بريطانيا تستقطب الاستثمارات القطريّة

27 أكتوبر 2014
استثمارات قطرية كبيرة في بريطانيا (Getty)
+ الخط -

يبدو أن قطر التي تمتلك صندوقاً سيادياً ضخماً يتجاوز رأسماله مائة مليار دولار تستغله في الاستثمارات الخارجية، لم تصرف أنظارها بعد عن السوق البريطانية، رغم ضخ استثمارات تتجاوز 40 مليار دولار هناك.

ولا تقف حدود الاستثمارات المتبادلة بين البلدين عند حد المشروعات القطرية الضخمة في المملكة المتحدة، إذ تشير بيانات للحكومة البريطانية إلى وجود نحو 450 شركة تعمل في السوق القطرية، من بينها عملاق صناعة النفط "شل" التي تتجاوز استثماراتها وحدها في قطر 21 مليار دولار.

ويقول أستاذ التصميم العمراني في كلية "بارتليت" للهندسة المعمارية، في جامعة لندن (UCL)، بيتر بيشوب، إنّ الاستثمارات القطريّة ساهمت في تنمية وتطوير الكثير من المناطق في أنحاء لندن، حيث كان لها أثر إيجابي في تحسين مستوى المعيشة لسكان مناطق كانت مهمّشة في جنوب وجنوب شرقي المدينة.

وأشار إلى أنّ الاستثمارات القطريّة في مواقع القرية الأولمبيّة ستخدم المجتمعات المحليّة في السنوات المقبلة وتخلق الكثير من فرص العمل، مما ينعكس إيجاباً على حياة السكان.
وتعتبر المملكة المتحدة وجهة رئيسية للاستثمارات القطريّة في الخارج.

ويعتبر برج "ذا شارد"، في لندن، من أبرز الاستثمارات القطريّة في العاصمة لندن، إلى جانب سلسلة متاجر "هارودز" الشهيرة، والتي اشترتها قطر مقابل 1.5 مليار جنيه إسترليني (2.4 مليار دولار) عام 2010، وسلسلة متاجر التجزئة "سينسبري"، التي تملك قطر نسبة 26% منها، فضلا عن مجمع "وان هايد بارك"، الذي يعد أغلى مجمع عقاري في العالم، وحصته تساوي 20% في سوق لندن المالية، وشركة "كامدن ماركت" العقارية، إضافة إلى حصة 20% في شركة "بي أي أي" المالكة لمطار هيثرو.

برج "ذا شارد"

وفي قلب الوسط المالي والتجاري لمدينة لندن، وبإطلالة باهرة على مباني مجلس العموم ومقر رئاسة الوزراء في ويستمنستر، يرتفع برج "ذا شارد"، الأعلى في أوروبا، شاهداً على مكانة العلاقات السياسيّة والاقتصاديّة بين قطر والمملكة المتحدة. وتمّ افتتاح البرج التجاري في منتصف عام 2012، ويبلغ ارتفاعه نحو 300 متر ويتألف من 87 طابقاً.

ويضم برج "ذا شارد" الأعلى في أوروبا، فندق "شانغريلا" الراقي، والكثير من المتاجر العالمية والمكاتب والمطاعم إلى جانب الشقق السكنيّة. وبلغت تكلفة تشييده 1.5 مليار جنيه إسترليني (2.4 مليار دولار).

القرية الأولمبيّة في لندن

عام 2011، اشترى صندوق الثروة السياديّة القطري قرية لندن الأولمبية الواقعة شرقي العاصمة البريطانية، بقيمة 557 مليون جنيه إسترليني (890 مليون دولار) في إطار مشروع مشترك مع الشركة العقارية البريطانية "دلانسي". وتضمّن عقد الشراء، الذي تشاركت فيه "الديار العقارية" القطرية و"دلانسي"، شراء كامل القرية الأولمبية وفيها 1400 شقة سكنيّة بنيت لإيواء 23 ألف رياضي خلال دورة الألعاب الأولمبية، كما تضمن عقد الشراء منطقتين خاليتين بجوار القرية لتطويرهما.

وبعد انتهاء دورة الألعاب الأولمبيّة عام 2012، باشرت الشركتان في تنفيذ مشروعهما، الذي يُتوقّع أن يضم برجاً سكنياً، يصل ارتفاعه إلى خمسين طابقاً، وبرجين آخرين يصل ارتفاع كل منهما إلى 32 طابقاً، وفندقاً ومركزاً للتسوق.

متاجر "هارودز"

تعتبر متاجر "هارودز" الأشهر في لندن، وقد اشترتها شركة قطر القابضة عام 2010، بما قدّرته وسائل الإعلام بنحو 1.5 مليار جنيه إسترليني. وتشغل متاجر "هارودز"، مساحة تصل إلى مليون قدم مربّعة في حي "نايتس بريدج" الراقي.

ويعود تاريخ متاجر "هارودز" إلى عام 1835، عندما كانت مجرّد محل بقالة في الجزء الشرقي من لندن، يملكه تاجر جملة، يدعى تشارلز هنري هارود، ثمّ انتقل المحلّ إلى منطقة شبه ريفيّة عام 1849، وهي المنطقة المعروفة حالياً بـ "نايتس بردج".

وبدأ المتجر يتوسّع ويكتسب شهرة محلية، حتى تعرّض عام 1883 لحريق، استدعى إعادة بنائه بشكله الخارجي الحالي. وفي عام 1985، اشتراه رجل الأعمال المصري، محمد الفايد، بنحو 615 مليون جنيه إسترليني. وأنفق الفايد نحو 400 مليون جنيه إسترليني، لتحسين وضع المتجر بما في ذلك واجهات المبنى الخارجيّة، والتي تعود إلى العصر البريطاني الإدواردي.

ومنذ شراء شركة "قطر القابضة" للمتاجر الشهيرة عام 2010، شرعت الشركة في تنفيذ برنامج طموح لتطوير المتاجر، وقد وصل ما أنفقته على عمليات التطوير حتى العام الماضي إلى نحو 250 مليون جنيه إسترليني. وشملت عملية التطوير خططاً لفتح سلسلة من متاجر وفنادق تحمل اسم "هارودز" في جميع أنحاء العالم. وتسعى "قطر القابضة" إلى جعل الحضور المادي لمتاجر "هارودز" يتجاوز حدود لندن.

تجارة متبادلة

وفي سياق التبادل التجاري بين بريطانيا وقطر، تشير الأرقام، الصادرة عن السفارة البريطانيّة في الدوحة، إلى أنّ الدولة الخليجية تُعدّ ثالث أكبر سوق بالنسبة إلى المملكة المتحدة في منطقة الخليج، بعد الإمارات والسعوديّة، حيث ارتفعت قيمة الواردات الإنجليزية لقطر من 363 مليون جنيه إسترليني عام 2005 إلى 1.31 مليار جنيه إسترليني عام 2012، في حين بلغت قيمة الواردات القطريّة لبريطانيا 3.7 مليار جنيه إسترليني، بانخفاض 23% عن عام 2011، ومعظم صادرات قطر إلى المملكة المتحدة هي الغاز الطبيعي المسال.

ويسعى منتدى الأعمال القطري البريطاني، منذ تأسيسه عام 1992، إلى دعم العلاقات التجارية بين البلدين، حيث بلغ عدد المنتسبين إليه نحو 500 عضو، فيما يبلغ تعداد الجالية البريطانية في قطر 20 ألف مواطن بريطاني، وتقوم السفارة البريطانية في الدوحة بتمثيل نحو 10 آلاف مواطن من دول اتحاد الكومنولث غير ممثلة في دولة قطر، فيما منحت السفارة البريطانية في الدوحة لنحو 40 ألفاً من المواطنين القطريين تأشيرات لزيارة بريطانيا، العام الماضي.
المساهمون