"عندنا" للوكاس بلفو: الخطاب العنصري أقوى

20 فبراير 2017
من "عندنا" للوكاس بلفو: أسئلة الانقلاب
+ الخط -
قبل أسابيع قليلة على بدء عروضه التجارية الفرنسية، في 22 فبراير/ شباط 2017، تعرّض "عندنا" (إنتاج فرنسي بلجيكي، 2017، 118 دقيقة) للبلجيكي لوكاس بَلفو (مواليد نامور، 1961)، لحملة مركّزة من قِبَل "الجبهة الوطنية" الفرنسية، "من دون أن يُشاهده أحدٌ من أعضائها"، كما يُردِّد عاملون في الفيلم.

سبب ذلك واضح: يغوص الفيلم في أعماق اختبارٍ إنسانيّ، تعيشه أوروبا حالياً بأشكالٍ مختلفة، يتمثّل بالتزام أناسٍ عديدين أفكاراً عنصرية ومتشدّدة ومتزمّتة، مع أنهم ـ في سلوكهم وعلاقاتهم وأنماط عيشهم ـ لا يُبدون أي التزام كهذا.

النقاش مفتوحٌ على أنماط مختلفة من التفكير والتحليل والتفكيك، سوسيولوجياً وسيكولوجياً وثقافياً. "عندنا" لن يطرح أجوبة، ولن يُقدِّم حلولاً. الانخراط في صفوف "الجبهة الوطنية"، أقلّه على مستوى التصويت لأعضائها في انتخابات فرنسية مختلفة، يُشبه انصرافاً أوروبياً إلى اليمين المتطرّف في دول عديدة، في الأعوام القليلة الفائتة، لأسبابٍ كثيرة، لن تُختَزل، فقط، بمسألة اللاجئين القادمين إلى القارة القديمة، من دولهم الغارقة في الحروب والموت والعنف والاضطهاد. مع هذا، يحاول لوكاس بَلفو، في فيلمه الجديد، مرافقة التحوّل، عبر متابعة أحوال الممرِّضة بولين (إيميلي دوكان)، الناشئة في ثقافة ليبرالية ويسارية منفتحة، والمتأثّرة كلّياً، فيما بعد، بخطاب رئيسة "الحزب الوطني" أنياس دورجال (كاترين جاكوب)، المرتكز (أقلّه بشكل ظاهرٍ) على دفاعٍ عن حقوق العمّال والطبقة العاملة.

تواجه بولين تحدّيات شتّى في حياتها اليومية، قبل تحوّلها السياسي. فالممرِّضة النشيطة تُضطّر إلى التوفيق بين عملها الذي يجعلها تعيش مآسي أناسٍ كثيرين، وأولادها الذين تُربّيهم لوحدها، ووالدها، العامل بالمعادن، الذي يُقيم معها بعد تقاعده. تتأثّر تدريجياً بخطاب "الحزب الوطني"، قبل موافقتها على اقتراحٍ يقضي بترشّحها باسمه في الانتخابات البلدية المقبلة، في منطقتها "با دي كالي" (الشمال الفرنسي). هذا سيجعل عديدين من أبناء بلدتها ينفضّون عنها.

يُحدِّد لوكاس بَلفو العالم الدراميّ ـ الإنسانيّ لـ "عندنا" بأسئلة واضحة: "لماذا ينتخب بعض الأشخاص نقيض مصالحهم؟ لماذا انتخاب "الجبهة الوطنية" يتقدّم في الأوساط الشعبية؟ ماذا يفعلون كي يكسبوا، لقضيتهم، أناساً يظهرون بعيدين عما يُصبحون عليه (لاحقاً)؟". يُضيف أن هذا كلّه يُثير حشريته، ويُشعره بالألم: "الناس يتبدّلون، لأن هناك حرماناً وفقدان ذاكرة. هناك من ينخرط بهذا رغم كلّ شيء بفعل العدمية؛ وهناك من لا يعرف (لأن انتقال المعرفة لم يتمّ، وهذا يُعبِّر الفيلم عنه بالعلاقة القائمة بين بولين ووالدها). يتمثّل خطاب "الجبهة الوطنية" بالـ "نقيض"، (وهو) يُغيّر طبيعته بحسب الناس الذين يتوجّه إليهم". (حوار مع باسكال ميريجو، منشور في المجلة الأسبوعية الفرنسية "لو نوفيل أوبسرفاتور"، 16 شباط/ فبراير 2017).
تُرى، كيف سيُستَقْبل "عندنا"، بعد عرضه التجاريّ في فرنسا؟

المساهمون