواطف السقا بين لوحتي "هاجر" و"إرادة"، اللتين جسدتا حكاية رحلة طويلة لسيدة فلسطينية مع مرض أسقط شعرها، وإصرارها على الحياة رغم المرض، لكنها لم تتمكن من التغلب عليه وفارقت الحياة، وقد ألبستها الثوب الفلسطيني، الذي لم يخف - رغم جماله - الحزن الظاهر في عينيها.
وتضمن معرض "تفاصيل" الذي افتتحته الفنانة السقا في مقر المعهد الفرنسي، غربي مدينة غزة، مجموعة من لوحاتها التشكيلية، التي تطرقت إلى قصص نحو عشرين سيدة فلسطينية جسدتها لوحاتها، تخليداً لذكراهن، وتأكيداً على أهمية دور المرأة في المجتمع، وذلك بحضور لفيف من الشخصيات والفنانين الفلسطينيين.
أما لوحة "ريحانة"، فقد جسدت قصة امرأة فلسطينية طموحة تساندها امرأة أخرى، وقد غلب على اللوحة اللون الأخضر، دلالة على التفاؤل والإيجابية، جاورتها لوحة "جفرا"، ولوحة "بقايا إنسان" والتي تعكس بعض الصعوبات.
وتناولت السقا واقع مدينة غزة المحاصر في لوحة "حرية"، حيث جسدت فيها سرباً من السمك المحاصر، مع وجود سلم للنجاة، في إشارة منها إلى الأمل المنشود بالحرية، ولوحة "مَرسى"، والتي تحدثت عن معاناة البحر المغلق بفعل الحصار الإسرائيلي.
ولمّحت إلى رغبة المرأة الفلسطينية في الحرية والتحرر من القيود بلوحة "تمرد"، والتي اشتملت على عدة نساء ذوات توجهات مختلفة، تدلل على عدم التوافق والتمرد، بينما ضم المعرض مجموعة لوحات فنية أخرى تعكس العديد من قصص المكافحات الفلسطينيات.
وتقول الفنانة عواطف السقا، وهي خريجة بكالوريوس فنون جميلة من جامعة الأقصى، لـ"العربي الجديد"، إنها بدأت مشوارها الفني بعد انتهاء المرحلة الثانوية، حين قررت دراسة الفنون، وشاركت في دورات فنية متنوعة بهدف تنمية وصقل موهبتها في الرسم.
وشاركت عواطف في مجموعة معارض متنوعة داخل قطاع غزة، وفي الضفة الغربية، وجمهورية مصر العربية وبريطانيا والإمارات وكندا والأردن، إلى جانب تنظيم معارض محلية، والإشراف على ورش عمل خاصة بخريجي كلية الفنون، وشاركت في جلسات متنوعة في مجال الفنون البصرية.
وتبين الفنانة السقا أنها وعلى الرغم من ذلك لم تتمكن من الالتحاق بمجموعة من المعارض الدولية نتيجة عدم قدرتها على مغادرة قطاع غزة، مضيفة: "حصلت على دعوات للمشاركة بمعارض في الخارج، ولكني لم أتمكن من الخروج رغم كوني عضوا في الاتحاد العالمي للفنانين المبدعين للقرن 21، وعضو شرف في جمعية الرواد للفنون التشكيلية وأرت غاليري توداي ــ الأردن".
وتشير إلى أن فكرة معرض "تفاصيل" تمحورت حول المرأة وحياتها وإنجازاتها، مفسرة ذلك بالقول: "بداية بالمرأة الفلسطينية الأولى التي وضعت حجر الأساس للفنون الشعبية الفلسطينية والتي ابتكرت وحدات التطريز من البيئة المحيطة بها، مرورا بالمرأة التي عاصرت النكبة بكل ويلاتها".
وتتابع السقا: "كذلك تطرقت زوايا لوحاتي للمرأة التي عاشت مراحل النزوح، والمخيمات، والمرأة التي تعيش تحت الاحتلال الإسرائيلي، والتي فرضت عليها حياة صعبة، حرمت على أثرها من أبسط حقوقها، وتحديداً المرأة هنا في غزة والتي تعاني الحصار والمرض، ولا تستطيع تلقي العلاج بالكامل والمحرومة من السفر لتكملة دراستها أو لزيارة أهلها".
والمعرض يحتوي على 20 لوحة فنية ذات أحجام كبيرة، والتقنية المستخدمة في تشكيلها ارتكزت على "ألوان الكريليك على لوحات كانفس، واستخدمت تقنية الاستنسل مع تقنية الغرافيكس، بأسلوب رمزي انطباعي".

وفي ما يتعلق بتقييمها لإقبال الناس على المعارض الفنية وتذوق الفنون، توضح أن الناس في الوقت الحالي باتت لديهم نظرة فنية أفضل من السابق، "وأصبحوا يدركون معنى الفن التشكيلي"، مستدركة "لكن الإقبال على اقتناء هذه اللوحات قليل نتيجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة، والتي أثرت على بيع اللوحات".
ومع ذلك تؤكد عواطف على أهمية المعارض الفنية للمجتمعات عموماً وللقضية الفلسطينية على وجه التحديد، وذلك لأنها تسلط الضوء على جوانب مهمة من الحياة والقصص اليومية، وخاصة أنها فنون بصرية تحمل رسالة قوية، إلى جانب كونها توثق كل أحداث المجتمع.

وتوضح: "تعرفنا على تفاصيل النكبة الفلسطينية من خلال أعمال الفنانين الرواد الذين عاصروا أحداثها ورسموها". وتبين السقا أنها وعلى الرغم من التهميش للثقافة والفنون في المجتمع الفلسطيني، إلا أنها حاولت عبر معرضها إيصال رسالة أن المرأة هي أساس المجتمع، وأنها المجاهدة والصابرة والمعطاءة، مختتمة بالقول "معرضي هدية للمرأة".
دلالات
المساهمون