3 مؤشرات تضرب الاقتصاد البريطاني مع بداية 2025.. تكاليف الاقتراض والغلاء وتراجع البناء
استمع إلى الملخص
- ارتفعت أسعار البقالة في بريطانيا بنسبة 3.7% في ديسمبر 2024، مما أدى إلى إنفاق قياسي للأسر خلال عيد الميلاد، بينما كانت مبيعات التجزئة متواضعة بزيادة 0.4% فقط، مع تباين أداء السوبرماركت بين "أسدا" و"تيسكو".
- يواجه قطاع البناء تحديات مع انخفاض بناء المساكن وتباطؤ النمو، حيث انخفض مؤشر مديري المشتريات إلى 53.3 في ديسمبر، متأثراً بأسعار الفائدة المرتفعة وثقة المستهلك الهشة، رغم بعض علامات التعافي بعد موازنة حزب العمال.
مع بداية العام 2025، تبرز ثلاثة مؤشرات أُعلنت في لندن اليوم الثلاثاء، يبدو أن الاقتصاد البريطاني سيواجه تبعاتها هذه السنة، من الارتفاع الحاد لتكاليف الاقتراض، والغلاء المستفحل لأسعار المستهلكين، إلى انحسار بناء المساكن للشهر الثالث في ما يُشكل انتكاسة لحكومة كير ستارمر. وفي تفاصيل أوردتها بلومبيرغ، ارتفعت تكاليف الاقتراض الطويلة الأجل في المملكة المتحدة إلى أعلى مستوى لها منذ عام 1998، مع إفساح التجار المجال لبيع الديون.
وارتفع العائد على سندات الخزانة البريطانية لأجل 30 عاماً ثلاث نقاط أساس إلى 5.21% اليوم الثلاثاء، في خطوة تسبق مزاد سندات بقيمة 2.25 مليار جنيه إسترليني (2.8 مليار دولار)، علماً أن السندات البريطانية كانت تحت الضغط منذ أواخر العام الماضي، حيث يخشى المستثمرون بشأن آفاق الدين المتضخم في البلاد. وقد أعلنت حكومة حزب العمال خططاً لبيع مجموعة قياسية تقريباً من السندات في السنة المالية الحالية.
كما أثرت احتمالات خفض أسعار الفائدة من قبل بنك إنكلترا (المركزي) بشكل أقل مما كان متوقعاً في البداية على السندات، في حين يراهن المتداولون في الاقتصاد البريطاني على أن البنك المركزي سينفذ تخفيضين بربع نقطة هذا العام، مقارنة بالرهانات على أكثر من ثلاثة في بداية الشهر الماضي.
ارتفع العائد على سندات الخزانة البريطانية لأجل 30 عاماً ثلاث نقاط أساس إلى 5.21%، في خطوة تسبق مزاد سندات بقيمة 2.8 مليار دولار
وفي تقرير منفصل، أوردت بلومبيرغ أن معدل التضخم في أسعار البقالة في الاقتصاد البريطاني ارتفع خلال ديسمبر/كانون الأول المنصرم، مع وصول إنفاق الأسر خلال عيد الميلاد إلى مستوى قياسي، حيث قالت شركة الأبحاث "كانتار" (Kantar) في بيان اليوم الثلاثاء، إن أسعار السوبرماركت زادت 3.7% في الأسابيع الأربعة المنتهية في 29 ديسمبر مقارنة بالعام السابق. وهذا أعلى من ارتفاع بنسبة 2.6% خلال الفترة السابقة، وأعلى مستوى منذ مارس/آذار 2024، مشيرة إلى أن المبيعات الإجمالية في محلات البقالة زادت 2.1% خلال الفترة. ولفتت "كانتار" إلى أن إنفاق الأسر على البقالة سجل رقماً قياسياً خلال عيد الميلاد عند 460 جنيهاً إسترلينياً (577 دولاراً) في المتوسط.
وتتناقض البيانات من محلات السوبرماركت مع الصورة الأولية من تجار التجزئة في الأسواق الرئيسية. فقد أظهرت أرقام منفصلة من اتحاد التجزئة البريطاني و"كيه بي إم جي" (KPMG) نُشرت اليوم الثلاثاء، أن مبيعات التجزئة ارتفعت بنسبة 0.4% في الأشهر الثلاثة حتى ديسمبر مقارنة بالعام الماضي، وهي زيادة متواضعة لفترة رئيسية بما في ذلك الجمعة السوداء وعيد الميلاد.
ونقلت الشبكة عن رئيس قسم التجزئة والتحليل الاستهلاكي في "كانتار"، فريزر ماكفيت، قوله إنه "على النقيض من التقارير التي تحدثت عن إقبال مخيب للآمال في بقية الشوارع الرئيسية، كانت القصة مختلفة تماماً في عالم البقالة". ووفقاً لكانتار، كانت شركة "تيسكو بي إل سي" (Tesco)، أكبر سوبرماركت في بريطانيا، واحدة من الرابحين الرئيسيين في فترة عيد الميلاد، حيث شهدت نمواً بنسبة 5% على مدار 12 أسبوعاً حتى 29 ديسمبر، لترتفع حصتها في السوق إلى 28.5%.
زادت أسعار السوبرماركت 3.7% في الأسابيع الأربعة المنتهية في 29 ديسمبر، وهذا أعلى من ارتفاع بنسبة 2.6% خلال الفترة السابقة، وأعلى مستوى منذ مارس/آذار 2024
في المقابل، انخفضت المبيعات في "أسدا" (Asda) المملوكة للقطاع الخاص بنسبة 5.8% خلال الفترة نفسها، ما أضاف إلى أشهر من الانخفاضات في السوبرماركت المتعثرة. ومع ذلك، تتزايد مخاوف تجار التجزئة بشكل عام بشأن تأثير ارتفاع الضرائب وحالة الاقتصاد البريطاني في الفترات القادمة. تتوقع "بي أر سي" (BRC) نمو المبيعات بنسبة 1.2% في المتوسط هذا العام، وهو أقل من توقعاتها لتضخم أسعار المتاجر بنسبة 1.8%.
وفي وقت سابق اليوم الثلاثاء، قالت شركة "نيكست بي إل سي" (Next Plc) إنه سيكون هناك تباطؤ في المبيعات والأرباح خلال العام المقبل مع تأثير زيادات الضرائب. وقد حذر تجار التجزئة منذ أسابيع من أن زيادات الضرائب في ميزانية وزيرة المالية راشيل ريفز ستؤدي إلى تأجيج التضخم وإجبارهم على تمرير التكاليف إلى المستهلكين. أعلنت حكومة حزب العمال تدابير لزيادة الإيرادات بقيمة تزيد عن 40 مليار جنيه إسترليني (50.2 مليار دولار) في محاولتها لإصلاح الخدمة الصحية الوطنية والبنية التحتية، مع ارتفاع ضرائب الرواتب باعتبارها أكبر مكون.
انخفاض بناء المساكن يهدد الاقتصاد البريطاني
وفي مؤشر سلبي آخر في ما يخص الاقتصاد البريطاني الذي يواجه تحديات جمّة، انخفض بناء المساكن في المملكة المتحدة بأسرع وتيرة في ستة أشهر، حيث هددت أسعار الفائدة المرتفعة وثقة المستهلك الهشة بإعاقة تعهد حكومة حزب العمال بتعزيز البناء. وبحسب بلومبيرغ، انخفض مؤشر مديري المشتريات الرئيسي لقطاع البناء التابع لشركة "ستاندرد أند بورز غلوبال" (S&P Global) إلى 53.3 في ديسمبر، انخفاضاً من 55.2 في الشهر السابق. وكان الانخفاض أكبر من الانخفاض إلى 54.4 الذي توقعه خبراء الاقتصاد رغم أن المؤشر ظل فوق عتبة 50 مما يشير إلى النمو.
وانخفض القطاع بسبب الانخفاض الثالث على التوالي في مؤشر البناء الفرعي للمساكن، وهو التدهور الذي سيقلق رئيس الوزراء كير ستارمر الذي وعد ببناء 1.5 مليون منزل على مدى خمس سنوات. وقد بدأ الوعد ببطء بعد أن خفضت شركات بناء المساكن الخاصة المشاريع استجابة للطلب الأضعف وأسعار الفائدة المرتفعة. ويأمل ستارمر أن تؤدي إصلاحات قواعد التخطيط إلى المزيد من البناء وتخفيف أزمة الإسكان التي منعت العديد من الناخبين الشباب من الحصول على موطئ قدم على سلم العقارات.
تهدد أسعار الفائدة المرتفعة وثقة المستهلك الهشة بإعاقة تعهد حكومة حزب العمال بتعزيز قطاع البناء وتشييد المزيد من المساكن التي تكفي الحاجة
ويمكن لشركات بناء المساكن زيادة البناء مرة أخرى إذا اكتسب تعافي سوق العقارات زخماً في عام 2025 مع انخفاض أسعار الفائدة. ونقلت بلومبيرغ عن مدير الاقتصاد في "ستاندرد أند بورز غلوبال ماركت إنتلجنس" (S&P Global Market Intelligence)، تيم مور، قوله إن بيانات ديسمبر تشير إلى "فقدان الزخم" في القطاع مع قيام الشركات بالإبلاغ عن "رياح معاكسة من تكاليف الاقتراض المرتفعة وتأثير ثقة المستهلك الهشة"، مشيراً إلى أن "المخاوف بشأن توقعات الطلب أثرت على توقعات نمو قطاع البناء لعام 2025".
وكشفت البيانات أيضاً عن استمرار ضغوط الأجور في قطاع البناء، مع ارتفاع الأسعار التي يتقاضاها المقاولون من الباطن بأسرع معدل منذ إبريل/نيسان 2023. وفي حين أظهر مسح الأعمال الذي خضع للمراقبة من كثب أن البناء التجاري والهندسة المدنية لا يزالان في منطقة النمو، فقد عانى كلاهما التباطؤ. وكان نمو الطلبات الجديدة بشكل عام هو الأضعف منذ يونيو/حزيران وخفضت الشركات شراء المواد لأول مرة في ثمانية أشهر.
كما سُجّل انخفاض في الطلبيات الجديدة في الربع الأول من عام 2020، إذ انخفضت أسعار المواد الخام بنسبة 1.2%. وكانت هناك علامات على تعافي الثقة بعد انخفاضها في أعقاب موازنة حزب العمال في أكتوبر/تشرين الأول. وقد توقع نصف الشركات تقريباً ارتفاع إنتاجها هذا العام، مقارنة بـ 15% توقعت انخفاضه، ما يُعتبر تحسّناً عن نوفمبر 2024.