الأمطار تطرد شبح الجفاف عن المغرب

09 نوفمبر 2014
المزارعين في المغرب سعداء بهطول الأمطار (أرشيف/getty)
+ الخط -

عندما اتصلت "العربي الجديد"، بأحمد أوعياش، رئيس الكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية، التي تضم أهم القطاعات الإنتاجية في المغرب، بدا سعيدا بالأمطار، وهو الذي عبّر قبل أيام عن تخوفه من تأخر التساقطات المطرية، الشيٍء الذي يؤثر سلبا على محصول الحبوب الذي يعول عليه المغرب كثيرا في النمو الاقتصادي.

في الوقت نفسه ينتظر، أوعياش، أن تفضي التساقطات المطرية إذا كانت منتظمة وموزعة بالشكل المطلوب بين أرجاء المملكة، في تعزيز المخزون من المياه الجوفية، الذي أثار تخوفات الكثيرين في الأشهر الأخيرة.

بعد طول انتظار

وقال المسؤول الإعلامي في مديرية الأرصاد الجوية، الحسين بوعايد، في تصريح صحافي، إن التساقطات المطرية التي يشهدها المغرب منذ الثلاثاء، طالت مناطق الشمال الغربي من البلاد والمناطق الوسطى والشرقية والمناطق الأطلسية في شمال مدينة "الصويرة" وشمال الأقاليم الجنوبية.

ويتابع المزارعون بالكثير من الحرص، النشرات الجوية في المغرب، فقد نال ارتفاع درجات الحرارة من معنوياتهم في الفترة الأخيرة.

هذا ما يؤكد عليه، خالد بنسليمان، الفلاح الذي يتخصص في الحبوب، في منطقة "الرماني" غير بعيد عن العاصمة الرباط، حيث ذهب إلى أن تأخر الأمطار وارتفاع درجات الحرارة، دفع المزارعين إلى عدم المغامرة بالإقبال على عملية الزرع، وإن كانوا شرعوا منذ بداية شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي في الحرث.

ويبدو أن التساقطات المطرية الأخيرة، أسعفت كثيرا وزير الفلاحة والصيد البحري، عزيز أخنوش، حيث تزامنت مع حلوله بالبرلمان، يوم الثلاثاء الماضي، من أجل الإجابة عن تساؤلات النواب الذين انتابهم القلق حول تأخر التساقطات المطرية.

فقد أكد الوزير حين حلوله بالبرلمان أن "الموسم الفلاحي بدأ في ظروف جيدة، رغم تأخر الأمطار"، معلنا حرث نحو 1.65 مليون هكتار من الأراضي المخصصة للحبوب، ووضع 2.5 مليون قنطار من الحبوب المختارة رهن إشارة المزارعين بأسعار مناسبة لبدء الموسم.

وعند التطرق للإعانات الموجهة للمزارعين، أوضح أن الحكومة بصدد زيادتها خلال السنة القادمة، حيث ينتظر أن تصل إلى 307 ملايين دولار، مقابل 295 مليون دولار في السنة الحالية.

هواجس المزارعين

ويبقي محصول الحبوب في المغرب مرتبطا بالتساقطات المطرية. فرغم تأكيد وزير الفلاحة والصيد البحري، على أن "المساحة التي تعتمد على الري المنتظم سترتفع في السنة القادمة إلى 460 ألف هكتار"، إلا أن المساحة المزروعة بالحبوب التي تعتمد على التساقطات المطرية، تمثل أكثر من 90% من إجمالي المساحة البالغة خمسة ملايين هكتار.

ويسعى المغرب إلى تقليص مساحة الأراضي المزروعة بالحبوب من 5 إلى 4.2 مليون هكتار، وتكثيف استعمال البذور المختارة. بما يساعد على رفع المردودية دون استعمال مساحة كبرى من الأراضي.

وقال رئيس الاتحاد النقابي الفلاحي، محمد هاكش، الذي يدافع عن مصالح العمال، في تصريح لـ "العربي الجديد"، إن نسبة بيع البذور المختارة لا تتجاوز 10% رغم توفرها في عدد من نقاط البيع.

ذلك ما يؤكده مزارعون استطلعت "العربي الجديد" آراءهم في عدد من المناطق، حيث شددوا على أنه لا يمكن للمزارعين المغامرة بشراء بذور الحبوب المختارة، في ظل تأخر التساقطات المطرية، خاصة في ظل شح الموارد المالية بعد حصاد السنة الماضية الذي جاء دون المأمول.
ويُفضي الاعتماد على التساقطات المطرية إلى عدم استقرار محصول الحبوب.

فقد أعلنت الحكومة في السنة الماضية عن بلوغ المحصول 67.5 مليون قنطار، بانخفاض 20% عن السنة التي قبلها، التي وصل فيها المحصول إلى 97 مليون قنطار، علما أن السياسة الزراعية التي يعتمدها المغرب منذ أكثر من ثماني سنوات، تراهن على محصول يصل في المتوسط إلى 70 مليون قنطار.

ولم يُخف مزارعون، ترددهم في الإقبال على الحرث والزرع بسبب ارتفاع التكاليف سواء تعلق الأمر بالبذور المختارة أو السماد أو السولار الذي ارتفعت أسعاره، بعدما قررت الحكومة رفع الدعم عن المحروقات.

هذا ما يدفع البعض إلى المطالبة بإعادة جدولة ديون المزارعين، وإتاحة قروض بمعدلات فائدة منخفضة وتوسيع المساحات المشمولة بالتأمين الذي مازال مقتصرا على بعض المناطق دون غيرها.

ودعا مصرف "القرض الفلاحي"، المملوك للدولة المغربية، المزارعين قبل أيام، كي يضعوا ملفاتهم لدى البنك من أجل تمويل مشاريعهم في الموسم الزراعي الحالي. ووعد المصرف بالتجاوب بسرعة مع طلبات القروض وتقديم تسهيلات جادة على القروض في مسعى لتنفيذ المشاريع الزراعية.

وتعول الحكومة على محصول الحبوب من أجل بلوغ معدل النمو الاقتصادي الذي توقعته، حيث دأبت على بناء تقديراتها للنمو على 70 مليون قنطار في السنة. ففي السنة الجارية التي اتسمت بانحصار المحصول في حدود 67 مليون قنطار وتواضع أداء القطاعات غير الزراعية، انتهت توقعات المندوبية السامية للتخطيط، إلى أن معدل النمو لن يتعدى 2.4%.

مستورِد نَهِم

ويعتبر المغرب، أحد أكبر مستوردي الحبوب من الخارج، حيث تتراوح المشتريات، بين 30 و50 مليون قنطار سنويا، الشيء الذي يساهم في تفاقم عجز الميزان التجاري ويؤثر على رصيد البلد من العملة الصعبة.

ويشير مكتب الصرف، التابع لوزارة الاقتصاد والمالية، في بيانات صدرت الأسبوع الماضي، إلى أن مشتريات المغرب من الحبوب في الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري بلغت 1.57 مليار دولار، مقابل 1.16 مليار دولار في الفترة نفسها من العام الماضي، علما أن سعر الحبوب تراجع من 325 دولارا للطن إلى 274 دولارا.

وعزت البيانات، هذه الزيادة في قيمة واردات الحبوب، إلى ارتفاع كميات الواردات بنحو 59.9%، لتقفز من 35 مليون قنطار إلى 57 مليون قنطار.

الطن= 21 قنطارا
دلالات
المساهمون