منزل هتلر في النمسا: كيف يُطمس الماضي؟

11 يناير 2017
تتخوّف الحكومة النمساوية من تحوّل المنزل لمزار للنازيين (Getty)
+ الخط -
يزداد الخوف يوماً بعد يوم من النازيين الجدد في أوروبا. ولا سيما بعد ارتفاع عدد اللاجئين إليها. ورغم فرض قوانين صارمة ضد أي مظهر من مظاهر النازية، إلا أنَّه لا يمكن نكران حالات التعنيف والتهجُّم التي تعرض لها اللاجئون من قبل بعض النازيين الجديد، والمتطرفين اليمينيين، رغم كل المحاولات التي تبذلها ألمانيا لنسيان تاريخها المرتبط بالنازية بشكل مباشر.

وحتى وإن كانت تحاول باستمرار تقديم نفسها بصورة أفضل، من خلال انفتاحها ومواقفها الإنسانية وسعيها لبناء حضارة بعيدة عن ذلك التاريخ الدموي، إلا أن الخطورة تكمن في إيمان بعض الألمان من النازيين الجدد بفكرة أن ألمانيا تدفع ثمن خسارتها في الحرب العالمية الثانية باستقبال لاجئين من الدول النامية كمصر وسورية والسودان والعراق وأفغانستان.
وقد استغل النازيّون الجدد غضب بعض الأوروبيين من استقطاب اللاجئين للترويج لحزبهم وأفكارهم المتطرّفة. وطاول ذلك التخوُّف النمسا التي تحتضِن البيت الذي وُلِد فيه زعيم النازية، أدولف هتلر. فالمنزل الذي ولد فيه هتلر، يقع في مدينة "براونو ام اين" الواقعة عند الحدود النمساوية مع بافاريا الألمانية. ورغم أن هتلر لم يمكث في المنزل إلا سنة واحدة عقب ولادته، إلا أنَّ المنزل تحوّل في الماضي البعيد إلى مزارٍ للعديد من السياح، إلى أن أقفل في عام 1941. وشهدَ المنزل صراعاً طويل الأمد من قبل مالكيه الذين يرفضون بيعه أو إجراء أي تعديل أو تغيير فيه مع الحكومة النمساوية التي حاولت بشكل مستمر التخلُّص من إرث يربطها بذلك التاريخ، إضافةً إلى تخوُّفها من أن يصبح المنزل مزاراً مقدساً بالنسبة للنازيين الجدد ومعجبي هتلر.
وحاولت الحكومةُ أن تغيّر الطابع الذي اتسم بهِ المنزل، بتحويله لمركز لإحدى الجمعيات التي ترعى ذوي الاحتياجات الخاصة خلال السنوات التي استطاعت فيها استئجار المنزل. إضافةً إلى ذلك، وضعت الحكومة النمساويّة أمام منزل هتلر، نُصْباً تذكاريّاً كُتِبَ عليه: "ذكرى مهداة لملايين الضحايا من أجل السلام والحرية والديمقراطية ضد الفاشية". ورغم الملكية الخاصة لورثة المنزل، استطاعت الحكومة النمساوية، في نهاية العام الماضي، مصادرة المنزل، والتعويض المادي لمالكيه. ومنذ صدور ذلك القرار، والفرضيات حول مصير منزل هتلر لا تنتهي، فالعديد رجح فرضية هدم البناء، والبعض رجح فكرة تعديل البناء وتحويله إلى مركز لذوي الاحتياجات الخاصة. وكل الفرضيات التي تنبأت بها الصحف، تصبُّ في طمس هذا المعلم النازي، رغم اعتراض المؤسّسات الثقافية التي اعتبرت المنزل جزءاً من إرث المدنية الذي كتبه التاريخ.
ويبقى السؤال: هل يمكن لهدم المنزل أن يُنسي العالم صورة هتلر التي لا تزال حاضرة في جميع الأعمال الفنية من سينما وتلفزيون ومسرح بعد كل هذا الزمن؟ وهل هدم المنزل سيحذف ماضي تلك الدول من صفحات التاريخ؟ أم أن طمس ملامح المعلم النازي، ناجم عن الخوف من عودة النازية؟
وجدير بالذكر، أنّ قرار الاستيلاء على المنزل، جاء متزامناً مع الإحصائيات التي تؤكّد بأنّ النسخة الجديدة من كتاب "كفاحي" لأدولف هتلر، هي الأكثر مبيعاً في العام الماضي في أوروبا. فهل ستنفع مخططات طمس المعالم النازية في القضاء على التكتّل النازي الجديد؟

المساهمون